يشعر كريستيان إريكسن بأنه عاد إلى كرة القدم الدولية «بطريقة مثالية»؛ حيث سجل هدفاً عقب دقيقتين من المشاركة بديلاً مع الدنمارك، في مباراة ودية أمام هولندا، بعدما تعرض لأزمة قلبية كادت تكلفه حياته العام الماضي.
وسجل إريكسن هدفاً في الزاوية العليا في الدقيقة 47، بعد المشاركة عقب الاستراحة؛ لكن الدنمارك خرجت خاسرة 4-2 أمام هولندا.
ففي 12 يونيو (حزيران) الماضي، شعر أكثر من 13 ألف متفرج في كوبنهاغن بالقلق، عندما سقط إريكسن (30 عاماً) في أرض الملعب في مواجهة فنلندا باستاد كوبنهاغن ببطولة أوروبا، وبات التركيز على إمكانية نجاة قائد الفريق، بينما لم يكن التفكير حينها تقريباً في إمكانية عودته إلى الملاعب مرة أخرى.
ويضع إريكسن حالياً جهازاً خاصاً لإعادة تشغيل القلب، يُعرف باسم جهاز إزالة رجفان القلب القابل للزرع.
أريكسن يحتفل بهدفه والعودة للأجواء الدولية (أ.ف.ب)
واضطر إنتر ميلان لفسخ تعاقده مع إريكسن؛ إذ إن الدوري الإيطالي لا يسمح للاعبين باللعب حال استخدامهم أجهزة لعلاج مشكلات قلبية.
وبعد حوالي 8 أشهر، انتقل إريكسن إلى برنتفورد الإنجليزي في صفقة مجانية، ثم وجد طريقه إلى صفوف بلاده مجدداً بعد 288 يوماً من الحادثة الأليمة، ليصل إلى 110 مباريات دولية.
ولم تكن الأجواء في ملعب «يوهان كرويف أرينا» في أمستردام غريبة على إريكسن؛ حيث قضى هناك 5 سنوات مع أياكس، وتدرج من لاعب شاب حتى أصبح من أهم لاعبي الوسط في الدوري الهولندي. وفي 2013، انتقل إريكسن إلى توتنهام هوتسبير واستمر 7 سنوات، وخاض نهائي دوري أبطال أوروبا 2019 مع النادي اللندني، قبل الانتقال إلى إنتر ميلان؛ حيث أحرز معه لقب الدوري الإيطالي.
ونال إريكسن الذي سجل هدف تقليص الفارق (2-3) تحية حارة من المشجعين، بعد صفارة النهاية، ومن المنتظر أن يحظى باستقبال رائع عندما تلعب الدنمارك ودياً في كوبنهاغن أمام صربيا غداً الثلاثاء.
وقال إريكسن عقب اللقاء: «كنت سعيداً بأن الكرة جاءتني، وبكل تأكيد كانت تسديدة رائعة. هذه طريقة مثالية لبدء مشوار عودتي إلى منافسات كرة القدم الدولية».
وأضاف: «شعرت بترحيب كبير (من مشجعي هولندا). قضيت هنا سنوات عديدة (مع أياكس) وبكل تأكيد هم يعرفونني؛ لكن في الواقع كان الاستقبال مفعماً بالمشاعر بكل تأكيد».
وتابع: «أتطلع إلى اللعب في كأس العالم في قطر؛ لكن هناك كثيراً من المباريات حتى هذا الوقت، وتركيزي ينصب عليها».
فليك (يسار) يشرح للاعبي ألمانيا خططه قبل مواجهة هولندا (رويترز)
وأثيرت شكوك حيال مشاركته ضد هولندا، بعد إصابته بفيروس «كورونا»، إلا أنه كان جاهزاً للدخول من مقاعد البدلاء مباشرة بعد الاستراحة، وسط تصفيق حار من الجماهير الهولندية التي كررت ذلك أيضاً بعد هدفه السريع في الدقيقة 47. وكانت هولندا قد افتتحت التسجيل عبر رأسية لستيفن بيرجفين، لاعب توتنهام، إثر عرضية من دايلي بليند في الدقيقة 19. ولم تحتاج الدنمارك لأكثر من 3 دقائق لمعادلة النتيجة، بعد أن ارتقى يانيك فيستيرغارد عالياً لعرضية يواكيم مايهلي وسدد برأسه في الشباك. وتواصلت حرب الرأسيات، وكانت هذه المرة عبر الهولندي نايثن آكيه، إثر عرضية من ستيفن بيرجيس ليعيد التقدم لـ«الطواحين» في الدقيقة 29.
