أوكرانيا تهاجم منشأة نفطية «داخل الأراضي الروسية»

صورة وزعها جهاز الإعلام في وزارة الطوارئ الروسية لعمليات إخماد الحرائق في خزانات نفط بمنطقة بلغورود بعد تعرضها لقصف من {مروحيات أوكرانية} (أ.ب)
صورة وزعها جهاز الإعلام في وزارة الطوارئ الروسية لعمليات إخماد الحرائق في خزانات نفط بمنطقة بلغورود بعد تعرضها لقصف من {مروحيات أوكرانية} (أ.ب)
TT

أوكرانيا تهاجم منشأة نفطية «داخل الأراضي الروسية»

صورة وزعها جهاز الإعلام في وزارة الطوارئ الروسية لعمليات إخماد الحرائق في خزانات نفط بمنطقة بلغورود بعد تعرضها لقصف من {مروحيات أوكرانية} (أ.ب)
صورة وزعها جهاز الإعلام في وزارة الطوارئ الروسية لعمليات إخماد الحرائق في خزانات نفط بمنطقة بلغورود بعد تعرضها لقصف من {مروحيات أوكرانية} (أ.ب)

شنت أوكرانيا هجوما، أمس، استهدف مواقع داخل الأراضي الروسية للمرة الأولى منذ انطلاق العمليات القتالية في 24 فبراير (شباط) الماضي. وتزامن التطور العسكري غير المسبوق مع استئناف المعارك في مدينة ماريوبول جنوب أوكرانيا، بعد توقف لم يصمد طويلا.
سياسيا، شكلت جولة مفاوضات جديدة بين الوفدين الروسي والأوكراني تأكيدا من الطرفين على ضرورة البناء على النتائج الإيجابية التي تم تحقيقها خلال الجولة الأخيرة. وأعلن الكرملين، أمس، أن الرئيس فلاديمير بوتين بحث مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان آليات دفع المفاوضات، والاقتراح التركي لعقد لقاء مباشر يجمع بوتين مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وفاجأ الهجوم الذي نفذته مروحيتان أوكرانيتان الروس، إذ لم تتوقع موسكو أن تنقل كييف هجماتها المضادة إلى داخل الأراضي الروسية. وتسللت مروحيتان هجوميتان على ارتفاع منخفض عبر الحدود، وقصفتا مستودعات ضخمة لتخزين الوقود في مدينة بيلغورود الروسية، ما أسفر عن اندلاع حرائق في المستودعات. وأحجمت وزارة الخارجية الأوكرانية عن تأكيد أو نفي الهجوم.

