«الشرق الأوسط» تنشر نص مشروع «التعافي المالي» المعروض على مجلس النواب اللبناني

يقترح حظر التحويلات إلى الخارج وألف دولار للسحوبات الشهرية من الودائع

«الشرق الأوسط» تنشر نص مشروع «التعافي المالي» المعروض على مجلس النواب اللبناني
TT

«الشرق الأوسط» تنشر نص مشروع «التعافي المالي» المعروض على مجلس النواب اللبناني

«الشرق الأوسط» تنشر نص مشروع «التعافي المالي» المعروض على مجلس النواب اللبناني

رفض رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب إبراهيم كنعان، مسبقاً، الصيغة الجديدة لمشروع قانون وضع ضوابط على الرساميل والتحويلات (كابيتال كونترول)، التي يفترض مناقشتها في اجتماع اللجان النيابية غداً، بعدما جرى إدراج مشروع القانون بصفة «معجل مكرر» على جدول أعمال الهيئة العامة التي تنعقد في اليوم التالي (الثلاثاء).
ومع ترقب بروز خلافات إضافية وصريحة بشأن اللجنة المرجعية التي يقترحها المشروع، لأسباب تتصل بالمحاصصة المتبعة بخلفيات سياسية وطائفية، تسود أجواء ترقب حذر في أوساط القطاع المالي بشأن الصيغة التي يمكن أن ينتهي إليها المشروع أو «تطييره» مجدداً، كونه يشكل المرجعية الحاكمة قانونياً لإدارة أعمال المصارف ومهامها تحت وطأة الأزمات، لا سيما لجهة إدارة السيولة النقدية وتدفقاتها بالدولار وبالليرة، وتنظيم السحوبات، ووضع ضوابط للتحويلات خارج الاستنسابية والشكاوى المتعاظمة لدى المحاكم والمرجعيات القضائية داخل لبنان وخارجه.
ورجحت كفة التفاؤل نسبياً، مع ترقب وصول بعثة صندوق النقد الدولي إلى بيروت خلال الأسبوع المقبل، بهدف استكمال المحادثات بشأن قضايا محورية تم طرحها في الاجتماعات الافتراضية خلال الأسبوعين الماضيين، والتزام الجانب اللبناني بإتمام خطوات قانونية وإجرائية من شأنها تسريع طرح الخطة الحكومية للإنقاذ والتعافي، التي بلغت حدود الصياغة شبه النهائية، حسب المعلومات المسربة من مصادر الفريق اللبناني المفاوض برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، الذي أشرف شخصياً على الصياغة النهائية لمشروع قانون «الكابيتال كونترول».
وحسب نص المشروع الذي ورد إلى رؤساء اللجان والنواب، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، «يساهم القانون المقترح في إعادة الاستقرار المالي، وقدرة المصارف على الاستمرار، اللذين يشكلان شرطين أساسيين لاستئناف العمليات المالية، وبالتالي، فإنه يهدف إلى إدخال ضوابط على عمليات التحاويل إلى العملات الأجنبية بشكل شفاف لمنع المزيد من تدهور سعر الصرف، لحماية احتياطي البنك المركزي بالعملات الأجنبية، ولاستعادة السيولة في القطاع المصرفي ولحماية المودعين فيه».
وفي إقرار تبريري، يرد في المقدمة: «عانى لبنان ولا يزال من فقدان الثقة بالاستثمار فيه ما أدى إلى حركة تحاويل مصرفية هائلة إلى الخارج، وهو ما يعرف أيضاً بهروب رؤوس الأموال إلى الخارج. لذلك، من الضروري احتواء حركة التهافت للتخلص من العملة الوطنية والأصول المحلية من خلال الحد من التضخم، والحد من ردة الفعل المفرطة للمستثمرين في بيع الأصول اللبنانية». إنما لا يرد تحديد صريح لقيمة الخسائر التقديرية، كونها ستكون جزءاً من جداول خطة التعافي، التي بلغت عتبة 70 مليار دولار، وليبلغ التدهور المالي والنقدي ذروته، بموازاة نزف حاد تعدى 20 مليار دولار من احتياطات البنك المركزي، وشبه تقويض تام لركائز الجهاز المصرفي في جانبي الأصول والخصوم.