وعززت هولندا تقدمها بالثالث عبر نجمها ممفيس ديباي مهاجم برشلونة الإسباني، من ركلة جزاء تحصل عليها بيرجيس لاعب أياكس في الدقيقة 38. وبعد استراحة الشوطين، دخل إريكسن إلى المباراة وسط تصفيق الحاضرين بمن فيهم مدرب هولندا لويس فان غال، وسرعان ما أحرز هدف تقليص الفارق بتسديدة قوية في أعلى الزاوية اليمنى من داخل المنطقة، بعد تمريرة من البديل الآخر الذي دخل معه أندرياس سفوك أولسن، إلا أن بيرجفين أحبط أي آمال لعودة الدنمارك في النتيجة بعد أن سجل هدفه الشخصي الثاني والرابع دولياً، بتسديدة لولبية رائعة من داخل المنطقة، في أعلى الزاوية اليسرى للحارس كاسبر شمايكل في الدقيقة 71.
وتنتظر هولندا مباراة قوية في الملعب ذاته غداً ضد جارتها ألمانيا. وعن هذه المواجهة يرى هانزي فليك المدير الفني للمنتخب الألماني، أنها فرصة مثالية لإخضاع فريقه لاختبارات حقيقية أمام فرق قوية، قبل بطولة دوري الأمم الأوروبية الصيف المقبل، ووصولاً إلى مونديال قطر.
ولكن حتى الفوز بهدفين دون رد ودياً على إسرائيل، السبت، أعطى فليك قدراً أكبر من البصيرة؛ حيث جاء هدفا الفوز من مهارات فردية، مع الأخذ في الاعتبار أن الأخطاء الفادحة، مثل التي وقع فيها الوافد الجديد نيكو شلوتربيك في الثواني الأخيرة، قد يكون ثمنها غالياً في قطر.
وتكفل ثنائي تشيلسي كاي هافيرتز وتيمو فيرنر بتسجيل هدفي الفوز لماكينات ألمانيا، في الوقت الذي أهدر فيه توماس مولر ضربة جزاء في اللحظات الأخيرة.
ونجح حارس ألمانيا «البديل» كيفين تراب في الحفاظ على شباكه نظيفة بتصديه لضربة جزاء احتسبت لمصلحة إسرائيل. وقال فليك: «سعيد للغاية، ولكني كنت سأشعر بقدر أكبر من القلق إذا كنا قد استقبلنا هدفاً في اللحظات الأخيرة من المباراة. عندما تلعب في هذه المرحلة عليك أن تحافظ على تركيزك طوال 90 دقيقة».
وأضاف فليك الذي تحدث فترة طويلة مع شلوتربيك مدافع فرايبورغ بعد المباراة: «هو مسار تعليمي بالنسبة لنا ولنيكو شلوتربيك الذي قدم مباراة جيدة للغاية عمومًا؛ لأن الأخطاء خلال كأس العالم تكون عواقبها وخيمة».
من جانبه قال شلوتربيك: «لم أتحلَّ بالتركيز، لم يكن من المفترض حدوث هذا، عليَّ أن أشكر كيفين على التصدي».
وفاز منتخب ألمانيا بجميع مبارياته الثماني تحت قيادة فليك الذي خلف يواكيم لوف في منصب المدير الفني؛ لكن الفريق حتى الآن لم يواجه منافسة حقيقية.
ولكن الأمور ستكون مختلفة أمام هولندا، ثم إن الفريق سيلتقي في دوري الأمم الأوروبية مع إيطاليا بطلة أوروبا التي أخفقت في بلوغ المونديال، وإنجلترا وصيفة بطل أوروبا، والمجر.
