قصة النزاع على مجوهرات آل سافوي المخبأة

تاج ماسي كان ملكاً للملكة ماري جوزيه من صنع «فابرجيه» أثناء عرضه للبيع في مزاد دار «كريستيز» بلندن عام 2007 (غيتي)
تاج ماسي كان ملكاً للملكة ماري جوزيه من صنع «فابرجيه» أثناء عرضه للبيع في مزاد دار «كريستيز» بلندن عام 2007 (غيتي)
TT

قصة النزاع على مجوهرات آل سافوي المخبأة

تاج ماسي كان ملكاً للملكة ماري جوزيه من صنع «فابرجيه» أثناء عرضه للبيع في مزاد دار «كريستيز» بلندن عام 2007 (غيتي)
تاج ماسي كان ملكاً للملكة ماري جوزيه من صنع «فابرجيه» أثناء عرضه للبيع في مزاد دار «كريستيز» بلندن عام 2007 (غيتي)

مجوهرات التاج الفرنسي قيد العرض بقسم «غاليري دابولون» بمتحف اللوفر في باريس، فيما تُعرض شعارات عائلة هابسبورغ في متحف «كيسرليتش شاتزمار» في فيينا. لكن مجوهرات آل سافوي، العائلة الحاكمة في إيطاليا من عام 1861 إلى عام 1946، ظلت مخبأة في مقر «بنك إيطاليا» في روما منذ أن ترك الملك أومبرتو الثاني العرش وغادر البلاد في ذلك العام.
في يناير (كانون الثاني)، بعد أكثر من 75 عاماً، طلب أبناء الملك الأربعة - الأمير فيتوريو إيمانويل، والأميرات ماريا غابرييلا، وماريا بيا، وماريا بياتريس - رسمياً استرداد المجوهرات، لكن البنك رفض طلبهم، ونازعهم على ملكيتها. ثم رفع الورثة دعوى قضائية، ومن المقرر عقد جلسة استماع في يونيو (حزيران) في محكمة روما.


عقد من الماس والزمرد كان ملكاً للملكة ماري جوزيه من صنع «فان كليف» أثناء عرضه للبيع في مزاد دار «كريستيز» بلندن عام 2007 (غيتي)

ووفقاً لمذكرة جرد الملك للبنك وصور الصحف المنشورة في عام 1957، فالورثة يسعون إلى استعادة صندوق من ثلاثة رفوف تحتوي على 14 قطعة. قال ستيفانو بابي، مؤرخ المجوهرات، «إنها مجموعة من أهم جواهر عائلة سافوي التي ارتدتها الملكة خلال حفلات الاستقبال الرسمية». وكتب هو والأميرة ماريا غابرييلا كتاب «مجوهرات بيت سافوي»، الذي نُشر عام 2007 في الولايات المتحدة.
وقال إن القطعة التي تعد الأهم هي تاج مؤلف من دوامات مرصعة بالماس تتقاطع مع سلسلة من اللآلئ المستديرة مزينة بإحدى عشرة لؤلؤة على شكل قطرة في الأعلى ولآلئ كبيرة مستديرة في الأسفل، تم صنعه من قبل صائغ بلاط سافوي، موسي بادري فيجلي، في مدينة تورين، مسقط رأس عائلة سافوي.


الأمير إيمانويل فيليبرتو وزوجته كلوتيد كورو في حفل عام 2018 (غيتي)

