إسرائيل تقر بممارسة أساليب تعذيب {رهيبة» في معتقل الخيام إبان احتلالها جنوب لبنان

مدرعة تابعة لجيش لبنان الجنوبي العميلة لإسرائيل تغادر سجن الخيام بينما يدخله مئات اللبنانيين في 23 مايو 2000 (غيتي)
مدرعة تابعة لجيش لبنان الجنوبي العميلة لإسرائيل تغادر سجن الخيام بينما يدخله مئات اللبنانيين في 23 مايو 2000 (غيتي)
TT

إسرائيل تقر بممارسة أساليب تعذيب {رهيبة» في معتقل الخيام إبان احتلالها جنوب لبنان

مدرعة تابعة لجيش لبنان الجنوبي العميلة لإسرائيل تغادر سجن الخيام بينما يدخله مئات اللبنانيين في 23 مايو 2000 (غيتي)
مدرعة تابعة لجيش لبنان الجنوبي العميلة لإسرائيل تغادر سجن الخيام بينما يدخله مئات اللبنانيين في 23 مايو 2000 (غيتي)

اضطر جهاز المخابرات العامة الإسرائيلية (الشاباك) إلى الكشف عن وثائق في أرشيفه، حول الظروف القاسية للغاية التي عانى منها معتقلون لبنانيون وفلسطينيون من الرجال والنساء في معتقل الخيام، الذي أقامه وأداره الاحتلال وعملاؤه في لبنان طيلة 15 عاماً، وذلك بأمر من المحكمة العليا في القدس الغربية.
ويستدل من الوثائق أن إسرائيل ارتكبت في هذا السجن جرائم حرب خطيرة، ومارست أساليب تعذيب رهيبة، شملت استخدام ضربات كهربائية، والتجويع، ومنع العلاج الطبي، والاعتقال لفترات غير محددة، من دون أي إجراءات قضائية.
وقالت المديرة العامة السابقة لمركز الدفاع عن الفرد، داليا كيرشتاين، التي ساهمت في الدعاوى التي قادت إلى فتح هذا الأرشيف، إن «نظام الاحتلال الوحشي الذي مارسته إسرائيل في جنوب لبنان، وبضمن ذلك عمليات التعذيب الرهيبة في سجن الخيام، هو إحدى البقع السوداء في التاريخ الإسرائيلي. والانسحاب من لبنان لن يكون كاملاً، حتى تكشف دولة إسرائيل عن جميع ممارساتها هناك، وإلى حين تواجه إسرائيل ماضيها هناك». وتابعت أنه في الوقت الذي تحول فيه السجن نفسه إلى متحف، يتواصل إخفاء الوثائق حول ممارسات إسرائيل فيه عن الجمهور، ويواصل المسؤولون عن هذه الفظائع التجوال بيننا، من دون محاسبتهم على أفعالهم.
يذكر أن سجن الخيام معتقل أقامه الاحتلال الإسرائيلي في العام 1985، أي بعد 3 سنوات من اجتياح لبنان في العام 1982، بالقرب من قرية الخيام في جنوب لبنان، على بُعد كيلومترات معدودة من الحدود مع إسرائيل. ومرّ عليه ألوف المعتقلين العابرين، بينهم 250 إلى 300 معتقل، تم احتجازهم بشكل دائم، كانوا ينتمون إلى أحزاب وحركات لبنانية وفلسطينية، مثل «أمل» و«حزب الله»، والحزب الشيوعي، ومنظمة العمل الشيوعي، وحركة فتح، والجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، وغيرهم من معارضي الاحتلال.
ومع أن إسرائيل زعمت في حينه أنها لا تديره ولا علاقة لها به، وقدم رئيس أركان الجيش آنذاك، دان حالوتس، تصريحاً مشفوعاً بالقسم إلى المحكمة، يزعم فيه كذباً أن جيشه لا يديره، فإن الوثائق المكشوفة تؤكد أنه كان سجناً إسرائيلياً بامتياز، مستعينة بموظفين مدفوعي الأجر من الميليشيا اللبنانية العميلة في «جيش لبنان الجنوبي»، الذين تلقوا التدريب من الجيش الإسرائيلي والشاباك.
