«الحرس الثوري»: لا تأثير أميركياً على «الباليستي» ونفوذنا إقليمياً

عبد اللهيان قال إن المفاوضات تعتمد على اختيار واشنطن بين {الواقعية ومسؤولية الفشل}

صورة وزعها «الحرس الثوري» الإيراني لصواريخ باليستية جاهزة للإطلاق في موقع تحت الأرض
صورة وزعها «الحرس الثوري» الإيراني لصواريخ باليستية جاهزة للإطلاق في موقع تحت الأرض
TT

«الحرس الثوري»: لا تأثير أميركياً على «الباليستي» ونفوذنا إقليمياً

صورة وزعها «الحرس الثوري» الإيراني لصواريخ باليستية جاهزة للإطلاق في موقع تحت الأرض
صورة وزعها «الحرس الثوري» الإيراني لصواريخ باليستية جاهزة للإطلاق في موقع تحت الأرض

أعلن «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، أن برنامجه للصواريخ الباليستية و«النفوذ الإقليمي» المتمثل في أنشطته العابرة للحدود، «خطوط حُمر» لن تتأثر «بالنيات وآمال وتطلعات الحكام الأميركيين»، فيما أفادت مصادر مطلعة بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اشترطت لتلبية طلب طهران شطب «الحرس» من قائمة الإرهاب، وقف أي «انتقام مستقبلي» لمقتل الجنرال قاسم سليماني.
وانتقد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أمس، فرض العقوبات الجديدة التي استهدفت إيرانياً وكيانات تربطها صلات وثيقة بـ«الحرس الثوري»؛ تحديداً وحدته المكلفة تطوير الصواريخ الباليستية. ونقلت وكالات إيرانية عن عبد اللهيان قوله خلال لقاء نظيره الأوزبكي عمر رزاق أوف في تونشي جنوب شرقي الصين، أمس، إن «كل شيء يعتمد الآن على ما إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تكون واقعية أم مسؤولة عن فشل المفاوضات».
ومع تعثر مفاوضات فيينا، فرضت الولايات المتحدة، أول من أمس، عقوبات على وكيل مشتريات في إيران وشركات تابعة له بسبب دورهم في دعم برنامج طهران للصواريخ الباليستية. وقالت وزارة الخزانة الأميركية إنها أخذت هذا القرار بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على أربيل في العراق وهجوم صاروخي من الميليشيات الحوثية على السعودية هذا الشهر وذكرت الوزارة أنه كان بدعم من إيران، وكذلك بعد هجمات صاروخية أخرى شنها وكلاء لإيران على السعودية والإمارات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أمس، إن واشنطن تواصل انتهاك قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2231» المرتبط بـ«اتفاق 2015» رغم قولها إنها تريد إحياء الاتفاق.
ونقلت وكالة «رويترز» عن خطيب زاده: «هذا التحرك مؤشر آخر على سوء نيات حكومة الولايات المتحدة تجاه الشعب الإيراني، فيما تواصل سياستها الفاشلة المتمثلة في ممارسة أقصى قدر من الضغوط على إيران».
وقال البيت الأبيض، الأربعاء، إن العقوبات الجديدة «لن تعرقل المحادثات النووية؛ لكنها ستبقى سارية بغض النظر عما إذا كان قد جرى التوصل إلى اتفاق أم لا». وصرح مسؤول أميركي، لوكالة «رويترز»، بأن العقوبات ليست مرتبطة بمفاوضات فيينا.
وتنتقد الدول الغربية برنامج «الحرس الثوري» لتطوير الصواريخ الباليستية، وترى أن الأنشطة الإيرانية لا تنسجم مع القرار «2231»، الذي يفرض قيوداً على تصميم صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية أو يمكن تطويرها لاحقاً لتكون مؤهلة لحمل الأسلحة النووية.
وقال «الحرس الثوري»، في بيان أمس: «(القوة الصاروخية) و(النفوذ الإقليمي) المرتبطان باسم (الحرس الثوري)... خط أحمر للشعب الإيراني»، مضيفاً أن بلاده مستهدفة من «نظام المافيا» الأميركي، منوهاً بأن «تضعيف وتقويض الحيوية والعمق الدفاعي والرادع لإيران من الأهداف الأساسية للأعداء من أجل تدمير أو استسلام الجمهورية الإسلامية أمام نيات نظام الهيمنة والصهيونية».
بدورها؛ نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن البيان أن «(الحرس الثوري) سيرد على أدنى خطأ من جانب... الأعداء ضد الأمة الإسلامية في أي مكان بشكل حاسم ومدمر». ويذكر البيان؛ الذي تداوله الإعلام الرسمي الإيراني: «نعلن صراحة أن إيران لم تحدد أو تنظم طريق تعزيز قوة الردع وضمان التقدم والأمن بنيات وآمال حكام البيت الأبيض وحلفائهم، حتى تريد تغييرها بالضغوط والتهديد وإغواء الدعاية الإعلامية والشيطانية».
