صمود أوكرانيا في وجه روسيا يعيد «الثقة» للقوة الأميركية

واشنطن ترسل طائرات تشويش لدعم الجبهة الشرقية وتسرّع إنتاج صواريخ «ستينغر» و«جافلين»

أسلحة مضادة للدبابات وقعت في أيدي القوات الانفصالية الموالية لروسيا (إ.ب.أ)
أسلحة مضادة للدبابات وقعت في أيدي القوات الانفصالية الموالية لروسيا (إ.ب.أ)
TT

صمود أوكرانيا في وجه روسيا يعيد «الثقة» للقوة الأميركية

أسلحة مضادة للدبابات وقعت في أيدي القوات الانفصالية الموالية لروسيا (إ.ب.أ)
أسلحة مضادة للدبابات وقعت في أيدي القوات الانفصالية الموالية لروسيا (إ.ب.أ)

أعلن متحدث أميركي دفاعي كبير، أن الوضع الميداني للمعارك في أوكرانيا لا يزال على حاله من دون أن تتمكن القوات الروسية من تحقيق أي تقدم على الأرض. وأضاف في إحاطة هاتفية، أن روسيا تواصل إطلاق صواريخها الباليستية المتوسطة والبعيدة المدى، وأن عددها بلغ نحو 1400 صاروخ حتى الآن، حيث تستهدف المدن الأوكرانية لإلحاق أكبر قدر ممكن من الدمار فيها. وقال، إن تقييم البنتاغون للوضع في كييف لا يزال على حاله، مؤكداً أن القوات الروسية ليس فقط لا تحرز أي تقدم نحوها، بل إنها لا تبذل أي جهد على الأرض للتقدم إلى المدينة، لكنها تواصل ضربها بصواريخ بعيدة المدى، في حين القوات الأوكرانية ثابتة في دفاعها عنها وتحاول دفع الروس إلى الوراء أيضاً. وفي مدينة تشيرنيهيف، أكد المسؤول الدفاعي، أنه لا توجد تغييرات حقيقية فيها، والقوات الروسية متوقفة على بعد 8 إلى 10 كيلومترات من المدينة، وأن الأوكرانيين ما زالوا قادرين، ليس فقط على الحفاظ على خطوط الاتصال، ولكن أيضاً على القدرة على توفير الإمدادات إلى المدينة.
- لا تغييرات ميدانية
وأكد، أنه لا توجد تغييرات حول مدينة خاركيف، ثاني أكبر مدينة أوكرانية، في حين أن الروس يحرزون تقدماً تدريجياً في الجنوب الشرقي نحو دونباس، خارج بلدة إيزيوم التي يواصل الأوكرانيون الاحتفاظ بها، بعدما أبعدوا القوات الروسية عنها بنحو 15 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي. وأضاف، أن القوات الروسية تعيد ترتيب أولوياتها بالنسبة إلى دونباس، ومحاولتهم عزلها، عبر قطع خطوط الإمداد عن القوات الأوكرانية الموجودة في أو بالقرب من منطقة دونباس. وأضاف، أن القتال العنيف لا يزال يدور في مدينة ماريوبول الساحلية على بحر آزوف، حيث يستخدم الروس صواريخهم بعيدة المدى، لكنهم لم يتمكنوا من السيطرة عليها، في ظل مقاومة أوكرانية عنيفة أوقعتهم في مأزق حقيقي حتى الآن. وأكد، أن القوات الأوكرانية تواصل هجماتها لاستعادة مدينة خيرسون، المدينة الوحيدة التي كانت سقطت في يد القوات الروسية، في الأيام الأولى للحرب، وأن الوضع فيها أصبح متأرجحاً، وباتت منطقة متنازع عليها. ولا تزال القوات الأوكرانية تحتفظ بمدينة ميكولايف، بعدما تمكنت من إبعاد القوات الروسية باتجاه الجنوب الشرقي منها. وأضاف، أنه لا يوجد تغيير في المجال الجوي للحديث عنه، ولا تغيير في البيئة العسكرية البحرية، حيث لم تسجل أي هجمات برمائية وشيكة على مدينة أوديسا، ولا يوجد نشاط بحري إضافي يمكن التحدث عنه، عمّا جرى يوم الجمعة بعد تدمير سفينة الإنزال الروسية في ميناء بيرديانسك على البحر الأسود. وأضاف، أنه لا توجد تحديثات بشأن التعزيزات الروسية من مناطق أخرى، باستثناء القوات المحدودة التي استقدمت من جورجيا. وعندما سُئل عن الاتصالات التي تجريها الولايات المتحدة مع بعض الحلفاء لتوريد منظومات دفاع جوية بعيدة المدى من طراز «إس - 300»، قال المسؤول الدفاعي، إن البنتاغون مستمر في التشاور مع مجموعة من الحلفاء والشركاء الذين لديهم هذه الأنواع من أنظمة الدفاع الجوي بعيدة المدى. وأضاف، أن ليس لديه أي إعلانات بهذا الشأن، «وربما لن نفعل ذلك بأي حال من الأحوال؛ لأن هذه قرارات سيادية لتلك الدول». وهي التي قد تتحدث أو لا تتحدث عنها، وتقرر في نهاية المطاف الإعلان عنها.
- استعادة الثقة بعد خيبات العراق وأفغانستان
وفي تقييم للحرب الأوكرانية والدروس التي يمكن استخلاصها منها، بعد مُضي أكثر من شهر على الغزو الروسي لهذا البلد، قال مسؤول دفاعي، إن كبار مسؤولي البنتاغون، يشعرون بثقة جديدة في القوة الأميركية. وأضاف، أنه منذ عقد من الزمن، كان قادة البنتاغون يراقبون بقلق متزايد الحصار في أفغانستان، وصعود الصين كقوة عالمية وبرنامج التحديث العسكري الروسي الطموح. وكان الإجماع في بكين وموسكو وحتى بين البعض في واشنطن أن حقبة «الهيمنة الأميركية العالمية» تقترب بسرعة من نهايتها. لكن اليوم عادت الثقة بالقوة الأميركية، مدفوعة بالفاعلية المفاجئة للقوات الأوكرانية المدعومة من الولايات المتحدة، والخسائر الفادحة لروسيا في ساحة المعركة، والدروس التحذيرية التي يعتقد أن الصين «تأخذها في الاعتبار» من هذه الحرب. وقال المسؤول الدفاعي عن مكانة أميركا في العالم «اسمحوا لي أن أصفها على هذا النحو، مع من نريد تبديل المواقع؟».
واعتبر هذا الكلام تحولاً في لهجة البنتاغون، بعدما أنهى في أغسطس (آب) الماضي، حرباً استمرت 20 عاماً في أفغانستان، بانسحاب فوضوي مع عودة حركة «طالبان» إلى السلطة.
يقول المسؤول، إنه على الرغم من أن الجيش الأميركي لم يلعب دوراً أساسياً في الرد على الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن الأسابيع القليلة الماضية أظهرت أن الولايات المتحدة يمكنها تنظيم «أولويتها في النظام المالي العالمي» وشبكة حلفائها «بطرق تمكنها من ضرب المعتدين». وعزز نجاح القوات الأوكرانية التي درّبتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، ثقة البنتاغون في أعقاب الانهيار المحرج للجيوش التي درّبتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان على مدى العقد الماضي. وأظهر الجيش الأوكراني، أنه قادر على إلحاق خسائر فادحة بالقوات الروسية الأكبر والأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية؛ الأمر الذي فاجأ الكثيرين في البنتاغون. ويعتقد هذا المسؤول، أن إخفاقات القوات الأفغانية «ربما» جعلت المسؤولين الأميركيين يقللون من شأن القوات الأوكرانية في بادئ الأمر.
- دروس للصين في تايوان
ويتحدث عن ضرورة التأكد من أن بوتين سيعاني من «فشل استراتيجي». ويعتقد مسؤولو البنتاغون، أن مثل هذه النتيجة سيكون لها عواقب بعيدة المدى، ليس فقط في موسكو، ولكن أيضاً في بكين، حيث يكاد يكون من المؤكد أن الرئيس الصيني شي جينبينغ يستخلص الدروس من مغامرة بوتين. وقال، إن تايوان، مقارنة بأوكرانيا، هي «منطقة جحيم» لقوة غازية، حيث تجمع أراضيها، بين الشواطئ المفتوحة والتضاريس الجبلية والمدن الكثيفة.
ونُقل عن وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس، تقييم مشابه خلال حديث له يوم الأربعاء عبر الإنترنت، مع مايكل فيكرز، وكيل وزارة الدفاع السابق للاستخبارات. وقال غيتس، إن كلاً من شي وبوتين وصفا الولايات المتحدة بأنها «في حالة انحدار»، ومشلولة سياسياً ومتشوقة للانسحاب من بقية العالم. وأضاف «لكن بعد الذي جرى في أوكرانيا على شيء أن يتساءل عن جيشه في هذه المرحلة». «مقاومة الأوكرانيين يجب أن تجعله يتساءل، عمّا إذا كان قد قلل من أهمية عواقب هجوم عسكري على تايوان».
- تسريع إنتاج «ستينغر» و«جافلين»
من جهة أخرى، نقلت محطة «سي إن إن» عن مسؤولين دفاعيين، أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، تخطط لتسريع إنتاج صواريخ «ستينغر» المحمولة على الكتف المضادة للطائرات، وصواريخ «جافلين» المضادة للدروع؛ لتعويض مخزونها من هذه الصواريخ، التي استنفد احتياطها في ظل مواصلة الولايات المتحدة وعدد من حلفائها أرسال هذه الصواريخ إلى الجيش الأوكراني. وأضافت المحطة، أنه تبعاً للوثيقة التي اطلعت عليها عن طلبات القوات الأوكرانية من تلك الصواريخ، فإنها تحتاج إلى 500 صاروخ «جافلين» و500 صاروخ «ستينغر» يومياً. وأرسلت الولايات المتحدة وحلفاؤها نحو 17 ألف صاروخ مضاد للدبابات وألفي صاروخ مضاد للطائرات إلى أوكرانيا بحلول 7 مارس (آذار) الحالي، وأن هذه الكمية زادت منذ ذلك الوقت. وأعلن البيت الأبيض في 16 مارس تقديم حزمة مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 800 مليون دولار، تضمنت 800 صاروخ «ستينغر» وألفي صاروخ «جافلين». وكان خط إنتاج صواريخ «ستينغر» الذي تنتجه شركة «رايثيون» قد أغلق في السابق، وأعيد تشغيله الآن لتلبية الطلب الخارجي. وقالت المتحدثة باسم البنتاغون جيسيكا ماكسويل، إنه من أجل إبقاء خط الإنتاج مفتوحاً بكفاءة، يتم النظر في العديد من الخيارات، لزيادة القدرة الإنتاجية، وتقليل المدة الزمنية للإنتاج، بالتشاور مع الشركة. وأضافت، أنه لتحقيق ذلك سيتم زيادة عدد العاملين في خطوط الإنتاج، وتصنيع مكونات جديدة لاستبدال الأجزاء القديمة والحصول على أدوات إضافية ومعدات اختبار لخط الإنتاج، مشيرة إلى أن إنتاج صواريخ «جافلين» هو في وضعية كاملة؛ الأمر الذي أكدت عليه الشركة أيضاً، بحسب تقرير «سي إن إن».
- طائرات أميركية للتشويش الإلكتروني
على صعيد آخر، أعلن البنتاغون، أول من أمس (الاثنين)، أنّه سيرسل إلى ألمانيا ستّ طائرات تشويش تابعة لقوات البحرية الأميركية لتعزيز قدرات حلف شمال الأطلسي. وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي، إنّ طائرات «إي آيه - 18جي»، «لا يتمّ نشرها لكي تُستخدم ضدّ القوات الروسية في أوكرانيا»، بل «تماشياً مع جهودنا لتعزيز قدرات الردع والدفاع لحلف شمال الأطلسي على طول الجناح الشرقي». وأضاف، أنّه من المتوقع أن تصل الطائرات إلى قاعدة سبانغدالم الجوية في ألمانيا، الاثنين، من قاعدة ويدبي آيلاند الجوية في واشنطن. وأشار إلى أن هذه الطائرات هي نسخة معدلة من طائرة «إف - آيه - 18»، المتخصصة بالحرب الإلكترونية وتستخدم أجهزة استشعار للتشويش على رادارات وأنظمة الدفاع الجوي التابعة للعدو. وقال كيربي، إنّ 240 من أفراد البحرية سيرافقون هذه الطائرات إلى ألمانيا. وفي مقترح للميزانية، الاثنين، كشف البيت الأبيض عن خطط لإنفاق 6.9 مليار دولار لمساعدة أوكرانيا في صد الغزو الروسي ودعم الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي. ورغم تكثيف الولايات المتحدة مساعداتها لأوكرانيا في أعقاب الغزو الروسي، بما في ذلك المساعدات الأمنية والإنسانية، فإنها لا تزال تستبعد حتى الآن إرسال طائرات أو أنظمة أسلحة نوعية أخرى إلى أوكرانيا. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، إنه لا يريد تجاوز الخطوط التي يمكن أن تؤدي إلى «حرب عالمية ثالثة» أو أن تضع روسيا في مواجهة حلف شمال الأطلسي. ويضغط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على دول الأطلسي لمد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الجوي والدبابات والعربات المدرعة والصواريخ المضادة للسفن.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية» لتسوية النزاع مع روسيا

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي» لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك» بحثاً عن تسوية النزاع مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا جندي روسي خلال تدريبات عسكرية في الخنادق (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

روسيا تعلن السيطرة على «مركز لوجيستي مهم» في شرق أوكرانيا

سيطرت القوات الروسية على مدينة كوراخوف بشرق أوكرانيا، في تقدّم مهم بعد شهور من المكاسب التي جرى تحقيقها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.