الجزائر تعجل في خطة «الإقلاع الاقتصادي»

الحكومة ومجتمع الأعمال يعملان لفكّ التبعية المفرطة للمحروقات

سامي عقلي رئيس «الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين»
سامي عقلي رئيس «الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين»
TT

الجزائر تعجل في خطة «الإقلاع الاقتصادي»

سامي عقلي رئيس «الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين»
سامي عقلي رئيس «الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين»

«2022 سنة الإقلاع الاقتصادي»... شعار خطة اقتصادية سطّرتها الحكومة الجزائرية لتطوير اقتصادها المرهون بشكل شبه كامل بتقلبات سوق النفط الدولية. وتعتزم في هذا الإطار الدخول بقوة إلى أسواق البلدان المجاورة، خصوصاً موريتانيا ومالي، لكن المنتجات والسلع المحلية تفتقد في معظمها معايير الجودة التي تسمح لها بمنافسة البضائع الأوروبية الرائجة بالمنطقة.
وتقول السلطات إنها تعوّل على مئات المؤسسات الخاصة، لتكثيف الإنتاج الصناعي والخدمات لرفع قيمة الصادرات خارج المحروقات، من 4 مليارات دولار في نهاية 2021 إلى الضعف في نهاية العام التالي.
وأكد سامي عقلي، رئيس «الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين»، وهو أكبر تكتل لرجال الأعمال في البلاد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بالعاصمة، أن البلاد «لا تملك خياراً آخر غير إنعاش اقتصادها... فاليوم توجد إرادة سياسية لتحقيق الإقلاع المنشود، وتتوفر الحكومة على رؤية اقتصادية، وبإمكاني أن أجزم أن للمؤسسة الاقتصادية حليفاً مهماً هو رئيس الجمهورية، وهذا توجه جديد لم نألفه».
وكان الرئيس عبد المجيد تبون صرح الشهر الماضي أنه بانتهاء تجديد البرلمان ومجالس البلديات والمحافظات، عبر الانتخابات التي جرت في 2021 «سنهتم بتطوير الاقتصاد، وستكون 2022 سنة الإقلاع الاقتصادي».
وبحسب عقلي، فإن عالم الأعمال والاستثمار «مجبر على إحداث تغيير جذري في طرق وآليات عمل النظام المصرفي، وذلك وفق نظرة واقعية تعكس ما يعيشه الفاعلون في الاقتصاد والاستثمار... وتنفيذ خطة الإقلاع يكون حتماً بإشراك هؤلاء الفاعلين عند اتخاذ القرارات المناسبة لإنقاذ المؤسسة من الانهيار أولاً، وثانياً الأخذ بتجاربهم وآرائهم بخصوص أي عمل للنهوض بالاقتصاد». وأضاف: «العالم يتغير اليوم بفضل المؤسسة الاقتصادية... أزمة (كوفيد19) أفرزت وعياً لدى المسيّرين في كل البلدان بأن المؤسسة ينبغي أن تكون في صلب القرار الاقتصادي. في الجزائر نشعر أن هناك إرادة فعلية للتغيير. هل هي كافية؟ الآراء متباينة على هذا الصعيد، ولكن أعتقد أن الحكومة تعمل بجدية لفكّ التبعية المفرطة للمحروقات».
وأوضح عقلي أن الشركات الخاصة المنخرطة في الكونفدرالية (عددها يفوق الخمسين)، «كانت تترقب الالتفات إليها لإعطائها الأولوية، بعد استكمال الأجندة السياسية... ولكن لا يمكن الطموح إلى اقتصاد حديث ومتطور، من دون نسيج صناعي قوي. لا توجد دولة في العالم تطلعت إلى النمو بعد فترة صعبة عاشتها، من دون بنية تحتية منحتها قوة صناعية. المؤسسة الصناعية المنتجة هي المحرك الحقيقي للاقتصاد. هناك إرادة اليوم في فتح أسواق بالخارج بغرض التصدير، والتصدير يكون بتصنيع مواد ومنتجات. هل نحن قادرون على عرض منتجات ذات جودة في أسواق البلدان المجاورة؟... نحن في (الكونفدرالية) نقول إن ذلك ممكن، بشرط أن يجري تطوير النظام المصرفي حتى يمكنه مرافقة هذا المسعى ليبلغ الهدف».
وحول تصدير منتجات زراعية إلى موريتانيا ودول من الساحل ومن غرب أفريقيا في الأشهر الأخيرة، وما إذا كان ذلك مؤشراً على حدوث نقلة في الصادرات خارج المحروقات، قال سامي عقلي: «السوق الطبيعية للجزائر هي دول الجوار... لكن يجب أن يتوفر للشركة مناخ يشجع على تصدير منتوجها. كما أنه غير مقبول ألا تتمكن الشركة من فتح مكاتب وفروع لها في البلدان التي تطمح إلى البيع في أسواقها». وتابع: «هناك إرادة في الجزائر لتخفيض فاتورة الاستيراد، لكن البلدان التي نريد أن نصدّر إليها منتجاتنا، تفكر هي أيضاً مثلنا وتريد تخفيض الاستيراد. لذلك يجب أن تسيّر المؤسسة الجزائرية بمعايير دولية حتى تكون قادرة على المنافسة. اليوم لدينا بعض المؤسسات تقدم منتوجات ذات جودة عالية وهي معروفة».
وتفيد الإحصاءات الرسمية بأن قيمة الصادرات بلغت 50 مليار دولار سنة 2021، فيما انخفض مخزون العملة الصعبة إلى 44 مليار دولار، مما يمثّل سنة ونصفاً من الواردات. وكان المخزون في حدود 60 مليار دولار نهاية 2020، أما الصادرات من النفط والغاز فبلغت 33 مليار دولار خلال العام الحالي.



عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».