اغتيالات شبه يومية في درعا «من دون حسيب أو رقيب»

جريمة تهز جنوب سوريا بقتل ثلاثة بينهم رضيع

تشييع الأطفال الضحايا في مدينة الحراك شرق درعا (تجمع أحرار حوران)
تشييع الأطفال الضحايا في مدينة الحراك شرق درعا (تجمع أحرار حوران)
TT

اغتيالات شبه يومية في درعا «من دون حسيب أو رقيب»

تشييع الأطفال الضحايا في مدينة الحراك شرق درعا (تجمع أحرار حوران)
تشييع الأطفال الضحايا في مدينة الحراك شرق درعا (تجمع أحرار حوران)

وسط الفوضى والفلتان الأمني المستشري في عموم محافظة درعا، جنوب سوريا، بلغت حصيلة الاستهدافات في درعا، منذ بداية العام، وفقاً لتوثيقات «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، 117 استهدافاً جرت جميعها بطرق وأساليب مختلفة، وقع آخرها في ريف درعا الشمالي، منتصف ليل الأربعاء - الخميس الماضي، حيث عمد مسلحون إلى استهداف منزل أحد الأشخاص في بلدة محجة شمال درعا بالرصاص، ما أدى لإصابة زوجة صاحب المنزل وابنه بجراح خطرة، جرى نقلهما إلى المشفى على أثرها.
كما هزت جريمة مروعة مناطق ريف درعا الشرقي، يوم الأربعاء الماضي، حيث قتل أطفال بالسلاح الأبيض، وهم الرضيع أحمد القداح (8 أشهر)، وشقيقه عبد الرحمن عبد (أربع سنوات)، وأُصيبت شقيقتهما منار بجروح خطيرة نُقلت على أثرها إلى المشفى، أثناء حادثة سطو على منزلهم في مدينة الحراك بالريف الشرقي من محافظة درعا. وسجلت الجريمة «ضد مجهولين استغلوا فرصة سفر الأب خارج القطر، وخروج الأم من المنزل، وقاموا بمداهمة المنزل»، حسب مصادر.
ورجحت إدارة الأمن الجنائي أنّ دخولهم كان بغرض السرقة، ثم تطور إلى جريمة مروعة، وضرب الأطفال على رؤوسهم وأجسامهم بأدوات حادة؛ ساطور وسكاكين.
كما أصيب قبل يومين طفل (12 عاماً) برصاص عناصر مفرزة أمن الدولة، أثناء وجوده مع أطفال آخرين في منطقة المسلخ بمدينة الحارة بريف درعا الشمالي، وادعى العناصر إصابته عن طريق الخطأ. كما قُتِل قبل أيام قليلة 3 مدنيين؛ اثنان منهم من محافظة القنيطرة قُتلا في ريف درعا الغربي.
وفي ظل استمرار حالة الانفلات الأمني والاغتيالات في محافظة درعا، رغم خضوعها إلى عدة اتفاقيات تسوية مع النظام السوري وعمليات لسحب السلاح منذ عام 2018، شهدت المحافظة وفقاً لإحصائيات «المرصد السوري»، مقتل 97 شخصاً منذ شهر يناير (كانون الثاني)، راح ضحيتها 55 من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، و32 من العسكريين التابعين للنظام والمتعاونين مع الأجهزة الأمنية، وشخصيات مدنية محسوبة على النظام، وعناصر من فصائل التسويات، و5 من المقاتلين السابقين ممن أجروا تسويات ولم ينضموا لأي جهة عسكرية تابعة للنظام السوري بعدها، وعنصر سابق بتنظيم «داعش»، و3 مجهولي الهوية وعنصر من المسلحين الموالين لروسيا.
وشملت عمليات القتل والاستهداف مدنيين ومعارضين سابقين وقوات من النظام السوري وأطفالاً، وتسجل معظم هذه العمليات ضد مجهولين، وغالبيتها كان عبر زرع ألغام (عبوات ناسفة)، أو الاستهداف المباشر بالرصاص، أو عمليات السطو المسلح.
وبحسب ناشطين في درعا، فإن هذه الحوادث تتكرر منذ سنوات بشكل شبه يومي في المنطقة، وسط انعدام المحاسبة والملاحقة، وتفتح الباب أمام متهمين عدة لهم مصالح في المنطقة الجنوبية بخلط أوراقها وإبقائها بحالة غير مستقرة وغير آمنة.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.