وأتى بيان «الحرس الثوري» بمناسبة ذكرى تبني نظام «الجمهورية الإسلامية» في 1 أبريل (نيسان) 1979 بعد شهور من إطاحة نظام الشاه.
تزامنت العقوبات الأميركية مع محادثات المنسق الأوروبي في واشنطن بعدما زار طهران هذا الأسبوع في محاولة لسد الفجوات بشأن القضايا العالقة. وقال عبد اللهيان الأسبوع الماضي إن شطب «الحرس الثوري» من قائمة العقوبات «أهم قضية في المفاوضات».
واقتربت المحادثات من التوصل إلى اتفاق في أوائل مارس (آذار) الماضي حتى قدمت روسيا مطالب في اللحظات الأخيرة إلى الولايات المتحدة.
وأبلغت مصادر مقربة من المفاوضات النووية في فيينا «إذاعة فردا» الناطقة بالفارسية، أمس، أن الإدارة الأميركية طلبت التزاماً من إيران بتعليق أي محاولات للانتقام من مقتل قاسم سليماني الذي كان مسؤولاً عن العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري» الإيراني بما في ذلك الأنشطة الاستخباراتية ورعاية الجماعات التي تدين بالولاء الآيديولوجي للنظام الإيراني.
وأشارت المصادر إلى إصرار إيران على شطب «الحرس الثوري» من قائمة الإرهاب؛ «آخر عقبة أمام مفاوضات فيينا» التي تبلغ عامها الأول الأسبوع المقبل. وقال مصدر إن الأجهزة الاستخباراتية الأميركية «لديها معلومات مفصلة عن خطط إيرانية ضد بعض المسؤولين الأميركيين السابقين الذين تتهمهم طهران بالتورط في مقتل سليماني، وفي مثل هذه الظروف لا يمكن الموافقة على طلب الحكومة الإيرانية من قبل واشنطن».
وقبل أسابيع، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولين أميركيين حاليين أن التهديدات نوقشت خلال المحادثات النووية في فيينا، والتي تطالب إيران في إطارها برفع جميع العقوبات التي ترجع إلى عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أبلغت الكونغرس بأنها تدفع أكثر من مليوني دولار شهرياً مقابل توفير الأمن على مدار 24 ساعة لوزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، وكبير مساعديه المبعوث السابق الخاص بإيران برايان هوك، بسبب تهديدات «جادة وموثوق منها» من جانب إيران.
وبحسب تقرير الخارجية الأميركية؛ فإن تكلفة حماية بومبيو وهوك، بين أغسطس (آب) 2021 وفبراير (شباط) 2022 بلغت 13.1 مليون دولار. وحصلت وكالة «أسوشييتد برس»، السبت، على التقرير المؤرخ في 14 فبراير، والذي يحمل عنوان: «حساس... لكن غير سري».
والأسبوع الماضي، أفاد موقع «أكسيوس الإخباري» عن مصادر إسرائيلية وأميركية أن إيران رفضت الالتزام علناً بخفض التصعيد في المنطقة، بوصفه شرطاً أميركياً لإبعاد «الحرس الثوري» من القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية.
ونهاية الأسبوع الماضي، قال المبعوث الأميركي الخاص بإيران، روب مالي، إن العقوبات على «الحرس الثوري» ستبقى بعض النظر عن الاتفاق النووي أو مسألة إبقائه على قائمة المنظمات الإرهابية.
وتبادل روب مالي رسائل مع المسؤولين الإيرانيين عبر المنسق الأوروبي إنريكي مورا حول ملف «الحرس الثوري»، بموازاة تصاعد الانتقادات في الكونغرس الأميركي ضد تمسك واشنطن بالبقاء إلى طاولة المفاوضات في فيينا.
في مطلع 2020، قضى سليماني في ضربة جوية أميركية؛ أمر بها الرئيس السابق دونالد ترمب، بعد شهور من تعهده بشن حرب «غير متكافئة» ضد القوات الأميركية في المنطقة، على خلفية تفاقم التوترات بين الولايات المتحدة وإيران في أعقاب تصنيف «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب، ومنع إيران من تصدير النفط، وهما أهم الخطوات التي اتخذتها الإدارة الأميركية في إطار «استراتيجية الضغط الأقصى» بين أبريل ومايو (أيار) 2019، وذلك بعد عام من انسحاب الإدارة الأميركية السابقة من الاتفاق النووي.
الاثنين الماضي، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، لنواب البرلمان الأوروبي إن «هناك أموراً أخرى عالقة ليست جزءاً من الاتفاق النووي (...) إنها أمور ثانوية مثل وضع (الحرس الثوري) الإيراني».



تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
TT

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ. في حين نفت إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية ادعاءات تُروِّجها بعض الدوائر وأحزاب المعارضة عن أعداد تفوق الـ10 ملايين لاجئ، مؤكدة أن هذه الأرقام غير صحيحة.

وكشفت الإدارة في بيان، السبت، أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ مليونين و935 ألفاً، بمن في ذلك الأطفال المولودون في البلاد، والذين يجري تسجيلهم في نظام البيانات من قِبَل المديريات الإقليمية لإدارة الهجرة، وتصدر لهم وثائق الحماية المؤقتة (كمليك) التي تحتوي على رقم الهوية.

وجاء البيان ردّاً على مزاعم من قِبَل صحافيين وناشطين أتراك على منصات التواصل الاجتماعي، مفادها أن الإحصاءات الصادرة عن الحكومة حول أعداد اللاجئين غير صحيحة، وأن الأطفال السوريين حديثي الولادة لا يُسجلون في نظام إدارة الهجرة.

وترددت هذه المزاعم، بعدما قال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، إن 731 ألف سوري لا نعلم عنهم شيئاً، وليسوا موجودين في العناوين المسجلين عليها، في حين قام أكثر من 580 ألفاً آخرين بتحديث عناوينهم.

مخيم للاجئين السوريين في جنوب تركيا (أرشيفية)

وأضاف أن السوريين الذين لن يحدثوا عناوينهم حتى نهاية العام لن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات العامة في تركيا.

وكانت تركيا قد استقبلت أكثر من 3.7 مليون سوري بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلادهم عام 2011.

وفي كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الداخلية لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الخميس، قال يرلي كايا: «إن 150 ألفاً و327 سورياً لم يتلقوا أي خدمة من مؤسساتنا العامة لمدة عام على الأقل، أي أنهم ليسوا هنا، واكتشفنا أنهم عبروا إلى أوروبا، وأزلنا سجلاتهم من نظام إدارة الهجرة».