يحاكي التاج طرازاً آخر يعود إلى عائلة سافوي تم بيعه في دار «سوذبيز» للمزادات في جنيف في مايو (أيار) 2021 مقابل 1.47 مليون فرنك سويسري (1.6 مليون دولار).
وتتضمن خبيئة سافوي أيضاً اثنتين من الأساور الماسية وبروشاً مرصعاً بماسة وردية اللون؛ وسلسلة مزدوجة (لم يتم تحديد معدنها).
قال بابي إن المجوهرات شوهدت للمرة الأخيرة عندما ارتدتها الملكة إيلينا ملكة دولة مونتينيغرو، أو الجبل الأسود، التي تسلمتها لحفظها بعد اغتيال والد زوجها، الملك أمبرتو الأول، في عام 1900، تم حفظ المجوهرات في أماكن مختلفة لسنوات، بما في ذلك نفق في وسط روما خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب جرى نقلها إلى مكان آمن في قصر كويرينال، المقر الرسمي للعائلة المالكة.
ولكن عندما أنهى استفتاء عام 1946 النظام الملكي، وكان أمبرتو الثاني في طريقه إلى المنفى في البرتغال، قام بتسليم الجواهر إلى لويجي إيناودي، محافظ بنك إيطاليا في ذلك الوقت، مرفقة بملحوظة تقول: «أن تكون عهدة الخزانة المركزية لبنك إيطاليا ومتاحة فقط لصاحب الحق».
يقول ورثة سافوي، إن المجوهرات هي ملك للعائلة، حيث ذكرت الأميرة ماريا غابرييلا في مقابلة عبر الهاتف: «على عكس مجموعة العملات (Corpus Nummorum Italicorum) التي تبرع بها جدي فيتوريو إيمانويل الثالث للشعب الإيطالي، فهذه المجوهرات لم تجر مصادرتها لأنها جواهر خاصة». الجدير بالذكر أن أحد بنود دستور البلاد لعام 1948 الذي يمنح الدولة الإيطالية جميع ممتلكات سافوي لم يذكرها.
الأمير إيمانويل فيليبرتو، رائد الأعمال الذي ظهر على التلفزيون الإيطالي (وفاز بنسخة برنامج «الرقص مع النجوم» في عام 2009)، هو الابن الوحيد للأمير فيتوريو إيمانويل، وكان من الممكن أن يكون ملكاً لإيطاليا حال تغير مجرى التاريخ. وفي مقابلة صحافية أجريت معه مؤخراً، كرر إيمانويل حجة عمته: «لا يوجد شيء اسمه جواهر التاج الإيطالي؛ كانت ملكية خاصة لعائلتي».
ورغم ذلك، فقد استشهد البنك بمذكرة إمبرتو الثاني وتوجيهاته بشأن الاطلاع والتصرف في تلك المجوهرات، إذ رفض الإذن للأميرة بالاطلاع عليها وتصويرها عندما كانت تعد كتابها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ورفض البنك طلب مدينة تورين التي أرادت عرضها خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2006 التي أقيمت هناك.


تاج من الماس واللؤلؤ من مقتنيات الملكة ماري جوزيه من آل سافوي (غيتي)

قال الأمير إيمانويل فيليبرتو، «المشكلة الحقيقية تتعلق بالسياسة والبيروقراطية الإيطالية، وأن كل شيء يسير ببطء وصعوبة شديدة». وبعد ذلك لم يعرف أحد ماذا يفعل بها، وكيف يتصرف حيالها. لذلك دخلت هذه الجواهر في طي النسيان.
تم الرد على طلب لتصوير الجواهر بمذكرة رسمية نيابة عن البنك أرسلتها أنجيلا باربارو، مديرة الاتصالات، قالت فيها: «الجواهر موجودة في» طرد مغلق «لا يمكن فتحه إلا لصاحب الحق. على أي حال، بصفته أمين حفظ، لا يمكن لمصرف إيطاليا تنفيذ أي إجراء بشأن هذه المتعلقات ما لم يأمر بذلك الشخص المخول». ولم يرد رد على سؤال آخر حول هوية هذا الشخص المخول «صاحب الحق».
حتى القيمة المحتملة للمجوهرات كانت محل جدل، حسب شخص رآها منذ 50 عاماً، وقال إنه لم يكن منبهراً بها. كان جياني بولغاري، عضو في عائلة مجوهرات بولغاري، من بين المسؤولين والخبراء الذين استدعهم البنك في عام 1976 للاطلاع على المجوهرات، لأن الشائعات كانت قد انتشرت في الصحافة الإيطالية عن سرقتها، أو تعرض بعض القطع للاستبدال. قال السيد بولغاري (87 سنة)، في مقابلة هاتفية أجريت معه مؤخراً: «لقد فوجئت بتواضع جودة القطع»، مضيفاً: «لها قيمة تاريخية، ولكن قيمتها المادية متواضعة».
ورغم ذلك، أشار بولغاري إلى أنه لم يقم بتقييم رسمي، مضيفاً: «لقد عرضت عليّ المجوهرات فقط، ولم يطلب مني أي شيء وخرجت أتساءل لماذا دُعيت».
أكد الأمير أنه غير قلق بشأن قيمتها المالية، مشيراً: «لا أعتقد أننا نتحدث عن أكثر الأحجار استثنائية في العالم، لكن لها قيمة تاريخية عظيمة». وبناء عليه، بحسب بابي، «أفضل شيء هو عرضها، ربما في غرفة في قصر كويرينال. لا أفهم سبب إخفاء بنك إيطاليا لها. لماذا يخفيها؟».
- خدمة «نيويورك تايمز»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».