وقد تم الكشف عن الوثائق، بعد تقديم مجموعة من ناشطي حقوق الإنسان التماساً إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، بواسطة المحامي الحقوقي إيتاي ماك. ونقلت صحيفة «هآرتس»، أمس (الأربعاء)، عن ماك قوله، إن الجيش الإسرائيلي والشاباك أدارا مع جيش جنوب لبنان منشأة اعتقال وتعذيب، مشابهة لتلك التي أقامتها ديكتاتوريات عسكرية في أميركا اللاتينية، وإن «عمليات التعذيب التي مورست في هذا السجن، هي جريمة ضد البشرية. الوثائق صادمة، وتشكل نظرة سريعة صغيرة وحسب إلى جهنم التي مورست هناك».
وطالب الملتمسون المحكمة بإصدار أمر للشاباك بالكشف عن الوثائق التي توثق «عمليات التعذيب والعقوبات القاسية وغير الإنسانية»، التي مورست في السجن. وقررت المحكمة عقد جلسة أولى للنظر في الالتماس في شهر أبريل (نيسان) المقبل، لكنها سمحت للشاباك بنشر قسم من الوثائق التي بحوزته، بعد إخضاعها لرقابة عسكرية مشددة. ومع أن الرقابة أعملت مقصها بقوة، فقد أظهرت الوثائق وقائع رهيبة. وقد كشفت إحدى هذه الوثائق من العام 1988 أن الأسرى تعرضوا للتجويع. وجاء فيها: «أفاد مدير السجن المحلي صباح اليوم بإعلان إضراب عن الطعام في السجن، على خلفية نقص الطعام. وحسب أقوال مدير السجن، يوجد نقص بالطعام فعلاً». وأشارت وثيقة أخرى، من العام نفسه، إلى أن «الاكتظاظ في السجن بالغ».
وتطرقت وثيقة أخرى إلى «التحقيق مع نساء كثيرات»، وذكرت أن إحداهن اعتقلت بشبهة أنها «على علاقة بـ(حزب الله)»، و«تلقت ضربات كهربائية في أصابعها خلال التحقيق معها». وتطرقت وثيقة، من العام 1997، إلى المشكلات الصحية التي عانى منها الأسرى في سجن الخيام. وجاء فيها أن هذه «مشكلة مؤلمة»، وأن المسؤول الذي حذر منها يشعر أنه «لا دعم له في حال موت المعتقل في السجن، إثر مشكلات صحية أو عدم تلقيه علاجاً أوصى به الطبيب».
وأفاد المستشار القانوني لجمعية حقوق المواطن في إسرائيل، المحامي دان ياكير، بأن جمعيته ومركز الدفاع عن الفرد قدما التماساً للمحكمة العليا عام 1999. طالبا فيه بالإفراج عن معتقلين والسماح لمحامي المنظمتين بلقائهم، «ولكن المحكمة العليا تهربت من النظر في الالتماس».
وأكد ياكير أن الشاباك كان يعلم بالظروف غير الإنسانية لاحتجاز المعتقلين، والنقص بالطعام، والتعذيب أثناء التحقيقات، وقسم منها حقق فيها بنفسه. مضيفاً أن «الوثائق تؤكد أن الجيش الإسرائيلي عامة، والشاباك خاصة، كانا ضالعين للغاية في السيطرة على مدنيين في جنوب لبنان، بسجن غير قانوني، لمئات الأسرى ولفترة غير محدودة، من دون أساس قانوني، ومن دون رقابة محاكم، وبظروف قاسية شملت عمليات تعذيب».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.