وذكر أنه بعد عمليات التحقق من العناوين، وجد أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة انخفض إلى مليونين و935 ألفاً و742 سوريّاً، لافتاً إلى أن إجمالي عدد الأجانب في تركيا يبلغ 4 ملايين و174 ألفاً و706 أجانب، منهم مليون و32 ألفاً و379 يحملون تصريح إقامة، و206 آلاف و585 تحت الحماية الدولية.

وأضاف وزير الداخلية التركي أنه «لضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة لأشقائنا السوريين إلى بلدهم، فإننا نقوم بتنفيذ خطة لتهيئة الظروف اللازمة للعودة، وخلال العام الحالي عاد 114 ألفاً و83 سوريّاً إلى بلادهم طوعاً، في حين عاد 729 ألفاً و761 إلى بلادهم طوعاً بين عامي 2016 و2024».

وزير الداخلية التركي متحدثاً عن أوضاع السوريين خلال اجتماع بالبرلمان (حسابه في «إكس»)

ويثير ملف اللاجئين السوريين جدلًا حادّاً في الأوساط السياسية بتركيا، وخلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2023، ركَّزت بعض أحزاب المعارضة، في مقدمتها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، حملاتها الانتخابية على التخلص من مشكلة اللاجئين السوريين، كما برزت أحزاب قومية أظهرت مناهضة للسوريين، أهمها حزب النصر، الذي يتزعمه أوميت أوزداغ.

ودفعت ضغوط المعارضة وتصاعد مشاعر الغضب ومعاداة السوريين بالمجتمع التركي، الحكومة إلى تنفيذ حملات للحد من وجود المهاجرين غير الشرعيين، وترحيل مخالفي شروط الإقامة.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 الحكومة التركية بإجبار اللاجئين السوريين على العودة تحت تهديد السلاح، وعلى توقيع أوراق بأنهم اختاروا العودة الطوعية.

وبدورها، تنفي الحكومة التركية الاتهامات بشأن اعتقال وترحيل مئات اللاجئين السوريين تعسفيّاً، وتقول إنهم اختاروا العودة الطوعية إلى بلادهم.

في سياق متصل، عاقبت محكمة تركية العميد بالجيش التركي المحال على التقاعد، بلال تشوكاي، بالسجن 11 سنة و6 أشهر، بتهمة تهريب سوريين إلى تركيا عبر الحدود باستخدام سيارته الرسمية.

وألقي القبض منذ أشهر على تشوكاي وعدد من مساعديه في منطقة أكتشا قلعة بولاية شانلي أورفا، الواقعة على الحدود مع منطقة تل أبيض بريف الرقة؛ حيث كان قائداً لوحدة عسكرية تركية على الحدود، وجرى تسريحه وسحب رتبه العسكرية، بعدما أظهرت التحقيقات تورطه وضباط آخرين ضمن شبكة لتهريب البشر، قامت باستثمار الأموال الناتجة عن أنشطتها غير القانونية في مشروعات تجارية.

الحكم بسجن العميد المحال للتقاعد بلال تشوكاي لتورطه في تهريب سوريين عبر الحدود (إعلام تركي)

من ناحية أخرى، أصدرت محكمة تركية حكماً بالسجن المؤبد المشدد 3 مرات على المواطن التركي كمال كوركماز، بعد إدانته بإشعال حريق متعمد في موقع بناء بمنطقة جوزال بهشه في إزمير عام 2021، ما أدى إلى وفاة 3 عمال سوريين. وطالبت منظمات حقوقية بمحاسبته على أفعاله الوحشية، وفق وسائل إعلام تركية.

وطلب المدعي العام في إزمير الحكم على المتهم بالسجن المؤبد المشدد مقابل كل ضحية بشكل منفصل، لقتله العمال السوريين الثلاثة بطريقة وحشية وحرقهم، وكذلك الحكم عليه بتهمة إلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة، لإشعاله النار في المكان الذي كان يُستخدم سكناً للعمال.