كومبيوترات ذكية تفهم نيات المستخدمين تلقائياً

تصممها «غوغل» لمراعاة الحيز الخاص لكل شخص

كومبيوترات ذكية تفهم نيات المستخدمين تلقائياً
TT
20

كومبيوترات ذكية تفهم نيات المستخدمين تلقائياً

كومبيوترات ذكية تفهم نيات المستخدمين تلقائياً

تخيلوا أنكم بدأتم بمشاهدة عرضٍ ما على نتفليكس في وقتٍ متأخر من الليل، ثم شعرتم أنكم ترغبون بوجبة خفيفة. في الغرفة المظلمة، بحثتم عن جهاز التحكم ولكنكم ضغطتُم على الزر الخاطئ، وسرعتم عرض المحتوى بدل النقر على زر الاستراحة.
الآن، تخيلوا الوضع بطريقة أخرى. نهضتم عن الكنبة فتوقف الفيلم تلقائياً، ومن ثم عدتم وجلستم، فاستُؤنف عرض الفيلم وحده من جديد.

كومبيوترات ذكية
هذا هو الشكل الذي سيكون عليه العالم من حولنا إذا أصبحت أجهزة الكومبيوتر قادرة على فهم نياتنا الخفية تلقائياً بدل اعتمادها على سلوكياتنا المعلنة كالنقر على الفأرة والضغط على الشاشة وحتى استخدام الأوامر الصوتية. ويتخيل علماء التقنية هذه الرؤية منذ عقود، وأطلقوا عليها أسماء عدة أبرزها «الحوسبة المنتشرة» «ubiquitous computing» و«الحوسبة المحيطة» «ambient computing» وحتى «الحوسبة الصامتة» «quiet computing»... والآن، تحاول شركة غوغل تحقيقها من خلال تطوير أجهزة كومبيوتر تفهم القواعد الاجتماعية في الحيز أو المساحة الشخصية.
يقول ليوناردو جيوستي، رئيس قسم التصميم في مختبر غوغل للتقنية المتقدمة والمشاريع: «تلهمنا الطريقة التي يفهم بها الناس بعضهم البعض. عندما تسير خلف أحدهم، يفتح لك الباب ويمسكه. وعندما تضع يدك على شيءٍ ما، يُسلمه لك. ونحن، كبشر، نفهم بعضنا البعض بطريقة فطرية وغالباً دون كلام».

إيماءات وحركات تفاعل
يفرط باحثو التصميم في مختبر التقنية المتقدمة والمشاريع التابع لغوغل في التعزيز المتواصل لجهاز الاستشعار الراداري «سولي» Soli radar sensor لفهم التباينات الاجتماعية الطفيفة التي تختزنها حركاتنا اليومية. ويرى جهاز الاستشعار الجسم البشري كفقاعة صوتية لا أكثر، ولكنه يراقب من عدسته اليمنى الإطار الذاتي والوضعية والنظرة الثاقبة – أي جميع الأشياء التي نقيمها باستمرار لدى تفاعلنا مع الآخرين.
بدأ «سولي» مسيرته كوسيلة لتعقب الإيماءات في لعبة «ميدير» ومن ثم استخدم في هواتف «بيكسل» ليتيح للمستخدمين القيام بأشياء كالمسح الهوائي لتمرير الأغاني – أثار «سولي» الاهتمام على صعيد التقنية ولكنه كان يفتقر للفائدة العملية. بعدها، عمدت غوغل إلى دمجه في جهاز «نست هاب» ليراقب نوم المستخدمين من خلال استشعار استلقائهم وتقلباتهم في السرير وحتى إيقاع أنفاسهم. وشكلت حالة الاستخدام هذه مجالاً واعدا ولكنه كان مجالاً واحداً محصورا بوضعٍ واحد وسياق غير مرتبطٍ بشيءٍ آخر.
تدفع أفكار مختبر غوغل الأخيرة قدرات «سولي» إلى أبعادٍ جديدة. ففي تحديثه الأول، أصبح «سولي» قادراً على مسح مسافة عدة أقدام، واليوم أصبح قادراً على مسح غرفة صغيرة. وباستخدام مجموعة من الخوارزميات، سيتمكن جهاز الاستشعار من حث هاتف غوغل، ومنظم الحرارة، والشاشة الذكية، على قراءة لغة جسد مستخدمهم كما يفعل البشر لتوقع رغباته التالية.
يقول جيوستي إن «تنامي حضور هذه التقنية في حياتنا يجعل فكرة حثها على الاستعانة ببعض الدلالات من حياتنا منطقية جداً. وهكذا، قد يصبح بإمكان منظم الحرارة المثبت عند الباب أن يطلب منا إحضار مظلة في يومٍ ممطر كما يفعل شريك الحياة».
لم تصل غوغل إلى هذه المرحلة بعد ولكن فريقها درب «سولي» على فهم العامل الرئيسي المشترك بين جميع هذه الأمور. يقول جيوتسي: «تخيلنا أن يتمتع الناس والأجهزة بمساحات شخصية، وأن يمنحنا تداخل هذه المساحات فهماً جيداً لنوع المشاركة والعلاقة الاجتماعية التي تجمعهم في أي وقت».
إذا أردتُم مثلاً أن تتحدثوا مع أحدهم – وأنتم واقفون على مسافة منه – وتنظرون في عينيه، سيعي هذا الشخص فوراً أنكم تريدون أن تتكلموا معه، ما سيدفعه إلى التقدم والتفاعل مع وجودكم. يستطيع «سولي» فهم هذا الأمر. ويرجح فريق مختبر التقنية المتقدمة والمشاريع أن النسخة المستقبلية من «غوغل هاب» ستصبح قادرة على تحديد الوقت الذي يكون فيه المستخدم بعيداً، أو على تجهيز الرسائل الإلكترونية بالتزامن مع اقترابه من الجهاز للاطلاع عليها.

الحيز الشخصي
ولكن كيف يمكن لـ«سولي» أن يعرف أن المسافة أصبحت كافية للقيام بذلك؟ لهذه الغاية، يدرس الفريق حالياً البحث الاجتماعي الذي أجراه إدوارد تـ. هول واقتراح «بروكسيميكس» الذي ناقشه في كتابه «ذا هيدن دايمنشن» (البعد الخفي). وكان هول في اقتراحه أول من يتحدث عن السياق الاجتماعي للمساحة المحيطة بأجسادنا – يصنف مبدأ «بروكسيميكس» أي شيء داخل مسافة 18 بوصة كمساحة شخصية، وأي شيء في مسافة 12 بوصة كمساحة اجتماعية للمحادثة، وأي شيء بعد هاتين المسافتين مساحة عامة يجب مشاركتها دون أي توقعات.
يعمل الفريق على ترميز هذا البحث ودمجه في برنامج المختبر الإلكتروني وإدخاله إلى بعض الحركات. يستطيع جهاز الاستشعار مثلاً فهم «اقترابكم» ليبدأ بعرض عناصر واجهة المستخدم التي لم تكن على الشاشة في وقت سابق. لكن الاقتراب باتجاه جهاز ما ودفعه لملاحظة وجودكم يعتبر مهمة بسيطة نسبياً، ويبقى العمل الأكثر تعقيداً بالنسبة للمختبر في استعراض كيفية التعامل مع المواقف المحيرة والشائكة.
درب الفريق نظام المختبر على فهم أن اقتراب المستخدم كثيراً من الشاشة دون النظر باتجاهها يعني أنه غير مهتم برؤية المزيد، وأطلقوا على هذا التدريب اسم «مرور»، ما يعني أن منظم الحرارة «نست» لن يعمل في كل مرة تمرون فيها بجانبه.
كما دربوا «سولي» على قراءة الجهة التي تنظرون إليها حتى ولو كنتم واقفين على مسافة قريبة. يعتبر هذا التدريب الذي سموه «استدارة» مثالياً اليوم لأي شخص يحاول طهي وصفة ما بمساعدة مقطع فيديو مصور على منصة يوتيوب.
وشرحت لورين بيدال، المصممة الأولى في مختبر غوغل للتقنية المتقدمة والمشاريع فكرة «استدارة» على الشكل التالي: «لنقل إنكم تطهون في المطبخ وتشاهدون مقطعا لوصفة جديدة. في هذه الحالة، يمكن للجهاز أن يأخذ استدارة رأسكم عن الجهاز لإحضار مكونٍ ما بعين الاعتبار ويوقف تشغيل الفيديو، ثم يعيد تشغيله بعد استئنافكم النظر إليه. يعتبر الطهي مثالاً ممتازاً هنا لأن اليدين تكونان غالباً مبللتين أو ملطختين».
وأخيًرا، يستطيع النظام أن يحدد أيضاً «النظرة الخاطفة». تعمل أجهزة الآيفون اليوم على تعقب وجه المستخدم لمعرفة إذا كان ينظر إلى الشاشة، للاستجابة عبر فتح قفل الجهاز أو عرض الرسائل أوتوماتيكياً. يعتبر «هذا الأمر نظرة خاطفة» طبعاً، ولكن مختبر غوغل يدرس هذه الحركة على نطاق أوسع يشمل النظر الخاطف إلى شخص في نفس الغرفة. لم يقدم مختبر غوغل أي وعود حتى اليوم فيما يتعلق بتاريخ إدخال هذه المزايا إلى أجهزة متوفرة حالياً في الأسواق التجارية، ولكن الأكيد أن هذا العمل لا يقع في إطار التنظير الفارغ.
* «فاست كومباني»،
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

