مصر: فانوس رمضان يفتقد زحام الزبائن

أسعار أنواعه التقليدية ارتفعت بنحو 30 %

الفوانيس من مختلف الأحجام والأشكال والأنواع (الشرق الأوسط)
الفوانيس من مختلف الأحجام والأشكال والأنواع (الشرق الأوسط)
TT

مصر: فانوس رمضان يفتقد زحام الزبائن

الفوانيس من مختلف الأحجام والأشكال والأنواع (الشرق الأوسط)
الفوانيس من مختلف الأحجام والأشكال والأنواع (الشرق الأوسط)

رغم موجة «الغلاء» التي تشهدها الأسواق المصرية، فإن أحمد عاطف، الموظف الحكومي، حرص على اصطحاب زوجته وطفلته ذات الست سنوات إلى ميدان السيدة زينب، أحد أقدم الميادين الشعبية بالقاهرة، لشراء فانوس رمضان، الذي يعتبره عادة مبهجة أقوى من أي غلاء.
أمام عدد كبير من الفوانيس مختلفة الأحجام والأشكال والأنواع، التي يشتهر الميدان بأماكن بيعها، يقول أحمد لـ«الشرق الأوسط»: «وجدت ما كنت أتوقعه، ارتفعت أسعار الفوانيس بشكل كبير هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة. ورغم ذلك سأقوم بشراء الفانوس لابنتي، فقد اعتادت على ذلك، وجئنا للشراء اليوم بناء على رغبتها في اقتناء فانوس جديد».
طال «الميدان الزينبي» أثر الحرب الروسية الأوكرانية، التي يُحمّلها البعض مسؤولية الغلاء الذي ضرب الأسواق خلال الآونة الأخيرة، كما تعكس أركانه سلوك الاستغلال من جانب بعض التجار الذين لاحقتهم اتهامات باتخاذ الحرب ذريعة لرفع أسعار البضائع والمنتجات دون مبرر، فالمكان الذي كان يشهد زحاماً شديداً في مثل هذه الأيام من كل عام، قبيل شهر رمضان، قلّ زحامه وضعف الإقبال عليه من المصريين لشراء احتياجاتهم الرمضانية. وبينما يحافظ الميدان على مشاهده الرمضانية المعتادة، إلا أن الإقبال لا يقارن بما يشهده في كل عام، بحسب وصف «عم السيد»، بائع الفوانيس، الذي صفّ بضاعته بجوار أسوار مسجد السيدة زينب، جالساً أمامها منتظراً إقبال الزبائن.
يقول البائع الستيني: لـ«الشرق الأوسط»: «الإقبال على شراء الفوانيس أقل بكثير مقارنة بالأعوام السابقة بسبب ارتفاع أسعاره هذا العام، وحتى الآن لم نقم ببيع نصف ما قمنا ببيعه العام الماضي في الفترة نفسها، ونأمل أن تنتعش حركة البيع الأيام المقبلة قبل حلول الشهر الكريم».


 ارتفاع في أسعار الفوانيس هذا العام (الشرق الأوسط)

ويشير إلى أن أسعار بضاعته من الفوانيس المصنوعة من الزجاج وصفائح النحاس والصاج ارتفعت بنحو 30 في المائة إلى 50 في المائة عن العام الماضي، مبيناً أن الفانوس متوسط الحجم ارتفع من 300 جنيه (نحو 19 دولاراً) إلى 450 جنيهاً (29 دولاراً) هذا العام، والصغير من 75 جنيهاً إلى 125 جنيهاً. بينما تنبعث نغمات أغنية «وحوي يا وحوي» الشهيرة من مكبرات الصوت التي تجاور فوانيس رمضان المتراصة أمام أحد الباعة بالميدان، قالت ربة المنزل السيدة عفاف: «ربنا ما يقطع لنا عادة»، وتابعت وهي تشير إلى أحفادها الذين يختارون فوانيسهم من بين عشرات الأشكال: «شراء الفانوس طقس وعادة رمضانية، تعودت عليها منذ كنتُ صغيرة وورثتها مني ابنتي، وفي كل عام أحضر معها لشراء الفوانيس لأطفالها، نعم هناك ارتفاع كبير في الأسعار لكن شراءها أمر حتمي، حتى يفرح الأحفاد ويشعرون ببهجة شهر رمضان».


«عم السيد» بائع الفوانيس بميدان السيدة زينب بالقاهرة في انتظار الزبائن (الشرق الأوسط)

الأحفاد أنفسهم راقت لهم أشكال حديثة للفانوس بخلاف شكلها التقليدي المعتاد، حيث تتخذ شكل الألعاب، والتي تنطلق في الغناء «وحوي يا وحوي» بمجرد تشغيلها.
وهي نوعية الفوانيس التي اختارها البائع محمد علي، تحديداً لكونها «تجذب أعين الأطفال»، على حد قوله. ويضيف قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذا النوع من الفوانيس على هيئة عرائس شخصيات رمضان التلفزيونية والكارتونية الشهيرة، والتي ارتبطت بالمصريين منذ عقود، وكذلك الفوانيس على شكل محمد صلاح نجم الكرة المصري، تجد إقبالاً منذ العام الماضي، وحاولنا التوسع في بيعها هذا العام، إلا أن حالة الغلاء جعلت كثيرين يحجمون عن الشراء».
وبعيداً عن الفوانيس؛ تجد زينة رمضان إقبالاً ملحوظاً، وذلك نظراً لسعرها المناسب لفئات عديدة (ما بين دولار و3 دولارات)، حيث يكثر الإقبال على شراء أفرع زينة رمضان التي يتم تعليقها كديكورات بالمنازل والشرفات، مثل أفرع الزينة المصنوعة من قماش الخيامية، أو قماش البوليستر، وأفرع الإنارة البسيطة التي تكون على شكل نجوم أو هلال مضيء، والزينة اللامعة، وغيرها.
بجانب باعة الفوانيس والزينة في الميدان ومحيطه، وجود كالمعتاد باعة التمور والياميش، المتمثل في المكسرات (عين الجمل والبندق واللوز والفستق)، والفواكه المجففة (الزبيب والمشمش والتين)، إلا أن حركة البيع والشراء جاءت على غير المعتاد في مثل هذا التوقيت سنوياً.
ويؤكد سمير الخطيب، أحد تجار التمور والياميش، في ميدان السيدة زينب، ارتفاع أسعار الأصناف المستوردة بشكل كبير، بينما زادت أسعار الأنواع المحلية بنسبة ضئيلة، وهو ما جعل الجمهور لا يقبل على الشراء، فالغلاء لم يكن متوقعاً بهذه الدرجة، لذا قرر لبعض الاستغناء عن الياميش أو شراء صنف واحد أو اثنين فقط بما يناسب ميزانيته، فيما شهد بيع التمور إقبالاً لافتاً حتى الآن، لأن أسعاره في متناول الجميع.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».