جزر سليمان تسعى لتوقيع اتفاقية تسمح للصين بإقامة قواعد عسكرية

TT

جزر سليمان تسعى لتوقيع اتفاقية تسمح للصين بإقامة قواعد عسكرية

مع تصاعد التوترات الدولية، على خلفية الحرب في أوكرانيا، و«التنافس» المتزايد بين الصين والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، أعلنت دولة جزر سليمان، الواقعة في المحيط الهادئ، أنها تدرس مع الصين التوقيع على اتفاقية أمنية، تسمح لبكين بإقامة قواعد عسكرية ونشر قوات فيها، ما أثار فوراً قلق أستراليا، الحليف الوثيق للولايات المتحدة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول حكومي في جزر سليمان قوله أول من أمس، إن هونيارا (عاصمة البلاد) وقعت على اتفاقية أمنية مع بكين، و«سترسل اقتراحاً لاتفاقية أمنية أوسع تشمل الجيش إلى مجلس الوزراء للنظر فيه».
وسربت مسودة اتفاقية التعاون الأمني على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أكدت وسائل الإعلام الأسترالية لاحقاً أنها أصلية. وتشير إلى أنه «يجوز للصين، وفقاً لاحتياجاتها الخاصة وبموافقة جزر سليمان، القيام بزيارات للسفن، وتنفيذ التجديد اللوجيستي والتوقف والانتقال في جزر سليمان».
كما تنص على أن الصين سوف تحتاج إلى التوقيع على أي معلومات يتم نشرها حول الترتيبات الأمنية المشتركة، بما في ذلك في الاجتماعات الإعلامية.
ويشير هذا الإعلان إلى أنه ستكون هناك مراكز أو قواعد لوجيستية صينية في الجزيرة، التي تحتل موقعاً بعيداً في غرب المحيط الهادئ، لكنه استراتيجي، حيث لا تبعد سوى نحو 1700 كيلومتر من الساحل الشمالي الشرقي لأستراليا.
وتقول المسودة أيضاً، «يمكن للقوات الصينية المعنية بحماية سلامة الأفراد الصينيين والمشاريع الكبرى في جزر سليمان، استخدام تلك القواعد»، في إشارة إلى نشر القوات الصينية.
وفي حال الموافقة على هذه الاتفاقية الأمنية، كما هو متوقع، فقد يؤدي إلى زيادة قلق الولايات المتحدة، التي تبذل جهوداً لإعادة العلاقات مع الجزيرة، بعدما أغلقت سفارتها فيها عام 1993، وتعزيز اتصالاتها بمنطقة المحيط الهادئ، لمواجهة نفوذ الصين المتزايد في المنطقة». ويقول محللون إن وجود القوات الصينية في جزر سليمان، قد يزيد من أخطار المواجهة بين الصين والولايات المتحدة وحلفائها، فضلاً عن تحدي الرؤية التي تقودها الولايات المتحدة بشأن «منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة». وسارعت أستراليا، التي وقعت أخيراً على معاهدة «إيكوس» مع الولايات المتحدة وبريطانيا، لتزويدها بثماني غواصات نووية، ولديها مخاوفها بشأن النفوذ العسكري المتزايد للصين، إلى التعبير عن مخاوفها بشأن الاتفاقية.
ونقلت شبكة «إيه بي سي» عن وزيرة الداخلية الأسترالية كارين أندروز، قولها «هذا فناؤنا الخلفي، هذا هو جوارنا ونحن قلقون للغاية من أي نشاط يحدث في جزر الباسيفيك». وقالت الخارجية الأسترالية في بيان إنه بعد أعمال الشغب التي وقعت العام الماضي في عاصمة جزر سليمان، تمكنت هونيارا بدعم من أستراليا وجيرانها من الحصول على مساعدات أمنية «دون الحاجة إلى دعم خارجي». وأضافت أن «دول جزر المحيط الهادئ لها الحق في اتخاذ قرارات سيادية.. لكن يركز تعاون أستراليا مع أسرتنا في المحيط الهادئ على الازدهار الاقتصادي والأمن والتنمية في منطقتنا».من ناحيتها قالت نيوزيلندا إنها تعتزم إثارة مخاوفها بشأن الوثيقة مع كل من جزر سليمان والصين. وقالت وزيرة الخارجية نانايا ماهوتا: «إذا كان هذا الاتفاق حقيقيا، فسيكون مقلقا للغاية».
وأضافت، «مثل هذه الاتفاقيات ستكون دائما حقا لأي دولة ذات سيادة للدخول فيها. ومع ذلك، فإن التطورات في هذه الاتفاقية المزعومة يمكن أن تزعزع استقرار المؤسسات والترتيبات الحالية التي طالما عززت أمن منطقة المحيط الهادئ». ووصف محللون أستراليون هذا التطور بـ«الخطير والمروع للغاية، على الدفاع الأسترالي والأمن القومي، من الاحتمال الحقيقي للغاية لوجود عسكري صيني بالقرب من أستراليا، مفترضين أنها سترد عليه».
وفي حال وافق مجلس وزراء جزر سليمان على الاتفاقية، فستكون هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها للجيش الصيني وجود عملياتي في منطقة المحيط الهادئ.
وفي السنوات الأخيرة، عملت الصين بنشاط على تطوير علاقات أوثق مع جزر المحيط الهادئ، واستمالتهم بقروض في البنية التحتية والمساعدات الاقتصادية، فضلاً عن التبادلات العسكرية. وقامت جزر سليمان بتغيير اعترافها الدبلوماسي من تايوان إلى الصين عام 2019، في خطوة لإرضاء بكين، التي تسعى إلى تقليص الاعتراف الدبلوماسي الدولي بتايوان. وقام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في فبراير (شباط) الماضي، بزيارة إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، في محاولة لرفع مستوى المشاركة الأميركية مع جزر المحيط الهادئ النائية، وصفها أحد المحللين بأنها «نقطة الصفر» للمنافسة الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة وأستراليا وبدرجة أقل اليابان. وخلال الزيارة، قال بلينكن، إن بلاده تتطلع إلى إعادة فتح سفارتها في جزر سليمان لإعادة تأكيد المصلحة الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة. وقال المنسق الأميركي الرئاسي الخاص لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، كورت كامبل، في يناير (كانون الثاني) الماضي، إن الولايات المتحدة لديها «مصالح أخلاقية واستراتيجية وتاريخية هائلة» في المحيط الهادئ، لكنها لم تفعل ما يكفي لمساعدة المنطقة.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، إن موسكو بدأت في إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.