تمثال لسنودن في نيويورك يظهر من جديد بعد {اختفائه}

انتصرت له محكمة الاستئناف ضد وكالة «إن إس إيه»

إبعاد تمثال لسنودن في نيويورك
إبعاد تمثال لسنودن في نيويورك
TT

تمثال لسنودن في نيويورك يظهر من جديد بعد {اختفائه}

إبعاد تمثال لسنودن في نيويورك
إبعاد تمثال لسنودن في نيويورك

في الأسبوع الذي أعلنت فيه محكمة استئناف أميركية أن وكالة الأمن الوطني (إن إس إيه) خرقت قانون الكونغرس عندما تجسست على عشرات الملايين من الأميركيين وغير الأميركيين، كما كشف إدوارد سنودن الذي كان يعمل في الوكالة، حقق سنودن انتصارا آخر عندما ظهر تمثاله في قاعة عرض في نيويورك، بعد أن كانت الشرطة صادرته.
نقلت وكالة «الأناضول» أن التمثال النصفي (طوله خمسة أقدام) ظهر في قاعة عرض «بوليار» في نيويورك. يوم الثلاثاء الماضي، صادرت شرطة نيويورك التمثال بعد أن كان مجهولون وضعوه في قمة نصب في ساحة تذكارية تمثل ضحايا حرب الاستقلال الأميركية. سيستمر عرض التمثال في متحف «بويلار» أسبوعين. وهو جزء من معرض عن أخطاء وكالات التجسس الأميركية خلال الأعوام الخمسين الماضية. وفيه وثائق وكتب وتماثيل أخرى عن صحافيين وموظفين كشفوا أسرار وكالات تجسس، وخصوصا وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه).
وحسب صحيفة «نيويورك بوست»، قال محامي الحقوق المدنية المعروف رون كوبي إنه كان عهد بنحت التمثال إلى نحاتين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، وإن النحاتين أنجزوا المهمة بعد ستة أشهر، ثم وضعوا التمثال في قمة عمود تذكاري في حديقة «فورت غرين»، في ضاحية بروكلين في نيويورك. في اليوم نفسه، تدخلت الشرطة وصادرت التمثال.
ثم تولى كوبي مهمة استعادة التمثال. وبعد اتصالات مع شرطة نيويورك، وافقت الشرطة على تغريم الذين وضعوا التمثال، ثم أفرجت عن التمثال. وفي تصريحات صحافية، قال كوبي إن وضع التمثال في مكان تخليد الجنود الأميركيين الذين قتلوا في حرب الاستقلال الأميركية رمز إلى أن المستعمرين البريطانيين وصفوا الجنود بأنهم «خونة»، وها هم الآن «أبطال».
في عام 2013، سرب سنودن للصحافيين وثائق تكشف تجسس وكالة «إن إس إيه» على الاتصالات التليفونية للأميركيين، بالإضافة إلى اتصالات غير الأميركيين، منهم عدد من قادة العالم.
في العام نفسه، هرب سنودن من الولايات المتحدة إلى هونغ كونغ، ثم وصل إلى روسيا، وطلب اللجوء السياسي المؤقت. وبعد دراسة الطلب في مكتب المهاجرين الفيدرالي في موسكو، منح سنودن حق اللجوء السياسي المؤقت لعام. وفي عام 2014، حصل على الإقامة في روسيا لمدة ثلاث سنوات. ويتوقع أن يعيش هناك حتى يتقدم بطلب للحصول على الجنسية الروسية، بعد أن يكون عاش في روسيا جملة خمس سنوات.
نشرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية تصريحات أدلى بها سنودن، قال فيها: «الآن، انكشفت الحقائق. تأكد أن المراقبة الشاملة لوكالة (إن إس إيه) حقيقة، وأن هناك تجسسا اقتصاديا وسياسيا وشخصيا، وأن الأجهزة الاستخباراتية تعمل من دون علم ورقابة ممثلي الشعب المنتخبين، ومن دون موافقة القضاء المستقل». وأضاف: «ما كان ممكنا أن تتم عمليات تجسس بهذا الحجم إذا كان هناك نظام رقابة فعال يلزم محللي البيانات بإطلاع رؤسائهم على أسباب عمليات البحث... غير موجود هذا النوع من الرقابة في وكالة الأمن الوطني (إن إس إيه)».
يوم الأربعاء الماضي، أعلنت محكمة استئناف أميركية أن جمع وكالة الأمن الوطني (إن إس إيه) بيانات هاتفية للأميركيين على نطاق واسع أمر «غير مشروع»، وأن «إن إس إيه» تخطت الحدود التي يسمح بها الكونغرس، حسب قوانين الاستخبارات المتعارف عليها منذ عقود، وأن القوانين التي استندت إليها وكالة «إن إس إيه» لتبرير جمع المعلومات «لم تفسر يوما عن أنها تسمح بمثل هذا الحجم من عمليات التجسس المعممة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».