موسكو: لا اختراقات في مفاوضات إسطنبول ومصير القرم «غير مطروح للبحث»

استبعدت تحول ماريوبول إلى «ستالينغراد جديدة»... والوساطة الفرنسية لم تحرز نجاحاً

أحد سكان تروستيانيتس التي أعلنت أوكرانيا استعادة السيطرة عليها (أ.ف.ب)
أحد سكان تروستيانيتس التي أعلنت أوكرانيا استعادة السيطرة عليها (أ.ف.ب)
TT

موسكو: لا اختراقات في مفاوضات إسطنبول ومصير القرم «غير مطروح للبحث»

أحد سكان تروستيانيتس التي أعلنت أوكرانيا استعادة السيطرة عليها (أ.ف.ب)
أحد سكان تروستيانيتس التي أعلنت أوكرانيا استعادة السيطرة عليها (أ.ف.ب)

قللت موسكو أمس، من أهمية النتائج الأولية التي أفضت إليها جولة المحادثات الجديدة في إسطنبول، ونفى الكرملين أن يكون المفاوضون الروس والأوكرانيون أحرزوا تقدما في هذا اللقاء. وتزامن إعلان الرئاسة الروسية عن فشل الوساطة الفرنسية في تخفيف الوضع الإنساني في ماريوبول مع تأكيدها على عدم نية القوات الروسية خوض حرب «حتى النهاية وبأي ثمن»، وقال الناطق باسم الرئاسة ديمتري بيسكوف إن بلاده «لا تخوض معارك ستالينغراد جديدة». وعكست التصريحات الصادرة عن الكرملين أمس، مزيجا من تأكيد عدم ثقة الكرملين بأن الأجواء الإيجابية التي سيطرت على اجتماع إسطنبول أول من أمس، يمكن أن تشكل خطوة جدية نحو إنهاء الحرب وإبرام معاهدة شاملة بين روسيا وأوكرانيا، وفي الوقت ذاته، بدا الكرملين حريصا على عدم نيته تبني مواقف الأطراف الأكثر تشددا في روسيا التي تدعو إلى مواصلة حرب شاملة حتى النهاية بصرف النظر عن التكلفة الباهظة التي قد تتسبب بها. ونفى بيسكوف «حصول أي اختراقات في جولة المفاوضات التي جرت في إسطنبول بين وفدي موسكو وكييف». وقال إن الكرملين «لم يلحظ اختراقات أو تقدما واعدا في هذه الجولة رغم بروز بعض المؤشرات الإيجابية من جانب أوكرانيا».

دبابة روسية معطوبة في تروستيانيتس شمال شرقي أوكرانيا (أ.ف.ب)

ورأى الناطق الرئاسي أنه كانت هناك «نقطة إيجابية» تكمن في شروع الجانب الأوكراني في «صياغة اقتراحات ووضعها على الورق». وزاد: «فيما تبقى لا نستطيع تأكيد حصول أي شيء واعد، أي اختراق، لا يزال يتعين علينا أداء عمل يستغرق وقتا طويلا».
وكشف بيسكوف أن رئيس الوفد الروسي في المفاوضات فلاديمير ميدينسكي قد أطلع الرئيس فلاديمير بوتين على نتائج اجتماع إسطنبول فور عودته إلى موسكو مساء أول من أمس، وأنه قدم توضيحات إضافية بشأنها أمس. وتوج اجتماع إسطنبول بإعلان روسيا عن تقليص أنشطتها العسكرية في محوري كييف وتشيرنيغوف، ضمن عملياتها العسكرية في أوكرانيا. من جانبها، أعربت الحكومة الأوكرانية عن استعدادها لمناقشة إمكانية إثبات وضعها الحيادي شريطة تلقيها ضمانات أمنية من عدة دول وتمهيد الطريق لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. كما توصل الطرفان إلى اتفاق على إمكانية عقد لقاء بين الرئيسين فلاديمير بوتين وفلاديمير زيلينسكي بالتزامن مع إبرام النسخة الأولية من اتفاق سلام محتمل بين موسكو وكييف. وقال رئيس الوفد الروسي تعليقا على نتائج الجولة إن «العمل مستمر والمفاوضات مستمرة. أود أن أؤكد بشكل منفصل أن الموقف المبدئي من جانبنا فيما يتعلق بشبه جزيرة القرم ودونباس لم يتغير».

