غانتس يتوعد بـ«كثير من الألم» وفصائل غزة تهدد بـ«مقاومة أقوى»

إسرائيل تتوقع هجمات لفترة طويلة... والسلطة تندد بتمييز العالم بين ضحية وأخرى

عرض عسكري لـ«الجهاد الإسلامي» في رفح أول من أمس (أ.ف.ب)
عرض عسكري لـ«الجهاد الإسلامي» في رفح أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

غانتس يتوعد بـ«كثير من الألم» وفصائل غزة تهدد بـ«مقاومة أقوى»

عرض عسكري لـ«الجهاد الإسلامي» في رفح أول من أمس (أ.ف.ب)
عرض عسكري لـ«الجهاد الإسلامي» في رفح أول من أمس (أ.ف.ب)

توقعت إسرائيل «مزيداً من الهجمات، ولفترة طويلة تستغرق عدة أسابيع، وربما تمتد لشهور»، وهددت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بأنها ستعاني «كثيراً من الألم» إذا قررت التصعيد، بينما توعدت الفصائل بـ«مقاومة أقوى» وبتدفيعها ثمن اغتيالها 3 من عناصر «الجهاد الإسلامي» في الضفة الغربية، أول من أمس، السبت.
وفي وقت تعهد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت بكسر ما سمَّاه «موجة العمليات الإرهابية الفلسطينية»، وكشف عن أعلى حالة تأهب منذ الانتفاضة الثانية قبل 20 عاماً، وعن عمليات «اجتياح» افتراضية لمواقع التواصل الاجتماعي، بحثاً عن فلسطينيين يلمحون بأنهم ينوون تنفيذ «عمليات جهادية»، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، أنه يتوقع «وقوع مزيد من الهجمات؛ سواء في الضفة الغربية أو القدس، وحتى في قلب المدن الإسرائيلية، ولفترة طويلة تستغرق عدة أسابيع وربما تمتد لشهور». وكان غانتس يقوم بجولة ميدانية على قواته المنتشرة بتعزيزات غير مسبوقة على الحدود ما بين الضفة الغربية وبين إسرائيل، فسئل إذا كانت هناك عمليات أخرى على الطريق، فأجاب: «نعم يمكن أن يحدث ذلك. هناك بالتأكيد رغبة لدى أفراد متطرفين في تنفيذ هجمات، ويمكن أن يحدث مثل هذا الاحتمال؛ لكن لا توجد حالياً موجة عامة أو عمل تنظيمي».
وقال غانتس: «(حماس) من جهتها لا تريد التصعيد معنا، وفي حال وقع أي تصعيد على سكان غزة بمن فيهم (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، فسيكون عليهم أن يختاروا أي شكل لشهر رمضان الذي يريدون. فإذا كان هناك أي تصعيد، فإن غزة ستعاني كثيراً من الألم، وسيكون هناك رد فعل عنيف، لذلك هم يعرفون قدراتنا وما نملكه من أدوات».
بالنسبة للضفة الغربية، قال غانتس إن وزارته «رصدت مليار شيقل لسد الفتحات والثغرات في الجدار العازل على طول خط التماس مع الضفة الغربية». وأضاف: «تجري حالياً دراسة قضية التهديدات الخطيرة والأشد خطورة. ومع أننا كنا قد صرحنا بأننا سنسمح بسياسة مدنية وتسهيلات واسعة قدر الإمكان، فإن الخطر قائم؛ لأن المتطرفين لا يريدون تسهيلات تريح السكان. ومن جهتنا نتخذ قراراتنا وفق الاعتبارات الأمنية». وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية لم تصادق بعد على أي تسهيلات.
وشهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيت تقييماً للأوضاع الأمنية مع قادة لواء السامرة (الضفة الغربية) التابع لجهاز الأمن العام (الشاباك)، في مقر المخابرات في الضفة، أمس الأحد، وتلقى خلاله إيجازاً حول عملية الاشتباك القاسي في جنين التي أسفرت عن مقتل 3 فلسطينيين وإصابة 4 جنود إسرائيليين بجراح. وبعد ذلك قام بنيت بزيارة إلى غرفة العمليات الخاصة بجهاز «الشاباك» المكلّفة إحباط العمليات المسلحة، واطلع على عملية الرصد وجمع المعلومات الاستخبارية التي يستخدمها الجهاز لإحباط التهديدات المستقبلية بارتكاب عمليات. وحسب مصدر أمني، فإن بنيت انبهر بعملية الاجتياح الإلكترونية لكشف نيات شابات وشبان فلسطينيين تنفيذ عمليات. وقال: «خلال نهاية الأسبوع الماضي، تمكنت قوات تابعة لجهاز الأمن العام وللوحدة الشرطية الخاصة، بالتعاون مع قوات جيش الدفاع، من إحباط عملية إرهابية أثناء محاولة ارتكابها. وعلى غرار هذه العملية الإرهابية، تخطر على بال الإرهابيين أفكار مختلفة، لذا نشهد حالة من الترقب الأقصى، سواء لدى جهاز الأمن العام أو شرطة إسرائيل، من أجل الكشف عن كل فكرة أو تخطيط لارتكاب عملية إرهابية، ثم إحباط ذلك وقائياً».
وقال بنيت: «هدفنا هو كسر موجة الإرهاب. ونحن ندخل الآن فترة ممارسة الحياة الطبيعية، بينما نبقى في حالة ترقب».