ويتضمن المشروع تطوراً لافتاً في تحديد مرجعية القرار النقدي، حيث يقترح إنشاء لجنة خاصة مؤلفة من وزير المالية، وزير الاقتصاد والتجارة وحاكم مصرف لبنان، ويرأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه هذا الأخير. وتكون هذه «اللجنة» مسؤولة عن إصدار التنظيمات التطبيقية المتعلقة بهذا القانون، بشكل خاص ما يتعلق منها بحظر نقل الأموال عبر الحدود وبالتحاويل وبمدفوعات الحساب الجاري وبعمليات القطع، وتحديد سقوف للحسابات النقدية وبإعادة الأموال المتأتية عن عائدات الصادرات وغيرها من التدابير الخاصة المتعلقة بسعر صرف العملات الأجنبية وسواها. ويتم نشر القرارات التي تعدها «اللجنة» من خلال تعاميم تصدر عن مصرف لبنان.
وتتضمن إجراءات الضوابط المقترحة، حظر نقل الأموال عبر الحدود وحظر مدفوعات الحساب الجاري والتحاويل، بأي عملة كانت، من أو إلى أي حساب مصرفي أو حساب لدى وسيط معتمد، أو من أو لأي عميل، سواء كان مقيماً أو غير مقيم، بما في ذلك حسابات الودائع الائتمانية في لبنان.
وتم استثناء حالات محددة من هذا الحظر، يشمل الأموال الجديدة، كما تم تعريفها بموجب هذا القانون، وأموال المؤسسات المالية الدولية والسفارات الأجنبية والهيئات الدبلوماسية والمنظمات الدولية والإقليمية والعربية، وعمليات وتحاويل ومدفوعات لصالح الحكومة، وعمليات وتحاويل ومدفوعات مصرف لبنان، والأموال الأجنبية الناتجة عن إعادة أموال عائدات الصادرات، والمدفوعات الجارية للمصاريف الطبية ومصاريف الاستشفاء في الخارج، فضلاً عن المدفوعات والتحاويل الجارية لأهداف الاستيراد الضروري، التي قد تشمل على سبيل المثال لا الحصر، المواد الغذائية، الأدوية والنفط وأي مواد ومعدات أولية للصناعة المحلية والتصدير، وأي تحاويل وعمليات ومدفوعات تحددها «اللجنة».
وفي نطاق المبادلات النقدية، ينص المشروع على إجراء عمليات القطع كافة، باستثناء تلك التي ينفذها مصرف لبنان، من خلال الوسطاء المعتمدين، المرخص لهم بموجب قانون أو من قبل مصرف لبنان. ويجري تنفيذ عمليات الصرف الأجنبي كافة، وفق سعر الصرف المعتمد على منصة «صيرفة»، باستثناء عمليات الصرف الأجنبي بين عملة أجنبية مقابل عملة أجنبية أخرى، التي يقتضي أن تقوم بها المصارف مع المصارف المراسلة الأجنبية.
وتخضع السحوبات النقدية من الحسابات المصرفية كافة، باستثناء حسابات الأموال الجديدة، لقيود تحددها «اللجنة». ويجب أن تسمح هذه القيود بسحب ما لا يزيد عن ألف دولار أميركي للفرد الواحد شهرياً، بالعملة الوطنية أو بالعملة الأجنبية، وفق ما تحدده «اللجنة». كما تتم المدفوعات والتحاويل المحلية كافة بين المقيمين وبين المقيمين وغير المقيمين بالليرة اللبنانية، باستثناء الحالات التي تحددها اللجنة الخاصة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.