موسكو: المفاوضات مع كييف متعثرة... والحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها

موسكو: المفاوضات مع كييف متعثرة... والحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها
TT

موسكو: المفاوضات مع كييف متعثرة... والحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها

موسكو: المفاوضات مع كييف متعثرة... والحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها

أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، حصيلة العمليات العسكرية في أوكرانيا بعد مرور شهر على اندلاع القتال. وقال النائب الأول لرئيس هيئة الأركان العامة للجيش الروسي، سيرغي رودسكوي، إن 1351 عسكرياً روسياً قُتلوا وأُصيب 3825 آخرون خلال العملية، مشيراً إلى أن خسائر القوات الأوكرانية بلغت نحو 30 ألف شخص، منهم أكثر من 14 ألف قتيل ونحو 16 ألف جريح. وقال الجنرال الروسي إن قواته حققت خلال شهر «الأهداف الرئيسية للمرحلة الأولى من العملية العسكرية»، موضحاً أنه «تم تدمير سلاح الجو والدفاعات الجوية الأوكرانية بالكامل تقريباً والقوات البحرية لهذا البلد لم تعد موجودة». وأوضح رودسكوي أن القوات الروسية دمّرت 1587 من أصل 2416 دبابة ومدرعة للجيش الأوكراني، بالإضافة إلى تدمير 112 من أصل 152 طائرة حربية و36 من أصل 75 مروحية تابعة للقوات الأوكرانية. وتابع أن القوات الروسية دمّرت 35 من أصل 36 طائرة مسيّرة تركية الصنع من طراز «بيرقدار تي بي - 2» و148 من أصل 300 منظومة دفاع جوي من طراز «بوك - إم - 11»، و117 من أصل 300 رادار للجيش الأوكراني. ولفت الجنرال إلى أن القوات الروسية خلال العملية استهدفت 16 مطاراً عسكرياً رئيسياً للجيش الأوكراني ودمّرت 39 قاعدة ومستودعات كانت تضم ما يصل إلى 70% من إجمالي احتياطيات الآليات الحربية والمواد المادية والوقود للجيش الأوكراني، بالإضافة إلى كميات هائلة من الذخائر يقدّر وزنها الإجمالي بمليون و54 طناً.
وقال إن القوات الروسية استهدفت بصواريخ «إكس - 101» و«كاليبر» و«إسكندر» و«كينغال» 30 منشأة صناعية عسكرية رئيسية في أوكرانيا استُخدمت لترميم 68% من الأسلحة والآليات التي تم إعطابها خلال الأعمال القتالية.
وأقر الجنرال بتدمير 127 جسراً في أوكرانيا خلال الأعمال القتالية، محملاً «القوميين الأوكرانيين» المسؤولية عن تفجيرها بُغية إبطاء تقدم القوات الروسية. وأكد رودسكوي أن القوات الروسية تواصل تقدمها في محاور مختلفة وحاصرت مدن كييف وخاركيف وتشيرنيغوف وسومي ونيقولاييف وسيطرت على مقاطعة خيرسون بأكملها ومعظم أراضي مقاطعة زابوروجيه، بالإضافة إلى انتزاع السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي التابعة لدونيتسك ولوغانسك الشعبيتين. وزاد الجنرال بأن قوات لوغانسك تسيطر حالياً على 93% من أراضي الإقليم (وفقاً للتقسيم الإداري في عام 2014)، بينما تسيطر قوات دونيتسك على 54% من أراضي «الجمهورية». ووفقاً لرودسكوي فإن روسيا تقدّر عدد «المرتزقة والإرهابيين الأجانب» الذين وصلوا إلى أوكرانيا على خلفية النزاع بـ6595 شخصاً على الأقل قَدِموا من 62 دولة، مشدداً على أن «قواعد الحرب لا تنطبق عليهم وسيتم القضاء عليهم بلا هوادة».
وقال المسؤول العسكري الروسي إن موسكو لم تخطط في البداية لاقتحام المدن الأوكرانية، لكنّ هذا الاحتمال لم يعد مستبعداً حالياً. وزاد أن القوات الروسية «تكمل تنفيذ المهام الموكلة إليها بنجاح، ويتم التركيز على أولوية التحرير الكامل لدونباس». مشدداً على أن العملية العسكرية الروسية «سوف تتواصل إلى أن تنجز كل أهدافها».
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، أن قواتها شنت ضربات بصواريخ مجنحة من طراز «كاليبر» على قاعدة وقود كبيرة تابعة للجيش الأوكراني قرب كييف. وقال الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف، خلال إيجاز صحافي يومي، إن القوات الروسية «نفّذت مساء 24 مارس (آذار) ضربات بعدد من صواريخ (كاليبر) المجنحة عالية الدقة المطلقة من البحر إلى قاعدة وقود في بلدة كالينوفكا قرب كييف، وتم تدمير أكبر قاعدة وقود متبقية لدى القوات المسلحة الأوكرانية استُخدمت لإمداد الوحدات العسكرية وسط البلاد بالوقود».
