«القيصرية» تسرد تاريخ 200 عام... وتستدعي الانغماس في روحانيات رمضان

«القيصرية» تسرد تاريخ 200 عام... وتستدعي الانغماس في روحانيات رمضان
TT

«القيصرية» تسرد تاريخ 200 عام... وتستدعي الانغماس في روحانيات رمضان

«القيصرية» تسرد تاريخ 200 عام... وتستدعي الانغماس في روحانيات رمضان

ما بين عمق التراث التاريخي وعراقة البناء المعماري، يجد زائر سوق القيصرية في الأحساء (شرق السعودية) نفسه، في مكان يتيح له فرصة الانغماس في روحانية شهر رمضان، حيث يتزايد مرتادو السوق بعد صلاة التراويح، بالنظر لكونها أقدم سوق شعبي شرق السعودية، وأكبر سوق تراثية مسقوفة في منطقة الخليج العربي، في تاريخ يمتد لنحو قرنين من الزمان.
من الممكن القول، إن القيصرية هي سوق جامعة لكل شيء، فلا سلعة تغيب عن دكاكينها المتراصة، التي تفوح منها روائح التوابل والبهارات القادرة على تحسين مذاق أطعمة رمضان، برفقة الأرز الحساوي الشهير، يجاورها دكاكين بيع الثياب التقليدية والمشالح الحساوية، ومحلات الأقمشة والأواني المنزلية، وغيرها، في ممرات ضيقة وطويلة، يكسر رتابتها بعض المقاهي، التي يحتسي فيها الزوار الشاي والقهوة.
في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يوضح المرشد السياحي عبد العزيز العمير قائلاً: «إن سوق القيصرية، هي معلم تاريخي لأهل الخليج، الذين يرتادون الأحساء للتبضع»، ويضيف، «وتمثل هذه السوق تاريخاً وحضارة وهوية. إنها ذاكرة أهل الخليج الجميلة، التي تعود بذكرياتهم حيث عاشوا بين طرقاتها، ومنها وحدها يستطيعون شراء كل حاجياتهم».
وبسؤاله عما يميز سوق القيصرية عن غيرها من الأسواق التراثية القديمة في دول الخليج، يجيب: «الروحانية التراثية، والبناء المعماري التاريخي في سوق القيصرية، يعطي راحة للنفس، يستشعرها الزائر بمجرد دخوله إليها، والتجوّل بين طرقاتها، حيث يرى التراث المعماري والبناء الأثري، ويتذكر الأجيال الماضية ممن باعوا، وتسوقوا داخلها، ليرى تاريخ وعراقة منطقة الأحساء».
قصة القيصرية
يوضح العمير، أن الأحساء بلاد غنية بالأسواق التراثية منذ القدم، وتُعد القيصرية امتداداً لهذه الأسواق، قائلًا: «إن حضارة الأحساء تعود إلى نحو خمسة آلاف عام قبل الميلاد، ونظراً لموقعها الاستراتيجي المهم، فلقد كانت حلقة الوصل بين الشرق والغرب، في نقل البضائع عن طريق ميناء العقير، من بلاد فارس، والهند، والصين، وغيرها إلى الأحساء، بواسطة هذا الميناء الذي كان يسمى في السابق: فرضة الصين وفرضة الهند».
ويضيف العمير: «كانت البضائع تصل إلى الأحساء، من ثَم تنتشر في الجزيرة العربية، وصولاً إلى بلاد الشام، ونتيجة موقع الأحساء الاستراتيجي، وبسبب الحضارات والدول التي كانت موجودة فيها قبل ظهور الإسلام وبعده، فقد كان هناك عدد لا يستهان به من الأسواق المهمة: مثل سوق هجر، وسوق المشقر، وسوق الصفاء، وسوق جواثا، وبعضها أسواق سنوية يجتمع فيها العرب من جميع الأرجاء، ويأتيها الزوار من أماكن بعيدة».
ويفيد العمير، بأن هذه الأسواق اتسعت وصولاً إلى سوق القيصرية، الذي يؤكد أنها جاءت امتداداً للأسواق التراثية القديمة، ويتابع: «يقارب عمرها 600 عام، لكنها لم تكن في موقعها الحالي الموجود الآن، بل كانت عبارة عن محلات متفرقة في وسط حي الكوت التراثي، وكانت في ذاك الحين تجمع 102 محل، ويعود تاريخها إلى الدولة الجبرية، التي بنت مسجد الجبري في وسط الكوت، حسب وثائق تاريخية اطلعت عليها».
بعد ذلك انتقلت السوق إلى موقعها الحالي، الذي يعتبر خارج حي الكوت، حسب العمير، متوسطة ثلاثة أحياء مهمة لمدينة الهفوف، وهي: حي الكوت، وحي النعاثل، وحي الرفعة. ويتابع: «القيصرية هي من أكبر الأسواق المسقوفة التراثية قديماً على مستوي الخليج العربي»، مبيناً أن السوق الموجودة الآن في موقعها الحالي، يقارب عمرها القرنين من الزمان، وتضم نحو 422 محلا، بعضها يعود إلى أمانة الأحساء، والبعض الآخر هو ملك خاص لبعض أهالي الأحساء».
التراث المعماري
تلفت الزائر طريقة بناء سوق القيصرية، إذ تشتمل على ممرات داخلية مستطيلة؛ ومن يلج إليها وكأنه دخل إلى شبكة طرق معقدة، كما يصفها العمير، لكون ممراتها ضيقة ومتقاطعة، ودكاكينها متراصة.
ويردف «قسم من محالها في المقدمة على الشارع العام، لبيع التوابل والأرز والمواد الغذائية، دخولاً إلى محلات بيع الملابس الجاهزة، وجزء يليه للمشالح والعباءات، فهي سوق منوعة ومقسمة لأقسام عدة». ويشير إلى أن أول مكتبة افتتحت شرق السعودية، كانت داخل سوق القيصرية، وهي (مكتبة التعاون)، التي جاء افتتاحها مع بداية التعليم الرسمي في الأحساء، ومع افتتاح المدرسة الأميرية عام 1360هـ.
ويمتاز البناء المعماري التراثي لسوق القيصرية، بطابع الأقواس المكونة من خامات البيئة من جذوع وسعف النخيل، وكذلك الأسقف المرتفعة ذات الرواشن، التي تسهل دخول الضوء والهواء، كما يفيد العمير، مضيفاً: «بُنيت على الطراز التراثي الإسلامي الأحسائي، الذي يهتم بجماليات الأقواس، والأعمدة المبرومة أو الدائرية، فمن ير سوق القيصرية من الخارج أو الداخل، ير جمال البناء الحرفي».



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.