فصائل غزة
وعقدت جميع الفصائل الفلسطينية المسلحة اجتماعاً في غزة، أمس الأحد، وأصدرت بياناً مشتركاً قالت فيه إنها ستستمر في العمل المشترك بالوسائل والأشكال كافة، لتعزيز المقاومة ضد الاحتلال وتوسيع رقعتها.
وأكدت الفصائل أن «أي فعل إجرامي من الاحتلال، سيقابله شعبنا ومقاومته بمقاومة أقوى وأشد». والسبت، تعهد الأمين العام لـ«الجهاد» زياد النخالة، بمواصلة القتال ضد إسرائيل في شهر رمضان، بعد اغتيال الجيش الإسرائيلي 3 من عناصر الحركة في جنين، شمال الضفة الغربية.
وقال النخالة: «في شهرِ رمضان المبارك الذي كُتب فيه علينا الصيام... كما كتب علينا القتال، نؤكد مرة أخرى أن العدو إلى زوالٍ، وأن المقاومة هي الخيار الذي يلتف حوله الأحرار والشجعان من أبنائكم... الآتي أعظم». واتصل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، بالنخالة، وتحدثا عن شهر رمضان «كشهر الجهاد والاستشهاد والفتوحات والانتصارات العظيمة».
وقال هنية: «إن شعبنا الفلسطيني يحكم صياغة الواقع، ويصوب الأمور باتجاهاتها الصحيحة، ويعيد أصل الرواية بأنه شعب تحت الاحتلال من حقه المقاومة، وأن هذا الاحتلال يجب أن يزول، فهذه أرضنا، وهذه قدسنا، بينما من يطبّعون ويعقدون الاجتماعات على أرض فلسطين ليسوا من يقررون مصيرها».
وأكد هنية والنخالة استمرار التنسيق وتعزيزه في السياسة والميدان في مواجهة إسرائيل.
وكانت إسرائيل قد استعدت سلفاً لاحتمال تصعيد من قطاع غزة، ونشرت كتائب إضافية هناك.
وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ران كوخاف، أمس، أن الجيش مستعد لأي تصعيد محتمل من قطاع غزة، قائلاً: «لقد نشرنا بطاريات دفاعنا الجوي. فرقة غزة جاهزة للدفاع البري، وسنفعل كل ما هو ضروري لكي يمر شهر رمضان وعيد الفصح هذا بسلام».

السلطة الفلسطينية
وزارة الخارجية الفلسطينية حمّلت «الحكومة الإسرائيلية برئاسة المتطرف نفتالي بنيت، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن مسلسل انتهاكاتها وجرائمها واعتداءاتها الاستفزازية ضد شعبنا الفلسطيني، ونتائجها وتداعياتها الخطيرة على ساحة الصراع».
وقالت الخارجية الفلسطينية: «إنها (الجرائم والانتهاكات) ترجمة إسرائيلية رسمية لمفهوم التسهيلات التي يتبجح بها قادة الاحتلال صباحاً ومساءً».
وذكّرت الخارجية «المجتمع الدولي، بأن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكب في أماكن أخرى من العالم، ولم تتوقف يوماً واحداً في فلسطين المحتلة، ولم تبدأ حديثاً»، كما ذكّرته بأن «التفريق بين ضحية وضحية هو شكل من أشكال فقدان التوازن القيمي والقانوني والأخلاقي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.