واشنطن تشكك في نية روسيا خفض العمليات وترسل 500 مليون دولار مساعدات لأوكرانيا

قلق متزايد من التقارب الروسي مع الصين والهند

الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تشكك في نية روسيا خفض العمليات وترسل 500 مليون دولار مساعدات لأوكرانيا

الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)

بعد مكالمة استمرت لساعة تقريباً بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأوكراني، فولوديمير زلينسكي، صباح اليوم (الأربعاء)، أعلن البيت الأبيض أن إدارة بايدن تعتزم تزيد الحكومة الأوكرانية بمبلغ 500 مليون دولار لمساعدة مباشرة للميزانية، ودفع رواتب المسؤولين والقادة العسكريين.
بينما جدد الرئيس زيلينسكي مساعيه للحصول على مزيد من الأسلحة الدفاعية.
وأوضح بيان البيت الأبيض أن النقاش تطرق إلى العمل المستمر من قبل الولايات المتحدة وخلفائها لتقديم المساعدة العسكرية والاقتصادية والإنسانية لأوكرانيا، وفرض تكلفة باهظة على روسيا بسبب عدوانها الوحشي ضد أوكرانيا، بينما أطلع الرئيس زيلينسكي الرئيس بايدن على مسار المفاوضات التي تجري بين وفدي أوكرانيا وروسيا في تركيا.
وتأتي المكالمة في الوقت الذي قال فيه مسؤول أميركي إن كبار مستشاريه ضللوا بوتين، وسط مؤشرات على أنه ليس على دراية كاملة بالخسائر في ساحة المعركة والكوابيس اللوجيستية التي واجهتها القوات الروسية منذ بداية فبراير (شباط)، حينما بدأ الغزو لأوكرانيا.
وقال مسؤولون أميركيون ناقشوا معلومات رُفِعت عنها السرية بشرط عدم الكشف عن هويتهم: «لدينا معلومات شعر بوتين بتضليلها من قبل الجيش الروسي»، مما دفعه إلى عدم الثقة في القادة.
وقد أبدت الإدارة الأميركية شكوكاً كبيرة حول قيام روسيا بتقليص العمليات العسكرية في أوكرانيا، وأشارت إلى أن العاصمة الأوكرانية كييف لا تزال تحت التهديد الروسي، كما أبدت الإدارة الأميركي بعض القلق حول أهداف قيام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بزيارة الصين، في أول زيارة له لبكين منذ بداية الحرب ضد أوكرانيا.
وقال الرئيس بايدن في مؤتمر صحافي، مساء أمس، إنه سينتظر ويرى ما إذا كانت روسيا تفي بتعهدها بعد محادثات السلام التي جرت في إسطنبول، وقال بايدن رداً على تصريحات روسيا خلال المفاوضات التي أُجريت في تركيا مع مسؤولين أوكرانيين: «سنرى. أنا لا أقرأ أي شيء فيه حتى أرى ما هي أفعالهم». وأشار بايدن إلى المفاوضات الجارية في تركيا بين أوكرانيا وروسيا، وقال إن هناك إجماعاً بين الحلفاء الغربيين «لمعرفة ما لديهم لتقديمه».
كما صرح قادة أوروبيون آخرون بأنهم سيقيمون حديث روسيا عن التراجع عن الهجمات على كييف من خلال التركيز على ما تفعله موسكو في أوكرانيا، وليس ما تقوله. وتستعد الولايات المتحدة وحلفاؤها لعقوبات جديدة على روسيا وشحن إمدادات إضافية إلى أوكرانيا.
وخلال تلك المفاوضات، قالت أوكرانيا إنها مستعدة لمناقشة وضع شبه جزيرة القرم المحتلة، بينما أشارت روسيا إلى إمكانية عقد اجتماع بين رئيسي البلدين، فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي. وقال نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين إن تأكيد روسيا على أنها ستقلص هجومها بالقرب من كييف كان يهدف إلى زيادة الثقة في المحادثات مع أوكرانيا، بعد فشل عدة جولات من المفاوضات حول وقف إطلاق النار المحتمل وممرات الإجلاء. وأضاف فومين في إسطنبول أن روسيا مستعدة «لتقليص النشاط العسكري»، حول كييف، ومدينة تشيرنيهيف الشمالية، وكانت مستعدة لعقد اجتماع بين بوتين والرئيس زيلينسكي بمجرد أن تصبح مسودة اتفاق سلام جاهزة.