وقال كوناشينكوف إن مجموعة القوات الروسية أحرزت خلال الساعات الـ24 الماضية تقدماً لمسافة أربعة كيلومترات وأحكمت سيطرتها على قرى باتمانكا وميخايلوفكا وكراسني بارتيزان وستافكي وترويتسكوييه، وتواصل تقدمها على مواقع وحدات اللواء الـ25 للإنزال التابع للجيش الأوكراني.
وذكر المتحدث أن سلاح الجو الروسي استهدف خلال الليلة الأخيرة 51 موقعاً عسكرياً في أراضي أوكرانيا، منها مقرات قيادة ومستودعات للأسلحة والذخائر الصاروخية والمدفعية، و26 حشداً لآليات حربية، وثلاث راجمات صواريخ ومنظومتان للدفاع الجوي من طراز «بوك إم - 1»، وثلاثة مدافع من طراز «دي - 30»، بالإضافة إلى رادار إضاءة وتوجيه خاص بمنظومة «إس - 300» الصاروخية.
على صعيد متصل، أعلنت موسكو أن المفاوضات مع الجانب الأوكراني تشهد تعثراً واضحاً خلال الفترة الأخيرة. وقال رئيس مركز مراقبة الدفاع الوطني ميخائيل ميزينتسيف، إنه «منذ 4 مارس (آذار)، لم توافق السلطات الأوكرانية على عمل ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين اقترحتها روسيا».
وحسب قوله، فإن موسكو اقترحت فتح ممر واحد يتجه نحو روسيا، وممرات نحو الحدود الغربية لأوكرانيا. وأضاف أن جميع الممرات الإضافية التي اقترحتها السلطات الأوكرانية كانت منسقة، وأن القوات المسلحة الروسية التزمت نظام التهدئة لتنشيط عمل الممرات، على الرغم من أن هذا يبطئ وتيرة العملية الخاصة.
في غضون ذلك، قال رئيس الوفد الروسي إلى المفاوضات، فلاديمير ميدينسكي، إن روسيا وأوكرانيا نجحتا في تقريب مواقفهما بشأن بعض القضايا الثانوية، لكنهما في الواقع لم تحققا تقدماً فيما يتعلق بالقضايا السياسية الرئيسية. وأوضح المسؤول الروسي أن «المفاوضات تواصلت طوال الأسبوع، من الاثنين إلى الجمعة، عبر مؤتمرات الفيديو، وسوف تستمر غداً (اليوم). وهي تجري عبر التداول بالفيديو بين مجموعات الخبراء، ومرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع على مستوى رؤساء الوفود، لقد حققنا تقدماً في بعض الأمور الثانوية لكنّ التوافق بشأن القضايا السياسية ما زال متعثراً». وبالتوازي مع التطورات الميدانية، شن نائب رئيس مجلس الأمن القومي ديمتري مدفيديف، هجوماً عنيفاً على الغرب وقال إن العقوبات المفروضة على بلاده «لن يكون لها أي تأثير»، ورأى أنه من «الحماقة» الاعتقاد أن العقوبات الغربية على الشركات الروسية يمكن أن تؤدي إلى انهيار الوضع الداخلي في البلاد. وزاد أن العقوبات «لن تؤدي إلا إلى توحيد المجتمع الروسي ولن تسبب استياءً شعبياً من السلطات».
وأضاف أن استطلاعات الرأي أظهرت أن ثلاثة أرباع الروس أيّدوا قرار الكرملين تنفيذ عملية عسكرية في أوكرانيا ودعموا الرئيس فلاديمير بوتين. وانتقد الروس الذين اعترضوا على الغزو واتهمهم بأنهم «خونة». وقال: «يمكنك أن تكون غير راضٍ عن بعض قرارات السلطات وتنتقد السلطات... هذا أمر طبيعي. لكن لا يمكنك أن تتخذ موقفاً ضد قرارات الدولة في هذا الوضع الصعب لأن هذه خيانة». تزامن ذلك مع تقليل الكرملين، أمس، من أهمية دعوات الولايات المتحدة إلى طرد روسيا من «مجموعة العشرين» وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف إنه «لن يحدث شيء مروّع إذا نجحت الولايات المتحدة وحلفاؤها في طرد روسيا من المجموعة لأن الكثير من أعضاء المجموعة يخوضون حرباً اقتصادية مع موسكو على أي حال». وأضاف أن «العالم متنوع ولا يتشكل فقط من الولايات المتحدة وأوروبا»، وتوقع أن تفشل الجهود الأميركية لعزل موسكو، التي قال إنها لم تنجح إلا جزئياً حتى الآن. وأوضح أن بعض الدول تتخذ نهجاً أكثر اعتدالاً مع روسيا، ولا تقطع جسور التواصل معها، مضيفاً أن موسكو تبني توجهات سياسية جديدة في كل المجالات.


مقالات ذات صلة

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».