أفضل الشاشات لعام 2025

تكنولوجيا شاشة ال جي

أفضل الشاشات لعام 2025

إذا كنت أحد أولئك الذين أصبح العمل عن بُعد هو الوضع الطبيعي بالنسبة إليهم، فمن المحتمل أن يكون لديك مكتب منزلي مُجهز بشاشة قد تتراوح بين أي شيء... من رائعة إلى

خاص تلتزم شركة «دِل» بدعم التحول الرقمي للمملكة وتشكيل مستقبل الاقتصاد الرقمي في المنطقة (شاترستوك)

خاص «دِل» تعزز التحول الرقمي في السعودية عبر 3 عقود من الابتكار والشراكة

«دِل» تدعم تحول المملكة الرقمي عبر استثمارات جديدة تشمل مركزاً لوجيستياً في الدمام وبرامج تدريبية تعزز الكفاءات المحلية وتدفع نحو اقتصاد رقمي متقدم.

نسيم رمضان (الرياض)
تكنولوجيا يمكن استخدام هذه التكنولوجيا في مجالات متنوعة بما في ذلك اللياقة البدنية والرعاية الصحية والعمليات العسكرية وحتى في البيئات القاسية (MIT)

ملابس تراقب صحتك... ألياف كمبيوتر مرنة داخل الأقمشة لجمع وتحليل البيانات

يمكن للألياف الذكية التواصل بعضها مع بعض داخل قطعة الملابس ما يخلق شبكة نسيجية قادرة على إجراء حسابات معقدة دون الحاجة إلى أسلاك.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يبين التقرير أن 86% من الحوادث الإلكترونية الكبرى في 2024 أدت إلى توقف تشغيلي أو تلف سمعة أو خسائر مالية (شاترستوك)

الهجمات الإلكترونية في 2024... أسرع وأذكى وأكثر تدميراً

يظهر التقرير أن الهجمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكنها سرقة البيانات في 25 دقيقة فقط؛ ما يجعل الاكتشاف أصعب.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن الأمراض ما يحسن نتائج العلاج ويقلل التكاليف (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل مستقبل الرعاية الصحية الرقمية في السعودية؟

يجعل الذكاء الاصطناعي الرعاية الصحية أكثر تخصيصاً وإتاحة وكفاءة بدءاً من التشخيص والعلاج وصولاً إلى تفاعل المرضى وتحسين العمليات التشغيلية.