وفضل فليك إراحة بعض نجومه في اختبار السبت؛ لكن من المنتظر أن يدفع بقوته الضاربة أمام هولندا في أمستردام، في الوقت الذي يفتقد فيه لأمثال سيرغ جنابري وليون غوريتسكا ونيكلاس زوله، بسبب المرض والإصابات.
ومن المتوقع عودة القائد مانويل نوير الذي يكمل عامه السادس والثلاثين، أمس، ليحرس عرين المنتخب الألماني، إلى جانب أنطونيو روديجر أمام هولندا.
وقال فليك: «للأسف، ما زلنا لا نستغل كل الفرص التي تسنح لنا للتسجيل، علينا أن نسجل الأهداف أمام المنافسين أصحاب المستويات المختلفة».
ويعتمد فليك بشكل كبير على فيرنر الذي رغم تراجع مشاركاته مع تشيلسي، فإنه يتصدر ترتيب الهدافين في عهد المدرب الحالي برصيد 6 أهداف. وأوضح فليك: «نحن هنا من أجل منحه الوقت الكافي للعب».
ويتطلع فليك ساحر بايرن ميونيخ السابق إلى إعادة الوهج لمنتخب ألمانيا، بعد خيبة مونديال 2018 بالخروج من الدور الأول في عهد لوف.
ويقول أندرياس كوبكه، مدرب الحراس في عهد المدير الفني السابق لوف الذي ترك الساحة لفليك بعد 15 عاماً على رأس المنتخب: «يقوم هانزي بعمل جيد، شاهدناه مع بايرن، يعرف اللاعبين جيداً، وفلسفته تناسب الفريق تماماً».
وأضاف: «إحصائياته في 8 مباريات هي المعيار لرؤية ما يقدمه من عمل. لقد سجل الفريق أهدافاً كثيرة (33 و2 في مرماه)، خلافاً للحال خلال المباريات الأخيرة مع لوف».
وفي غضون أشهر قليلة، حقق فليك أفضل بداية لمدرب في تاريخ المنتخب الألماني، وذلك على الرغم من تواضع خصومه في تلك الفترة، إذ إن أفضل المنتخبات التي واجهها كان منتخب رومانيا المصنف 47 عالمياً. من هنا، تبرز أهمية مواجهة هولندا غداً؛ حيث يرى فليك (57 عاماً) أن فريقه ما زال بحاجة لاختبار قدراته أمام المنتخبات الكبرى وقال: «هناك بعض القطاعات يجب أن نطوّرها. لدينا مسار طويل للعودة إلى قمة المستوى العالمي. إذا نظرنا إلى نوعية لاعبينا، يمكن القول إن بمقدورهم مقارعة إيطاليا، وإسبانيا، وفرنسا، أو بلجيكا. بالتركيز وتحسين بعض الأمور يمكننا التقدّم».
يملك لاعب وسط بايرن ميونيخ السابق بين 1985 و1990 ثلاثة أسلحة: خبرته في المنتخب بعدما عمل مساعداً للوف بين 2006 و2014؛ خصوصاً خلال إحراز اللقب العالمي في البرازيل، وسمعته كصانع للمعجزات في بايرن بعد قيادته الفريق البافاري إلى التتويج في دوري أبطال أوروبا 2020، وسبعة ألقاب في غضون 18 شهراً، وعلاقته الشخصية بلاعبي بايرن ميونيخ الذين يشكلون نواة المنتخب، مثل الحارس المخضرم مانويل نوير والمهاجم توماس مولر.
وتبدو المعنويات مرتفعة في غرفة الملابس، بعد خيبة مونديال 2018، وأيضاً كأس أوروبا.
وقال مانويل نوير المتوج بلقب المونديال عام 2014: «نهدف إلى اللقب في قطر، وبالنسبة لي لا يهمنا سوى هذا الهدف». والكلام نفسه أكد عليه زميله توماس مولر: «من الطبيعي أن نهدف إلى اللقب».