«رائحة الفراغ» يوثق لحظات الصمت في القاهرة خلال حظر «كورونا»

«رائحة الفراغ» يوثق لحظات الصمت في القاهرة خلال حظر «كورونا»
TT

«رائحة الفراغ» يوثق لحظات الصمت في القاهرة خلال حظر «كورونا»

«رائحة الفراغ» يوثق لحظات الصمت في القاهرة خلال حظر «كورونا»

يوثق المصور المصري عادل واسيلي في كتاب جديد حالة الهدوء الاستثنائية ولحظات الصمت التي مرّت بها شوارع العاصمة المصرية القاهرة وميادينها، خلال حظر «كورونا» في عام 2020.
الكتاب الذي صدر حديثاً عن دار ميريت المصرية، يتضمن 120 صورة اختارها واسيلي من بين ثلاثة آلاف صورة كانت حصيلة جولاته في الشوارع والأحياء خلال ساعات الحظر، التي التزم بها سكان القاهرة، التي تحتل المرتبة الأولى على المستوى الأفريقي و36 بين مدن العالم الأكثر ازدحاماً حسب مؤشر حركة المرور «توم توم ترافيك إندكس» العالمي.
وحين ضربت الجائحة العالم وسيطر الخوف والهلع على الناس كان واسيلي أمام خيارين، إمّا أن يجلس مثل غيره في البيت، أو يحمل آلة التصوير الخاصة به ويتنقل بسيارته بين أحياء القاهرة، ليوثق هذه اللحظات الاستثنائية في عمر العاصمة المصرية الصاخبة، لينقل إيقاعات الفراغ والصمت التي ضربت المدينة الكبيرة.
ولم يكن واسيلي يتوقع أن القاهرة ذات الـ25 مليون نسمة، حسب تقارير الجهاز القومي للتعبئة والإحصاء المصري، ستصير فجأة خالية من البشر، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أنّ فكرة التصوير في البداية كانت صعبة جداً، لوجود محاذير كثيرة، يمكن أن يواجهها وهو يقوم بعمله، فإنّ اللحظة كانت تاريخية واستثنائية، وكان يجب اقتناص تفاصيلها، متحملاً كل ما يواجهه من مواقف».
«كان الأمر أثناء حظر جائحة (كورونا) مدهشاً واستثنائياً تماماً، فلم أتخيل حتى في الأحلام أنّ القاهرة ستكون يوماً على هذه الصورة، مثلما تصادف أثناء ذروة الوباء». على حد تعبير واسيلي. الذي يضيف، «المدهش أنّ المصريين كانوا ملتزمين بالحظر اليومي قبل بدايته، كنت أنزل يومياً في ساعات الظهيرة، وأجد الشوارع والميادين خالية، أضع الكاميرا في منتصف الشارع، وألتقط المناظر، صورت ميدان عابدين، وخان الخليلي، وقد أحزنني وأصابني بالانقباض، فهذه السوق التي لا تغلق أبوابها أبداً، صارت خاوية من المتسوقين، يسكنه الصمت المطبق، ولا يوجد به غير القليل من الحيوانات الشاردة».
ومن منطقة وسط القاهرة وباب اللوق، اتجه واسيلي إلى حي مصر الجديدة وشبرا، صور البنايات العتيقة، وشارع رمسيس، وميدانه، ومنطقة الفجالة، وسوقها التي اختفى منها باعة الأدوات المكتبية، وصوّر أيضاً شارع كلوت بك، واستديو ناصيبيان، وقد جذبته العمارة وتفاصيلها، وتصميمات البنايات. أمّا عن أكثر اللحظات إثارة أثناء عمله فقد كانت في ميدان العتبة، حين صعد فوق الكوبري المخصص للسيارات، ووقعت عيناه على عربات الباعة وهي مغطاة ومربوطة بالحبال، كانت أشبه بالتوابيت، وقتها أصابه الذهول، كان السكون المطبق على المكان، المعروف بزحامه وضجيجه، يجعله يسمع صوت خطواته وهو يتحرك عائداً إلى منزله بعد رحلة تصوير مثيرة ومدهشة، كما صوّر العديد من الكنائس، بعد إغلاقها، بالإضافة إلى عدد من المساجد الكبرى مثل مسجد الحسين في حي الجمالية التاريخي.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».