تفاؤل سابق لأوانه

ولم توضح روسيا الشكل الذي يبدو عليه خفض النشاط العسكري بينما أثار التعهد الآمال في أن الطريق نحو إنهاء الحرب أصبح في متناول اليد. ووصف زيلينسكي المحادثات مع روسيا بأنها «إيجابية»، لكنه قال إنه «من السابق لأوانه الحديث عن الأمن في هذا الجزء من منطقتنا». وحذر زيلينسكي دول العالم من التفاؤل المبالغ فيه وقال: «الأوكرانيون ليسوا ساذجين. لقد تعلم الأوكرانيون بالفعل خلال 34 يوماً من الغزو، وخلال السنوات الثماني الماضية من الحرب في دونباس أنه لا يمكنك الوثوق إلا بالنتائج الملموسة».
ولم تسفر تلك المفاوضات عن اتفاق لوقف إطلاق النار، رغم التفاؤل الذي حققه بعض التقدم الذي أدى إلى انخفاض أسعار النفط والحبوب.
وبعد مكالمة جماعية صباح الثلاثاء مع قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا امتدت لمدة ساعة، اتفقت رؤى زعماء الدول في شكوكهم حول نيات روسيا، لا سيما أنها عززت هجماتها عند مشارف مدينة كييف. وقال وزير الخارجية أنطوني بلينكين للصحافيين المرافقين له في زيارته للمغرب: «هناك ما تقوله روسيا، وهناك ما تفعله روسيا. نحن نركز على الأفعال».
وحذر «البنتاغون» من أن عدداً صغيراً فقط من القوات الروسية بالقرب من كييف قد انسحب من القتال، وأن روسيا ربما تقوم «بإعادة تمركز» قواتها قبل شن هجمات متجددة في أوكرانيا. وقد أدى هذا القصف لمناطق حول كييف بعد ساعات من تعهُّد موسكو بتقليص العمليات العسكرية إلى انخفاض التفاؤل بشأن إمكانية إحراز تقدم في المحادثات.
من جانبه، حذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، من أن الرئيس بوتين لا يزال بإمكانه السعي إلى «ثني السكين»، رغم جهود الحرب المتعثرة التي تبذلها روسيا بعد خمسة أسابيع من الهجمات البرية والجوية.
وقال المتحدث باسم جونسون إن المملكة المتحدة تدرس «جميع الخيارات الممكنة» لضمان حصول أوكرانيا على المعدات اللازمة مع تجنب أي «آثار تصعيدية». وقال نائب رئيس الوزراء البريطاني دومينيك راب لشبكة «سكاي نيوز» اليوم: «نحكم على الآلة العسكرية الروسية من خلال أفعالها، وليس فقط أقوالها. من الواضح أن هناك بعض الشك في أنه سيعيد تجميع صفوفه للهجوم مرة أخرى بدلاً من الانخراط بجدية في الدبلوماسية». وأضاف أنه «بالطبع سيظل باب الدبلوماسية مفتوحاً دائماً، لكن لا أعتقد أنه يمكنك الوثوق بما يخرج من فم آلة بوتين الحربية».
وأوضح أن تقييم وزارة الدفاع البريطانية أن تركيز روسيا على منطقة دونباس «من المحتمل أن يكون اعترافاً ضمنياً بأنها تكافح للحفاظ على أكثر من محور تقدم مهم».
ويقول مسؤولون غربيون إن موسكو تعزز الآن قواتها في دونباس في محاولة لتطويق القوات الأوكرانية هناك. ويستمر حصار روسيا في مدن الجنوب، والمدنيون محاصرون في أنقاض ماريوبول ومدن مدمرة أخرى.
وأشار المحللون إلى أن الهجمات المتجددة على مشارف كييف تعزز فكرة أن روسيا ليست في عجلة من أمرها لإنهاء حربها أو إرسال انسحاب لقواتها. وقال بعض المحللين إن العروض الروسية الجديدة خدعة، وليست إشارة إلى نهاية دبلوماسية على المدى القريب للصراع، وإن ما تعهدت به في خفض العمليات العسكرية مجرد حيلة لإعادة تجهيز القوات بعد ما تكبدته من خسائر فادحة.

العلاقات الروسية - الصينية

ولا تزال التوترات بين واشنطن وبكين مشتعلة، مع قلق الإدارة الأميركية من الموقف الصيني تجاه روسيا، وجاءت زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لتزيد مستويات القلق من التقارب الروسي - الصيني. وقد استغل لافروف لقاءً ثنائياً في شرق الصين مع نظيره وانغ يي لإعلان نظام عالمي جديد يرغب فيه البلدان. وقال لافروف إن العالم «يعيش مرحلة بالغة الخطورة في تاريخ العلاقات الدولية»، وفي نهاية إعادة صياغة العلاقات الدولية هذه «سنمضي نحن وإياكم والمتعاطفين معنا، نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب عادل وديمقراطي».
ومن المقرر أن يقوم لافروف غداً بزيارة الهند، حيث يتوقع أن يضغط على نيودلهي لمقاومة الضغوط الأميركية والغربية لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.
وخلال الأسابيع الماضية، حاولت الهند موازنة علاقاتها مع روسيا والغرب، لكنها، على عكس الأعضاء الآخرين، في مجموعة الحوار الأمني الرباعي، (الولايات المتحدة واليابان وأستراليا)، لم تفرض عقوبات على روسيا، كما امتنعت الهند عن تأييد قرارات الأمم المتحدة التي تدين روسيا، وتواصل نيودلهي شراء النفط وسلع أخرى من روسيا، ما دفع الرئيس بايدن لانتقادها، الأسبوع الماضي.
وقد أعلنت إميلي هورن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي عن قيام داليب سينغ، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي وكبير الاستراتيجيين في المجلس المتخصص في صياغة وفرض العقوبات، بزيارة الهند، وقال البيت الأبيض إن سينغ «سيتشاور عن كثب مع نظرائه (الهنود) بشأن عواقب حرب روسيا غير المبررة ضد أوكرانيا وتخفيف تأثيرها على الاقتصاد العالمي».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».