أوكرانيتان تمران بدبابة روسية مدمرة في تروستيانيتس (أ.ف.ب)

وزاد في مقابلة تلفزيونية أمس، أنه «لأول مرة منذ سنوات، أعلنت سلطات كييف استعدادها للتفاوض مع روسيا». وأضاف «قدموا لنا مبادئ اتفاقية مستقبلية محتملة، مكتوبة على الورق». وأوضح رئيس الوفد إن المبادئ تنص على «الامتناع عن الانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، وتحديد حالة عدم الانحياز لأوكرانيا، والتخلي عن الأسلحة النووية، وكذلك حيازة أنواع أخرى من أسلحة الدمار الشامل وحيازتها وتطويرها، والتخلي عن الأسلحة النووية، ونشر القواعد العسكرية الأجنبية والوحدات العسكرية، والالتزام بإجراء التدريبات العسكرية بمشاركة القوات المسلحة الأجنبية فقط بعد الاتفاق مع الدول الضامنة، بما في ذلك روسيا».
وفي إشارة إلى نقطة وردت في الاقتراحات الأوكرانية المقدمة، تتعلق بتعهد كييف عدم شن عمل عسكري لاستعادة السيطرة على القرم ودونباس، أكد ميدينسكي أن هذا الموضوع «ليس مطروحا للبحث مع الجانب الأوكراني». وكان بيسكوف قال إن روسيا «وفقاً للدستور، لن تناقش مصير أراضيها ومناطقها مع أي طرف». وقال إن الكرملين لا يدلي بتصريحات حول القضايا المطروحة حاليا «بشكل جوهري على طاولة المفاوضات». كما لفت بيسكوف إلى ما تصفه موسكو بالتباين داخل النخب الأوكرانية حول ملف المفاوضات، وزاد أن «الخلاف» العام في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية من جانب ممثلي أوكرانيا، بما في ذلك أولئك الذين لا علاقة لهم بالعملية التفاوضية، لا يساهم في إحراز نجاح.
في شأن آخر، قال الناطق الرئاسي الروسي إن موسكو وباريس لم تنجحا في إحراز أي تقدم، خلال المكالمة الأخيرة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون، بشأن تنظيم عملية إنسانية في مدينة ماريوبول المحاصرة من قبل القوات الروسية. ولم يوضح تفاصيل إضافية عن هذا الموضوع، لكنه في المقابل قال إن بلاده لا تنوي شن عملية عسكرية «حتى النهاية».
وفي تعليق على دعوات برزت في موسكو إلى مواصلة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا «حتى النهاية وبأي ثمن»، قال بيسكوف: «هذا الأمر ليس مطروحا على الأجندة الروسية ولا ينبغي أن تكون في خططنا خوض أي (معارك ستالينغراد) جديدة». وزاد أن الأهم عدم الاندفاع وراء العواطف، مضيفا: «تدار المفاوضات من قبل جانب مهنيين ويجب الوثوق بهم (...) وموقف الجانب الروسي معروف جيدا ومنطقي ويستند إلى أرضية راسخة ولم يطرأ عليه أي تغييرات».
وتطرق إلى ملف صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، الذي كان أيضا، ضمن محاور البحث بين بوتين وماكرون. وقال إن الرئيس الروسي طرح خلال المكالمة موضوع دفع ثمن الغاز الروسي بالعملة الروسية الروبل. من دون أن يوضح تفاصيل عن رد ماكرون على المطلب الروسي.
وينتظر أن تنتهي اليوم، المهلة التي حددها الرئيس الروسي لانتقال حكومة بلاده إلى التعامل بالروبل مع عقود الغاز المبرمة مع أوروبا، ونص قرار رئاسي إلى بدء سريان هذا القرار في مطلع أبريل (نيسان). لكن غالبية البلدان الغربية رفضت المطلب الروسي، وأكدت أن العقود المبرمة سابقا مع روسيا لا تنص على بند يخول موسكو تغيير آليات الدفع. في المقابل لوحت موسكو بإمكان قطع الإمدادات عن البلدان التي تمتنع عن دفع أسعار الغاز بالروبل، وقال بيسكوف قبل يومين إن بلاده «لا تزود أي طرف بالغاز مجانا».


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.