الجزائر: مطالب بسجن سياسي سرَّب محادثة مع مسؤول في الرئاسة

TT

الجزائر: مطالب بسجن سياسي سرَّب محادثة مع مسؤول في الرئاسة

التمست النيابة بإحدى المحاكم بالعاصمة الجزائرية أمس، السجن ثلاث سنوات مع التنفيذ وغرامة بقيمة ألفي دولار بالعملة المحلية، ضد سياسي بارز من حزب «جبهة التحرير الوطني»، بسبب تسريب مكالمة هاتفية حادة، جرت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بينه وبين عبد المجيد علاهم كبير المستشارين برئاسة الجمهورية.
ورفض محمد زبيري، عضو «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) سابقاً، وقيادي الحزب الأول في البلاد، اتهامه بأنه هو من سرَّب التسجيل الصوتي في شبكة التواصل الاجتماعي. وسعى، خلال الدفاع عن نفسه، إلى التأثير على القاضي بالعودة إلى ماضي والده في ثورة التحرير (1954 – 1962) وبأنه «ينتمي إلى جيل من السياسيين، متشبِّع بالوطنية وبالذود عن مصلحة الجزائر»، مبرزاً أنه «ابن هذه الدولة التي دافع عنها والده».
وأكد زبيري، 60 سنة، أن الحديث الهاتفي الذي أجراه مع «صديقي المستشار»، لا يوجد فيه ما يمسُّ بالنظام العام، مبرزاً أنه «لا توجد خصومة بيننا»، فيما ذكر الدفاع أن النيابة لا تملك دليلاً على أن الرجل السياسي، قام بتسجيل المحادثة ولا أنه هو من نشرها في المنصات الرقمية الاجتماعية.
وتابعت النيابة زبيري على أساس تهم يتضمنها القانون الجنائي، وتصل عقوبتها إلى 3 سنوات كأقصى حد، وتتمثل في «تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة للأشخاص، بأي تقنية كانت، وذلك بالتقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرية، بغير إذن صاحبها أو رضاه، أو بالتقاط أو تسجيل أو نقل صورة لشخص في مكان خاص، بغير إذن صاحبها أو رضاه».
وبحسب مصادر قضائية، لم يقدم علاهم شكوى ضد زبيري وإنما بادرت النيابة بـ«إخطار ذاتي»، يكفله لها «قانون الإجراءات الجزائية». وحدد القاضي تاريخ العاشر من الشهر الجاري، لإصدار الحكم.
وظهر من خلال التسريب، أن زبيري هو من اتصل بالمستشار في الرئاسة، الذي كان بمكتبه يومها، ليبلغه بأنه كان يريد لقاءه «لكن الأوضاع المكهربة في الحزب منعتني من التنقل إليك». وأول ما رد به عليه علاهم: «لقد صدر عنكم شيء سيئ وخطير، وستدفعون ثمنه». ورد عليه زبيري بأن بعجي أبو الفضل، أمين عام «جبهة التحرير» رفض استقبال خصومه في الحزب، فما كان عليهم إلا أن يتوجهوا إلى مكتبه لاقتحامه بالقوة.
وجرت الحادثة في 9 سبتمبر من العام الماضي، إذ تجمع عدد كبير من قياديي ومناضلي الحزب أمام مقره بالعاصمة، ثم دخلوا بالقوة إلى مكتب الأمين العام بغرض طرده من المبنى. وظهر في صور فيديو، توثِّق الأحداث، مناضل يجري في المقر ويصرخ بطريقة هسيترية مندداً ببعجي.
وذكر علاهم لزبيري، أن الرئيس عبد المجيد تبون مستاء «من الفوضى التي أثرتموها... نحن في دولة والدولة لن تقبل بهذه الممارسات... ستدفعون الثمن غالياً وأنت واحد منهم». وتم إيداع زبير السجن الاحتياطي، بعد تداول المحادثة.
وأصدرت محكمة الجنح «بئر مراد رايس» بالعاصمة، الشهر الماضي، أحكاماً بالسجن مع التنفيذ، ضد 15 قيادياً بالحزب، على أساس دعوى قضائية رفعها ضدهم بعجي، يتهمهم فيها بالاعتداء عليه وباستعمال أثناء الدخول إلى مقر الحزب.
في موضوع آخر، أطلق عشرات الصحافيين والمثقفين وأساتذة بالجامعة وأشخاص من عالم الفن، أمس لائحة، للمطالبة بالعدول عن إغلاق صحيفة «ليبرتيه» الشهيرة الناطقة بالفرنسية، التي تأسست في بداية الانفتاح الديمقراطي في تسعينات القرن الماضي.
وجاء في العريضة أن «المثقفين لم يكن ممكناً بالنسبة لهم، أن يقفوا متفرجين أمام اختفاء صحيفة ترمز للتعددية في الجزائر».
وبحسب صحافيي «ليبرتيه»، فقد اجتمع بهم نجل رجل الأعمال يسعد ربراب مالك الصحيفة، أول من أمس، وأبلغهم بأنه اتخذ قرار إغلاقها، وأن القرار «لا رجعة فيه»، من دون تقديم الأسباب.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم