موسكو ودمشق تستهدفان «مواقع تركية» في ريف حلب

روسيا جددت غاراتها في شمال سوريا

موسكو ودمشق تستهدفان «مواقع تركية» في ريف حلب
TT

موسكو ودمشق تستهدفان «مواقع تركية» في ريف حلب

موسكو ودمشق تستهدفان «مواقع تركية» في ريف حلب

جددت طائرات روسية غاراتها على منطقة «خفض التصعيد»، في شمال غربي سوريا، الاثنين 28 مارس (آذار)، في وقت استهدفت قوات النظام السوري مواقع عسكرية تركية لليوم الثاني على التوالي، وتوقع جرحى في صفوف قواتها، بريف حلب شمال سوريا.
وقال أدهم الحلبي، وهو ناشط في ريف حلب، إن «المقاتلات الروسية الحربية نفذت صباح الاثنين 28 مارس، 4 غارات جوية بصواريخ فراغية شديدة الانفجار على محيط منطقة معرة النعسان بريف حلب الجنوبي الغربي، دون وقوع إصابات وخسائر بشرية ومادية، ترافق مع قصف مدفعي مكثف على المنطقة ذاتها، بالتزامن مع تحليق مكثف لأكثر من 3 طائرات استطلاع روسية في الأجواء؛ ما أثار ذلك خوف السكان المدنيين في المنطقة، من تزايد حدة التصعيد والغارات الجوية الروسية».
وتعدّ هذه الغارات الجوية للمقاتلات الروسية على مناطق المعارضة في شمال غربي سوريا، هي الأولى منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط).
ويضيف، أن «قوات النظام والميليشيات الإيرانية تستهدف لليوم الثاني على التوالي بقذائف المدفعية والصواريخ الموجهة، القواعد العسكرية التركية بريف حلب، حيث جرى استهداف القاعدة العسكرية التركية في منطقة مكلبيس والشيخ سليمان بالقرب من مدينة دارة عزة غربي حلب صباح الاثنين 28 مارس؛ ما أدى إلى إصابة عنصرين من القوات التركية، بجروح، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على استهداف سيارة عسكرية تركية بصاروخ موجه، من قِبل قوات النظام والميليشيات الموالية لإيران المتمركزة في الفوج 46 بالقرب من مدينة أتارب، خلال مرورها على أطراف بلدة كفرنوران بريف حلب الغربي؛ ما أدى إلى احتراقها وإصابة 3 جنود أتراك بينهم ضابط، وجرى نقلهم إلى داخل الأراضي التركية».
من جهته، قال العقيد مصطفى البكور، وهو ضابط منشق عن قوات النظام، إن «الجميع يعلم أن النظام لا يمكن أن يقوم بأي عمل عسكري مهما كان صغيراً إلا بأوامر وإشراف روسي، وبعد إغلاق مضيق البوسفور منذ يومين من قِبل الجانب التركي، بحجة وجود قنبلة، أعتقد بأن الروس فهموا أن هذا العمل موجه ضدهم كمشاركة تركية في الحصار المفروض على روسيا، إضافة إلى تزويد تركيا لأوكرانيا بالبيرقدار، كل ذلك جعل روسيا توجه رسائل لتركيا بأن الاتفاقات الروسية - التركية التي سمحت لتركيا بالتواجد في سوريا يمكن أن تتغير، وأن روسيا وإيران والنظام سيتعاملون مع القوات التركية على أنها عدو وسيتم استهدافها كما حصل البارحة واليوم».
وأوضح، أن «عملية استهداف السيارة العسكرية التركية أول من أمس (الأحد) في 27 مارس، بالقرب من منطقة كفرنوران جنوب غربي حلب، بصاروخ موجه، وأدى إلى تدمير السيارة وإصابة 3 جنود من القوات التركية وبينهم ضابط، تمت بمشاركة فعلية من قِبل عناصر من (حزب الله) اللبناني، المتواجدة في الفوج 46 بالقرب من مدينة أتارب غربي حلب».
وقال مسؤول وحدة رصد الطيران 80 (معارضة)، في شمال غربي سوريا، إن «أجواء مناطق الشمال السوري شهدت تحليقاً مكثفاً للطيران الحربي وطيران الاستطلاع الروسي، خلال شهر مارس؛ إذ يعدّ الأول من نوعه منذ أشهر عدة، ولم تنخفض حركة الطيران الحربي الروسي في سوريا بالتزامن مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث حافظ الطيران الحربي الروسي وطيران الاستطلاع على وتيرة طلعاته الجوية في أجواء مناطق الشمال السوري ليلاً نهاراً، ترافقت مع تحذيرات من قِبل مراصد الطيران بضرورة توخي الحذر من أي غارات جوية روسية على المناطق المأهولة بالسكان، مسببة حالة من الخوف في صفوف المدنيين».
 وأصيب جنديان تركيان إثر سقوط قذائف صاروخية عدة مصدرها قوات النظام على قاعدتين عسكريتين للقوات التركية في منطقتي مكلبيس والشيخ سليمان على أطراف دارة عزة بريف حلب الغربي، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأصيب 3 من عناصر القوات التركية، بينهم ضابط، أول من أمس، نتيجة استهداف قوات النظام مدرعة لهم بصاروخ موجه من جانب قوات النظام المتمركزة في الفوج 46، أثناء مرورها على أطراف بلدة كفرنوران بريف حلب الغربي.
وتم نقل الجنود الثلاثة إلى أحد المستشفيات داخل تركيا للعلاج، بينما حلقت طائرات تركية مسيرة في أجواء ريف حلب الغربي.
وأفاد المرصد بمقتل عنصر من قوات النظام، قنصا، على محور الدار الكبيرة بجبل الزاوية جنوب إدلب. بينما استهدف فصيل «هيئة تحرير الشام»، بقذائف المدفعية، نقاطا وتجمعات لقوات النظام على محور مدينة كفرنبل بالمنطقة ذاتها.
كما استهدف فصيل «أنصار الإسلام»، بقذائف المدفعية نقاط قوات النظام على محور البركة بسهل الغاب شمال غربي حماة.
على صعيد آخر، قصفت القوات التركية المتمركزة في المنطقة المعروفة بـ«نبع السلام» في شمال شرقي سوريا، براجمات الصواريخ والمدافع قرى الدردارة وتل شنان والطويلة بريف تل تمر شمال غربي الحسكة، وسط حركة نزوح للأهالي من المنطقة نحو مناطق آمنة.
كانت القوات التركية قصفت ريف تل تمر في 18 مارس (آذار) الحالي، ما تسبب بإلحاق أضرار في شبكة الكهرباء وهو ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.