مهرجان «الإسماعيلية» يطوي دورته وسط حضور عربي ضعيف

توزيع الجوائز على الفائزين في المهرجان
توزيع الجوائز على الفائزين في المهرجان
TT

مهرجان «الإسماعيلية» يطوي دورته وسط حضور عربي ضعيف

توزيع الجوائز على الفائزين في المهرجان
توزيع الجوائز على الفائزين في المهرجان

أسدل مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، مساء أول من أمس، الستار على دورته الـ23، التي وُصفت بأنها كانت «عامرة بالأفلام المميزة والحديثة». ورغم عرض نحو 107 أفلام خلال هذه الدورة، فإن الحضور العربي كان ضعيفاً، حيث جاءت أغلب المشاركات من دول أجنبية.
وتميزت الدورة الـ23، بتنظيم فعاليات مهمة؛ أبرزها الاحتفاء بمئوية ميلاد المخرج صلاح التهامي أحد رواد السينما التسجيلية، وعرض فيلمه «أربعة أيام مجيدة» الذي رصد مراحل تحويل مجرى النيل وإنشاء السد العالي، وعرض فيلم «كرسي توت عنخ آمون» للمخرج الراحل شادي عبد السلام في نسخة مرممة احتفالاً بمئوية اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، والاحتفاء ببدايات المخرج الكبير خيري بشارة عبر أفلامه الوثائقية التي قدمها في بداية مسيرته الفنية والتي قام المركز القومي للسينما بترميم ثلاثة منها (صائد الدبابات، وطبيب في الأرياف، والنورس)، كما أصدر المهرجان كتاباً كتبه بشارة بنفسه تحت عنوان «السينما والواقع»، كشف عن ملامح تجربته في السينما التسجيلية وضمنه سيناريوهات الأفلام، وميزانيتها، ومقالات النقاد التي تناولتها سلباً وإيجاباً.
ومنحت لجنة تحكيم مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة برئاسة المخرج الفرنسي لادج لي جائزة أفضل فيلم للبلجيكي «أنا حر» من إخراج لورا بورتيير وتعرض فيه المخرجة لقصتها مع أخيها الأصغر بعدما اكتشفت ذات يوم أنه كبر، كما منحت جائزة خاصة للفيلم الهولندي البوسني الفرنسي «البحث عن الأحصنة» للمخرج ستيفان بافلوفيتش، ويتناول علاقة صداقة تجمع بين صانع الفيلم الذي يعاني إعاقة وصياد بوسني عجوز فقد سمعه خلال الحرب، وفي مسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة حصل فيلم «العربة السوداء»، إخراج إديليت كارزويف على تنويه خاص، وحصل الفيلم الإسباني «أنيما أنيماي أنيميام» على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، فيما فاز الفيلم الصربي «تعديل» بجائزة أفضل فيلم.
وحصل الفيلم الإيطالي «Big» على جائزة أفضل فيلم في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، وفاز الفيلم الفرنسي «هيزيت» بجائزة لجنة التحكيم، بينما حصل كل من الفيلم البولندي «أول الصيف الأخير»، والليتواني «أمهات» على تنويه خاص.
وشهدت مسابقة أفلام التحريك منافسة صعبة على الجوائز وتوجت فرنسا بأهم جائزتين، لأفضل فيلم «العازفون المنفردون» الذي شارك في إخراجه ستة مخرجين، وحصل فيلم «لم يكن بورجوني» على جائزة لجنة التحكيم، وحصل الفيلم الإسباني «الحلقة»، والإستوني «سييرا» على تنويه خاص.
وفاز بالجائزة الأولى في مسابقة أفلام الطلبة فيلم «كيف تجعل اثنان يقعان في الحب؟» للمخرجة بسمة شيرين، وفيلم «دي أول مرة» لأحمد رؤوف بالجائزة الثانية و«لقمة مستحية» لماريو رمزي بالجائزة الثالثة. ومنحت لجنة تحكيم النقاد (فيبرسي) جائزتها للفيلم المغربي «صرة الصيف» للمخرج سالم بلال الذي تم تصويره في صحراء المغرب، كما منحت تنويهاً خاصاً لفيلم «البحار» من سلوفاكيا.
ووفق الناقد المغربي، محمد أشويكة، فإن مهرجان الإسماعيلية يعد تظاهرة سينمائية مهمة، ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أواظب على حضور فعاليات المهرجان منذ دوراته الأولى مع مخرجين تسجيليين بارزين.
على غرار هاشم النحاس ونبيهة لطفي، حيث تطرح جلساته مناقشات مهمة، ما يجعله تظاهرة ناجحة، كما أنه من أهم المهرجانات العربية بالنظر إلى تخصصه الذي يجمع بين الأفلام الوثائقية والقصيرة والتحريك، وهي نوعيات لا تلقى اهتماماً في العالم العربي».
وأشار إلى أن الدورة الـ23 تمثل نقطة ضوء متعدد للمشارب والتوجهات، بالنظر إلى المستوى العام الذي شهد تراجعاً في السينما العربية، فقد كنا نشاهد اجتهادات على مستوى الشكل والمضمون، صرنا في بعض الأحيان نهبط دون المستوى الاحترافي، ولا شك أن فيروس كورونا أثّر في هذا الإنتاج أيضاً، فقد غابت المشاركة العربية سواء بالأفلام أو حضور النقاد والمخرجين».
وتابع: «بالطبع، هناك أفلام أعجبتني كثيراً مثل أفلام الافتتاح القصيرة التي عرضت بالتعاون مع مهرجان (كليرمون فيران) الدولي بفرنسا، فقد جاءت على مستوى عالٍ من الجودة والاحترافية وملامستها لموضوعاتها من زاوية الرقص كوسيلة تعبير إنسانية، هناك أيضاً التفاتة إلى أفلام المخرج خيري بشارة الوثائقية وترميمها».


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».