استراتيجية جديدة لواشنطن لمواجهة فيديوهات التطرف

حسين: قسمنا في وزارة الخارجية الأميركية يسعى لكشف نفاق «داعش»

استراتيجية جديدة لواشنطن لمواجهة فيديوهات التطرف
TT

استراتيجية جديدة لواشنطن لمواجهة فيديوهات التطرف

استراتيجية جديدة لواشنطن لمواجهة فيديوهات التطرف

مع تغيير في المسؤولين والاستراتيجية داخل وزارة الخارجية الأميركية لمواجهة دعايات تنظيم داعش في الإنترنت، قال مسؤول جديد إن الاستراتيجية الجديدة ستكون «عملية أكثر، وواقعية أكثر».
وأضاف رشاد حسين (36 عاما)، المدير الجديد لقسم جديد في وزارة الخارجية الأميركية، أن الاستراتيجية الجديدة «ستعمل لكشف نفاق (داعش)، ونشر آراء الذين انضموا إليه ثم خرجوا منه، وعكس هزائمها في أرض المعركة. لا نريد نشر فيديوهات (داعش) القبيحة».
مؤخرا، حل حسين، الذي كان مدير مكتب الاتصالات مع العالم الإسلامي في البيت الأبيض، محل ألبرتو فيرنانديز، الذي كان مدير مكتب الاتصالات الاستراتيجية المعادية للإرهاب (سي إس سي سي) في وزارة الخارجية. وأعلن حسين تغيير اسم المكتب إلى «إنفورميشن كوردينيشن سيل» (خلية تنسيق المعلومات). وكان فيرنانديز قال قبيل تركه منصبه: «نعمل هنا مثل مكتب عمليات في حرب سياسية أمنية. نواجه الدعايات المعارضة، وننشر دعاياتنا، ونجري الأبحاث، ونتعلم أشياء جديدة». وقال إن فيديو «مرحبا في أرض داعش»، الذي كان أصدره مكتبه، والذي انتقده بعض المراقبين، وبعض المسؤولين في وزارة الخارجية نفسها، «هو عصارة أبحاث كثيرة أجريت داخل وخارج الولايات المتحدة».
غير أن البرنامج انتقد بأنه يشجع العنف بنشر فيديوهات قتل الأميركيين بواسطة «داعش»، وأن وزارة الخارجية لا تعرف إذا كان يؤثر هذا الفيديو خاصة على الشباب المسلم في الولايات المتحدة. وقال بعض الناقدين إن البرنامج «سخيف»، وإنه، أحيانا، يساعد «داعش».
على هؤلاء رد فيرنانديز، في تقرير طويل عن الموضوع نشرته صحيفة «واشنطن بوست» أمس الأحد: «نحن نستغل أساليب العدو الهمجية، ولا نؤيدها. نحن نريد أن نقول للذين يذهبون إلى سوريا: هذه منظمة متوحشة».
وقالت شارلوت بيرز، منتجة سينمائية في نيويورك، وكانت تعاقدت مع الخارجية الأميركية في الحملة ضد دعايات «داعش»: «لا بد من الاستفادة من قدرة (داعش) التكنولوجية. هؤلاء ناس يعرفون كيف يؤثرون، خاصة على الشباب». غير أن الفيديو الدعائي الذي كانت أصدرته بيرز، بالتعاون مع الخارجية الأميركية، «قيم مشتركة»، وُوجه بانتقادات لأنه يركز على «الحياة المريحة والسعيدة للمسلمين في أميركا». وقال ناقدون إن اسم الفيديو كان يجب أن يكون «المسلم السعيد».
وقال رتشارد لابرون، مدير مركز «سي إن سي سي» قبل فيرنانديز، إنه حتى زوجته سخرت من وظيفته، واستغربت لأن الحكومة الأميركية، بعد كل هذه السنوات منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، لم تقدر على مواجهة دعايات الإرهابيين، سواء «القاعدة» أو «داعش» أو غيرهما
وقال لابرون: «فشلنا في مواجهة دعايات الإرهابيين لأن حملتنا تكاد تكون حملة عنصرية. كيف يمكن أن يكون العرب أذكياء؟ كيف يقدرون على هذه التكنولوجيا؟». وأضاف: «يوجد سبب بسيط، وهو أن هؤلاء يتربون على تكنولوجيا الإنترنت مثلما يتربى أولادنا وبناتنا».
وسأل تقرير «واشنطن بوست»: لماذا ينضم بعض الشباب الأميركيين المسلمين لـ«داعش»، أو، على الأقل، لماذا يتابعون فيديوهاتها في الإنترنت؟ وأجاب التقرير: «لأن كلمة (خلافة) لها وقع ديني خاص وسط المسلمين، خاصة الشباب في أميركا. ولأن هؤلاء يبحثون عن (الإسلام الحقيقي). ورغم فظائع (داعش)، يرى هؤلاء وجها آخر لهذا التنظيم».
وأضافت «واشنطن بوست»: «تظل الحكومة الأميركية، منذ هجمات 11 سبتمبر عام 2001، تبحث عن استراتيجية لمواجهة الإرهاب. ليس فقط الإرهاب العسكري، والعمليات الإرهابية التي يقوم بها المتطرفون الإسلاميون، ولكن، ما يمكن أن تسمى «حرب الأفكار»... هذه مشكلة نظل لا نقدر على حلها. لأربعة عشر عاما، قتلت الحكومة الأميركية أسامة بن لادن (مؤسس «القاعدة»)، وقضت على منظمته عسكريا، وحمت الوطن منها. لكن، تظل عقيدة «القاعدة» تنتشر. وقالت الصحيفة: «من حملات وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) القاتلة، إلى فيديوهات دعائية مثل أفلام ديزني، لا يبدو أن هذه حلت المشكلة. لهذا، صارت الحكومة الأميركية تعتمد على طائرات درون (من دون طيار)، وعمليات الكوماندوز».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.