نسيم رمضان (لندن)

الذكاء الاصطناعي يمكّن روبوتات شبيهة بالبشر من القيام بمهام «العالم الحقيقي» (فيديو)

روبوت يعمل بنظام «أجيبوت» يصنع الخبز المحمص ويقدمه بصفته خادم منزلي (أجيبوت)
روبوت يعمل بنظام «أجيبوت» يصنع الخبز المحمص ويقدمه بصفته خادم منزلي (أجيبوت)
TT
20

الذكاء الاصطناعي يمكّن روبوتات شبيهة بالبشر من القيام بمهام «العالم الحقيقي» (فيديو)

روبوت يعمل بنظام «أجيبوت» يصنع الخبز المحمص ويقدمه بصفته خادم منزلي (أجيبوت)
روبوت يعمل بنظام «أجيبوت» يصنع الخبز المحمص ويقدمه بصفته خادم منزلي (أجيبوت)

أطلقت شركة «أجيبوت»، التي أسّسها أحد المجندين السابقين في برنامج «Genius Youth»، التابع لشركة «هواوي»، بينغ تشيهوي، نموذجاً عاماً للذكاء الاصطناعي يمكنه تمكين الروبوتات الشبيهة بالبشر من فهم المهام وتنفيذها في العالم الحقيقي بسرعة، حسب ما نشرت «South China Morning Post».

وكشفت الشركة الناشئة التي تتخذ من شنغهاي مقراً لها عن (GO-1) «Genie Operator-1»، وهو نموذج أساسي مصمم ليكون بمثابة دماغ عام للروبوتات الشبيهة بالبشر لمساعدتها على التعلّم والتكيف بسرعة، وفقاً لبيان صادر عن الشركة يوم الاثنين.

وقالت شركة «أجيبوت»، في البيان: «لن تقتصر الروبوتات على المختبرات، ولكنها ستتكيّف مع بيئة العالم الحقيقي المتغيرة. وستكون قادرة على فهم التعليمات باللغة الطبيعية وأداء التفكير، بدلاً من الاقتصار على الروتين المبرمج مسبقاً».

يعتمد «GO-1» على نماذج لغة الرؤية التي تغذّي كميات هائلة من الصور ومقاطع الفيديو للروبوتات، حتى تتمكّن من فهم الأفعال البشرية بشكل أفضل. تساعد خوارزميات التخطيط والعمل الروبوت على رسم الخطوات وأداء الحركات لتحقيق المهام المطلوبة، وفقاً للشركة.

وأضافت الشركة أن النظام يمكنه التعلّم من مقاطع فيديو لبشر يقومون بأنشطة، والتعميم بسرعة من كمية صغيرة من بيانات التدريب، مما يخفّض الحاجز أمام ما يُسمّى «الذكاء المجسد».

في مقطع فيديو توضيحي، تظهر آلات تعمل بنظام «أجيبوت»، وهي تصنع الخبز المحمص وتقدمه بصفتها روبوت خدمة منزلية، وتوزّع الشارات بصفتها موظفة استقبال، وتصنع القهوة والمشروبات في المكتب.

وقالت «أجيبوت» إن اختباراتها أظهرت كيف حققت الروبوتات الشبيهة بالبشر مع نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد تحسينات ملحوظة في مهام؛ مثل: سكب الماء، وتنظيف الطاولات، وإعادة تخزين المشروبات.

ويأتي إصدار «أجيبوت» الجديد في الوقت الذي تتسابق فيه شركات الروبوتات الأخرى لترقية الدماغ المدعوم بالذكاء الاصطناعي في الروبوتات الشبيهة بالبشر، مع تكثيف المنافسة بين اللاعبين المحليين والأجانب في الصناعة الناشئة.

وكشفت «Figure AI»، شركة الروبوتات الناشئة التي تتخذ من وادي السيليكون مقراً لها، والتي أنهت شراكتها مع «أوبن إيه آي» الشهر الماضي، عن «هيلكس» الذي طوّرته داخلياً، وهو نموذج عام للرؤية واللغة والفعل يسمح للروبوتات بالتفاعل مع الأشياء التي لم تصادفها من قبل.

وقالت شركة «UBTech Robotics»، ومقرها شنتشن، الأسبوع الماضي، إنها نشرت «عشرات الروبوتات» في مصنع للسيارات الكهربائية «Zeekr»، مدعومة بنموذج الذكاء الاصطناعي الذي تمّ تدريبه على مجموعة بيانات متراكمة من عدد من مصانع السيارات.

و«أجيبوت» هي واحدة من أحدث مجموعة من شركات الروبوتات الصينية التي تجذب انتباه الصناعة.