وأفاد رئيس مقاطعة بيلغورود، فياتشيسلاف غلادكوف، بأن شخصين أصيبا بسبب الحريق، مؤكدا أن الهجوم لم يسفر عن أزمة في توزيع الوقود في المقاطعة. وزاد: «بسبب الحريق الكبير في مستودع النفط نقوم بتغيير السلاسل اللوجيستية لإمدادات الوقود، والوضع مستقر». وفي إشارة إلى إجلاء سكان بلدات في محيط المنطقة تحسبا من اتساع نطاق الحرائق، قال غلادكوف إن سلطات المدينة بدأت في إعادة توطين سكان عدد من المناطق المحيطة إلى «أماكن أكثر أمنا». من جهتها، أفادت دائرة الطوارئ المحلية أن عملية إطفاء الحريق جرت طوال ساعات النهار أمس، بمشاركة قطار إطفاء، وأكثر من 50 وحدة من معدات الإطفاء.
ووفقاً للمعطيات الروسية، فقد أدى الهجوم الجوي إلى اشتعال النار في 8 خزانات وقود، مع تصاعد مخاوف من احتمال انتشاره إلى 8 خزانات أخرى.
وعلى الفور، سيطرت توقعات بانعكاسات واسعة للهجوم على المستويين السياسي والعسكري، خصوصاً مع ظهور تعليقات روسية بأن هذا الهجوم سوف ينعكس سلبا على جهود دفع المفاوضات. أما عسكريا، فقد رجحت مصادر روسية أن تشن موسكو هجمات واسعة النطاق على مواقع يعتقد أن الهجوم الأوكراني انطلق منها، وكانت موسكو أعلنت في وقت سابق أنها «حيدت تماما كل القدرات الجوية الأوكرانية».
رغم ذلك، أعلنت روسيا انطلاق جولة جديدة من المفاوضات مع أوكرانيا، عبر تقنية الفيديو كونفرانس. ونشر رئيس الوفد الروسي في المفاوضات، فلاديمير ميدينسكي، على قناته في تطبيق «تيليغرام» صورة تظهر أعضاء وفدي موسكو وكييف، وهم يعقدون اجتماعا افتراضيا. وذكر ميدينسكي: «نواصل المفاوضات بصيغة مؤتمر الفيديو، ومواقفنا بشأن القرم ودونباس لا تزال ثابتة». وتأتي الجولة الأولى بعدما عقد الطرفان مفاوضات مباشرة في إسطنبول قبل أيام، تلقت خلاله موسكو مقترحات خطية من الجانب الأوكراني وتعهدت بدراستها والرد عليها.
من جانبها، أعلنت روسيا في أعقاب المفاوضات عن تقليص أنشطتها العسكرية في محوري كييف وتشيرنيغوف، في حين واصلت التقدم في مناطق الجنوب وخصوصاً مدينة ماريوبول. وفي إشارة إلى عزم موسكو مواصلة العمل على مسار المفاوضات، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، عن ارتياح لـ«التقدم الذي تم إحرازه في المفاوضات المتواصلة مع أوكرانيا بشأن مسألتي شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس وفي ملف تخلي كييف عن فكرة الانضمام إلى حلف الناتو». وقال الوزير إن بلاده «لمست من الجانب الأوكراني تفهما أكبر للوضع بخصوص القرم ودونباس». لكنه أضاف أن «ليس هناك أي خطط مطروحة للتسوية النهائية، وينبغي أن تتواصل الجهود». وأوضح الوزير أنه «يجب أولا إتمام صياغة الاتفاقات المبدئية التي تم التوصل إليها في الجولة الأخيرة من المفاوضات (...) نحضر ردنا، وهناك تقدم، بالدرجة الأولى فيما يخص اعتراف أوكرانيا بأنها لا تستطيع أن تصبح عضوا في أي تكتلات عسكرية والبحث عن فرصة ضمن حلف شمال الأطلسي، وبشأن وضعها غير النووي والحيادي خارج التكتلات، وهذا ما يعتبر الآن ضرورة مطلقة».
في غضون ذلك، أعلن الكرملين أمس، أن الرئيسين الروسي والتركي بحثا هاتفيا سير المفاوضات بين وفدي موسكو وكييف. وأكد الرئيس التركي خلال المحادثة أن «أولوية أنقرة هي تنظيم لقاء بوتين مع نظيره الأوكراني». فيما أفاد الكرملين في بيان بأن «بوتين قيم خلال محادثته مع إردوغان عملية التفاوض بين روسيا وأوكرانيا»، وشكر نظيره التركي على مساعدته في إجراء المحادثات الروسية الأوكرانية في إسطنبول.
على صعيد آخر، سارت كييف خطوة إضافية ضد روسيا عبر تبني مجلس الرادا (البرلمان)، أمس، قانونا يمهد لتأميم الأصول العائدة لكيانات أو أشخاص من روسيا على الأراضي الأوكرانية. تزامن ذلك، مع توسيع بلدان أوروبية قرارات مماثلة بتأميم أصول وممتلكات روسية. وشن الكرملين هجوما عنيفا على الغرب، بسبب هذه الخطوات. وقال الناطق الرئاسي دميتري بيسكوف، إن موسكو «تعتبر ما يحدث في الغرب من تأميم الشركات الروسية امتدادا لمسار عمليات السطو على ممتلكات الغير». وقال بيسكوف إن النقاشات الدائرة حاليا، في بعض البلدان الأوروبية حول تأميم أصول شركات روسية «غير مبشرة»، وقال إن «مجرد دراسة ألمانيا لموضوع تأميم الشركات التابعة لـ«غاز بروم» و«روس نفط» الروسيتين هو أمر غير مقبول».
وعلى صعيد آخر أكد المتحدث باسم الكرملين أن وفدا من وزراء خارجية ست دول عربية سيزور موسكو الأسبوع المقبل لمناقشة الوضع في أوكرانيا. وقالت لـ«الشرق الأوسط» مصادر دبلوماسية عربية في موسكو إن الوفد يضم اللجنة الوزارية العربية التي تشكلت أخيرا، لمتابعة تداعيات الأزمة في أوكرانيا، وعرض جهود للوساطة لتخفيف التوتر. ورجحت معلومات أن يشارك الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، في الوفد العربي، إلى جانب وزراء خارجية الجزائر والأردن ومصر والعراق والسودان.
ميدانيا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية استئناف العمليات القتالية في مدينة ماريوبول بعد توقف استمر أقل من يوم واحد، بهدف تسهيل فتح الممرات الإنسانية من المدينة المحاصرة منذ أسابيع. وأعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، أن الطيران العملياتي وجه ضربات خلال الساعات الـ24 الماضية إلى 52 منشأة عسكرية أوكرانية. بينها 3 مواقع قيادة، و3 راجمات صواريخ متعددة، ومنظومة دفاع جوي من طراز «بوك - إم1»، ورادار للتوجيه لمنظومة الدفاع الجوي «إس - 300»، و10 مستودعات لتخزين المعدات العسكرية، و16 منطقة ارتكاز. وأشار إلى تقدم ميداني أحرزته قوات دونيتسك في عدد من البلدات في المناطق الجنوبية.
وقال إنها «قتلت 40 من العناصر القومية المتطرفة من لواء المشاة الآلي المنفصل رقم 57، ودمرت عربات قتال مشاة، وبطارية مدفعية واحدة».
ووفقاً للناطق، فقد تم خلال اليوم الأخير تدمير خمسة مستودعات للذخيرة والأسلحة الصاروخية والمدفعية في مناطق في وسط وجنوب أوكرانيا. كما أسقط الدفاع الجوي الروسي وفقاً للناطق العسكري، مروحية أوكرانية من طراز «مي - 8» و8 مسيرات.


مقالات ذات صلة

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرقي أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».