جون باتيست وفرقة «سيلك سونيك» يحصدان أكبر عددٍ من جوائز «غرامي»

المغني الأميركي جون باتيست على خشبة المسرح (أ.ف.ب)
المغني الأميركي جون باتيست على خشبة المسرح (أ.ف.ب)
TT

جون باتيست وفرقة «سيلك سونيك» يحصدان أكبر عددٍ من جوائز «غرامي»

المغني الأميركي جون باتيست على خشبة المسرح (أ.ف.ب)
المغني الأميركي جون باتيست على خشبة المسرح (أ.ف.ب)

حصد جون باتيست، عازف البيانو الأميركي الأفريقي، والثنائي سيلك سونيك، أكبر عدد من جوائز «غرامي» الموازية بأهميتها موسيقياً لمكافآت الأوسكار سينمائياً، في احتفالٍ نُظم أول من أمس الأحد، في لاس فيغاس.
ومن أبرز محطات الأمسية، إطلالة الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، في كلمة ألقاها عبر الشاشة، طلب فيها من فناني العالم كله، دعم بلده الذي يتعرض لغزو روسي. وفق وكالة الصحافة الفرنسية.


المغني الأميركي جون باتيست (أ.ف.ب)

وافتتح الثنائي سيلك سونيك الاحتفال الرابع والستين لتوزيع جوائز «غرامي» الموسيقية، الذي أرجأه المنظمون بعدما كان مقرراً في 31 يناير (كانون الثاني)، بسبب ارتفاع عدد الإصابات «كوفيد - 19»، ونقلوه إلى لاس فيغاس.
وبعد افتتاح الأمسية، عاد الثنائي المؤلف من برونو مارس، وأندرسون باك، اللذين يستوحيان أعمالهما وملابسهما مما كان سائداً في سبعينات القرن الماضي، إلى مسرح «إم جي إم غراند غاردن أرينا»، لتلقي جائزتي «أغنية العام» و«تسجيل العام»، وهما من الجوائز الرئيسية في «غرامي».
وقال باك: «إننا نبذل كل ما في وسعنا لنبقى متواضعين في هذا الوقت، لكن في المهنة يوصف ما حققناه بأنه فوز ساحق».

الرئيس الأوكراني زيلينسكي ألقى كلمة عبر الشاشة (أ.ف.ب)

وظهر جون باتيست، الذي حصد خمس جوائز «غرامي» خلال الاحتفال، أكثر أناقة عند تلقيه جائزة «ألبوم العام»، وهي المكافأة الأهم في عالم صناعة الموسيقى الأميركية.
وقال باتيست: «أنا مقتنع بأن لا وجود لأفضل فنان، وأفضل موسيقي، وأفضل راقص، وأفضل ممثل. فنون الابتكار ذات طابع ذاتي، وتمسّ الناس في وقت معين من حياتهم، يكونون فيه بأمس الحاجة إليها». مضيفاً: «أحب الموسيقى وأعزفها منذ أن كنت صبياً صغيراً. إنها أكثر من مجرد تسلية بالنسبة إليّ. إنها ممارسة روحية».
ومن أبرز الفئات التي تمكن باتيست (35 عاماً)، من الفوز بها من بين ترشيحاته الأحد عشر، تلك المخصصة لأفضل موسيقى لفيلم، عن فيلم لرسوم المتحركة «سول»، وهو سبق أن نال عنها أيضاً جائزة أوسكار عام 2021. لكنه كان ينافس في كل الأنماط الفنية تقريباً (آر أند بي، والجاز، والموسيقى الكلاسيكية...).
ومع أن المغنية أوليفيا رودريغو، حازت جائزة «أفضل فنان جديد»، وهي جائزة مرغوبة كونها تتيح للمغني الانطلاق في مسيرته الفنية، إلا أن الشابة لم تحصد الجوائز الأربع كلّها، التي كانت مرشحة ضمن فئاتها، كما حصل مع بيلي إيليش قبل عامين.
وحصلت الممثلة السابقة في قناة ديزني، البالغة 19 عاماً، على جائزة «أفضل أداء منفرد في موسيقى البوب»، عن أغنيتها «درايفرز لايسنس»، محققة بالتالي فوزاً على أسماء كبيرة رُشحت في هذه الفئة، مثل جاستن بيبر، وبيلي إيليش، وأريانا غراندي، وبراندي كارليل.
وبينما كان بيبر وإيليش وليل ناس إكس، الذين قدّموا أداءً مميزاً على المسرح من بين المرشحين الأبرز للجوائز، لم يتلقوا أياً منها.
وأدّت ليدي غاغا عدداً من أغاني ألبومها «أوف فور سايل»، مع توني بينيت، الذي قدّمها في رسالة فيديو قصيرة.
وفازت دوجا كات، بجائزة «أفضل أداء ثنائي في موسيقى البوب» عن أغنية «كيس مي مور»، إلى جانب المغنية SZA، وهي مزيج من موسيقى البوب والراب، وفيها لمسة من الديسكو.

الثنائي برونو مارس وأندرسون باك

وأثار الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، مشاعر الحاضرين بكلمة ألقاها عبر الشاشة، دعا فيها الفنانين إلى دعم الشعب الأوكراني.
وقال زيلينسكي، الذي كان يرتدي قميصه الأخضر الشهير: «الحرب. ما الأمر المناقض تماماً للموسيقى؟ إنّه صمت المدن المدمرة والناس المقتولين»، قبل أن يقدّم جون ليدجند أداءً، وتنضم إليه على المسرح، الفنانتان الأوكرانيتان ميكا نيوتن، وليوبا ياكيمشوكت.
وأضاف الرئيس الأوكراني: «قولوا الحقيقة عن الحرب عبر حساباتكم في مواقع التواصل، وعبر شاشة التلفزيون. ادعمونا بكل الطرق الممكنة، قوموا بكل شيء إلا الصمت. وبعد ذلك سيحلّ السلام».
أما المغني كانييه ويست، الذي لم يحضر الاحتفال، فكان ألبومه «دوندا»، مرشحاً في فئة ««ألبوم العام»، وفازت أغنيتا «هوريكاين» و«دجايل» منه، بجائزتين ضمن فئات موسيقى الراب.
ومع أن ويست دعي مرشحاً للحضور في الصالة، بيد أنه لم يحضر إلى لاس فيغاس. وكان يفترض أساساً أن يغني على المسرح، لكن المنظمين استبعدوه بسبب هجومه العنيف على شبكات التواصل الاجتماعي، على الممثل الكوميدي بيت ديفيدسون، المرتبط بعلاقة مع زوجته السابقة كيم كارداشيان، وعلى الكوميدي الجنوب أفريقي، تريفور نواه، الأمر الذي أدى إلى وقف حساب «ييه»، على «إنستغرام» لفترة وجيزة.
وحصلت فرقة الروك الأميركية «فو فايترز»، على ثلاث جوائز «غرامي»، كانت مرشحة لها، بعد أسبوع من الوفاة المفاجئة لعازف الدرامز فيها، تايلور هوكينز.
وحصدت الفرقة التي أسسها ديف غرول، عازف الدرامز السابق في فرقة الروك الأميركية نيرفانا، جوائز «أفضل ألبوم في موسيقى روك»، و«أفضل أغنية في موسيقى الروك» و«أفضل أداء في موسيقى الروك».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».