استدعاء تشكيلي للشخصيات الخفية للإنسان المعاصر

معرض للفنان المصري وائل درويش يضم 28 لوحة

عزف  لسوناتا بصرية متعددة الحركة  -  الفنان وائل درويش
عزف لسوناتا بصرية متعددة الحركة - الفنان وائل درويش
TT

استدعاء تشكيلي للشخصيات الخفية للإنسان المعاصر

عزف  لسوناتا بصرية متعددة الحركة  -  الفنان وائل درويش
عزف لسوناتا بصرية متعددة الحركة - الفنان وائل درويش

يغوص كثير من الفنانين في دهاليز النفس الإنسانية ويبحثون بشكل مضنٍ تجاه اكتشاف أسرارها ومَواطن اختلافها وتنقلها ما بين الاضطراب والاستقرار والشقاء والسعادة، وفي أعمال التشكيلي المصري د.وائل درويش، يخوض المتلقي رحلة تأملية لصراعات الإنسان المعاصر مع ذاته في عالمه اليومي بنمطه المتسارع وانحناءاته الحادة وصولاً إلى الراحة والطمأنينة المنشودتين.
وفي معرضه الجديد المقام تحت عنوان «أنا... أنت» في غاليري «ديمي»، يتناول درويش في لوحاته فكرة فلسفية تقوم على تعدد الشخصيات داخل النفس، ربما كمحاولة لمواجهة الحياة التي تعجّ بالضجيج والتقلبات الدائمة، فعلى مسطح لوحاته نكتشف أن للشخص الواحد ظلالاً من شخوص آخرين بعضهم يقتربون منه للغاية كما لو أنهم يرغبون في الالتصاق به، وبعضهم يبتعدون عنه كما لو أنهم يتبرأون منه، لكنهم في كل الأحوال «تحت الطلب» أو في وضع الاستعداد بالنسبة له ليستعين بأحدهم وفقما شاء ووقتما أراد حين يتطلب الأمر ذلك.
يقول درويش لـ«الشرق الأوسط»: «لا أجسّد في أعمالي تعدد الشخصيات كمرض نفسي مثل الاضطرابات الانفصامية، أو الشيزوفرينيا، فتلك قضية أخرى، لكنني أضع الإنسان المعاصر أمام نفسه حين يتحول ويعيد تشكيل نفسه كنوع من التصدي لمشكلاته ومواقفه الحياتية المختلفة».
ويرى أن «داخل الكثير من الأفراد شخصيات وهويات عدة لسبب ما هم فقط الذين يعرفونه كالغربة والتشتت والصدمات المتتالية، وكل فرد يستدعي الشخصية التي يريدها بشكل طبيعي وسلس وفق الحاجة أو الموقف الذي يواجهه، أي أنه نوع من تبادل الأدوار داخله، والغريب أن لكل شخصية أسلوبها ونمط تفكيرها ومستوى حديث خاصاً بها وحدها، فنحن لدينا الكثير من الشخصيات الخفية التي قد لا نتعرف عليها إلا حين نواجه ظروفاً معينة»، على حد تعبيره.
إلى هذا تدحض أعمال المعرض الفكرة التي كانت شائعة في الماضي من أن شخصية الإنسان ثابتة إلى حد بعيد، وتتلاقى مع ما تؤكده الأبحاث الحديثة وهو أن الشخصية تتغير في كل مراحل العمر، وترافق هذا التغير غالباً أحداثاً رئيسية في الحياة، تخلق شخصاً جديداً، ولكن هل تمحو الشخوص السابقة؟ المتأمل للوحات درويش في معرضه المقام حتى 14 أبريل (نيسان) المقبل، يكتشف كم يخوض شخوصه التي تشبه الكتل الصماء صراعات مع ذاتها، ومع ما يحيط بها ومع المجهول أيضاً في الماضي والحاضر والمستقبل، فقد ترك الزمن خربشات واضحة على جدران الوجدان والشخصية عبّر عنها من خلال حشد دلالات الألوان الفلسفية، وكثرة تنقلاته بين درجاتها المتوهجة، وجعل لكل الشخوص حضوراً خاصاً بنسب متفاوتة «بعض الشخصيات داخل الإنسان لا تختفي إنما تتوارى أو تذبل إلى حين، في حين يتم تبادل أماكنها ودورها وفق الظروف».
تعظّم الأعمال -وعددها نحو 28 لوحة من الإكريلك والباستيل الزيتي- إدراك قيمة النفس الإنسانية وصراعاتها اللامتناهية في الحياة، متمسكاً بحرية الحركة بين الخطوط، لتتشكل المعاني النفسية في لوحاته قبل المعاني النسبية أو الجمالية في الألوان في أسلوب فني يجمع بين السريالية والرمزية والتعبيرية بعيداً عن التعقيد، فالتوازن الفني في لوحاته ينبع من عمق التجارب النفسية التي يقدمها للمتلقي كضبط فلسفي يتجه إلى خلق فكرة الانتقال من شخص إلى آخر ومن حياة إلى حياة أخرى... يقول: «أكثر ما يعنيني هو الإنسان، إنه محور بناء العمل الفني».
ومثلما تتغير الشخوص وحواراتها وانفعالاتها المتبادلة في الأعمال فإن الخطوط ومساراتها أيضاً تتطور وتتغير بها وسيلة للتخلص من الشحنات النفس السلبية والمشتتة بين «تعدد الشخصيات» من خلال إيجابية التناول في لوحاته لتحاكي المضمون النفسي الذي يقصده فكأنما تتحول إلى معالج نفسي يشعر معها المتلقي أنها تساعده على تقديم تحليل نفسي لشخصيته، أو تأخذه إلى إيجاد خريطة النفس التواقة إلى الاستقرار والسلام الداخلي.
يًعد المعرض استمراراً لاحتفاء الفنان بالقضايا الإنسانية التي لا تخلو من جماليات العمل الفني وتتسم بالتوازنات اللونية التي يستند فيها إلى دلالات الألوان الفلسفية واللقاءات بين الألوان اللونية الصارخة والساكنة حيث الأحمر الثوري والأصفر أو البرتقالي الصارخ والأزرق البارد، ومن ثم ننتقل إلى الأخضر أو الرمادي الهادئ في لوحاته.
تخرّج وائل درويش في كلية التربية الفنية عام 1998 ويعمل أستاذاً للتصوير بالكلية. أقام الفنان 21 معرضاً شخصياً، وشارك في أكثر من 100 معرض دولي، وحصل على الكثير من الجوائز على المستويين المحلي والدولي. يقدم إلى جانب العمل الفني التصويري أعمال تجهيز في الفراغ وفنوناً رقمية.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.