حذّر مشرعون جمهوريون وديمقراطيون الإدارة الأميركية من رفع «الحرس الثوري» الإيراني من لوائح الإرهاب، مقابل عودة محتملة لطهران إلى الاتفاق النووي.
واستشاط مشرعون غضباً بعد إحاطة سرية لكبير المبعوث الخاص بإيران، ورئيس الوفد الأميركي المفاوض، روب مالي، استمرت أكثر من ساعتين، خرج بعدها أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وبجعبتهم تساؤلات كثيرة عن حجم التنازلات التي ستقدمها إدارة بايدن إلى النظام الإيراني.
وأتى الموقف الأكثر وضوحاً وحدّة على لسان كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية، السيناتور جيم ريش، الذي أصدر بياناً لاذعاً بعد انتهاء الإحاطة، أعرب فيه عن «غضبه الشديد من التنازلات التي تنظر الإدارة في تقديمها للنظام الإيراني».
ومن الواضح في بيان ريش أنه استند على معلومات قدمها له كل من مالي ومنسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البيت الأبيض بريت ماكغورك، خلال الإحاطة التي عقدت في وقت متأخر من يوم الثلاثاء. واستطرد ريش قائلاً إن «الاتفاق الذي سيوفر 90 إلى 130 مليار دولار من الإعفاءات من العقوبات، ويرفع العقوبات عن أسوأ منتهكي حقوق الإنسان وناشري الإرهاب الإيرانيين، إضافة إلى رفع (الحرس الثوري) عن لوائح الإرهاب، لا يصب في مصالح أمننا القومي».
وحذّر ريش من أن الاتفاق «سيمكن بوتين من الاستمرار في بناء ترسانته النووية والاستفادة مالياً في خضم اعتدائه على أوكرانيا»، وإذ كرر دعواته السابقة للإدارة بالانسحاب من المفاوضات، لفت إلى «الاعتراضات الكبيرة من حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط على مساعي العودة إلى الاتفاق مع إيران، فضلاً عن اعتراضات المشرعين من الحزبين».
قلق ديمقراطي
وقد سلّطت الإحاطة السرية لمالي الضوء على الانشقاقات الديمقراطية الكبيرة عن إدارة بايدن في مساعيها للعودة إلى الاتفاق النووي، فإلى جانب الاعتراض العلني والمباشر لرئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور بوب مينينديز، بدأت أصوات ديمقراطية معروفة باعتدالها في الكونغرس بالإعراب عن قلقها بشكل علني من الاتفاق، تحديداً في الجزء المتعلق باحتمال رفع «الحرس الثوري» عن لوائح الإرهاب.
في هذا الصدد، قال السيناتور الديمقراطي بينجامين كاردن: «أنا أدعم بقاء (الحرس) على لوائح التنظيمات الإرهابية، لأنه منظمة إرهابية». وأضاف كاردن بعد مشاركته في الإحاطة المغلقة: «أنا أتفهم أن المفاوضات قد تؤدي إلى أمور لا نتفق معها هنا في الكونغرس، إذا لن أحاول وضع خطوط حمراء، لكن (الحرس الثوري) يجب أن يبقى على لوائح الإرهاب». وأكد أن هناك «عقبات كبيرة لا تزال موجودة... المفاوضات لم تنتهِ بعد. هذا لا يعني أن العقبات لن تحل، لكنها لا تزال على الطاولة اليوم».
وكان الديمقراطيون في مجلس النواب قد حذروا الأسبوع الماضي البيت الأبيض من رفع «الحرس الثوري» عن لوائح الإرهاب، وقالوا في رسالة كتبوها للرئيس الأميركي: «يجب ألا ننسى إلى أين سيتم تهريب الأموال الناجمة عن رفع العقوبات المتعلقة بالإرهاب. إن برنامج إيران النووي وأنشطتها النووية لا تقتصر فقط على منطقة الشرق الأوسط عبر (حزب الله) و(حماس) و(حركة الجهاد) ، بل تتخطاها لتصل إلى بقية العالم». وقال النائب الديمقراطي جوش غوتيمير الذي وقّع على الرسالة: «النظام الإيراني موّل بقوة شبكة من الوكلاء الإرهابيين حول العالم، من أوروبا الشرقية إلى أميركا اللاتينية وأفريقيا حتى في الولايات المتحدة».
ضغوط جمهورية
من جهة ثانية، كثف الجمهوريون جهودهم التشريعية للتصدي لأي اتفاق مع طهران، وبالإضافة إلى مشروعات القوانين المتعددة التي طرحوها في هذا الإطار، أرسلت مجموعة من أكثر من 80 نائباً جمهورياً رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن للاعتراض على رفع «الحرس الثوري» عن لوائح الإرهاب، وقال النواب في الرسالة: «(الحرس الثوري) هو من أخطر المجموعات الإرهابية في العالم اليوم. ومن خلال تمويله للإرهاب، هو مسؤول عن مقتل عدد لا يحصى من الأبرياء و600 عنصر أميركي... لا يمكن لإدارة بايدن أن تكافئ هذا النظام الإرهابي...».
وأعرب 49 جمهورياً من أصل 50 في مجلس الشيوخ عن معارضتهم الشديدة لرفع العقوبات عن طهران، خاصة تلك المتعلقة بأنشطتها الداعمة للإرهاب. وكتب هؤلاء رسالة إلى بايدن الأسبوع الماضي قالوا فيها: «الجمهوريون واضحون، سنكون مستعدين وتواقين لدعم سياسة مع إيران تصدّ قدرتها على تطوير سلاح نووي، وتقيّد برنامجها للصواريخ الباليستية، وتواجه دعمها للإرهاب». وحذّر هؤلاء: «إذا وافقت الإدارة على اتفاق لا يتطرق إلى هذه الأهداف فسوف يقوم الجمهوريون بكل ما بوسعهم لنقضه. إن لم توقف إيران دعمها للإرهاب، فسوف نعارض رفع أي عقوبات مرتبطة بالإرهاب عنها وسنسعى لإعادة فرضها. وسوف نرغم مجلس الشيوخ على التصويت عليها».
ويعوّل الجمهوريون على فوزهم في الانتخابات التشريعية النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لتكثيف الضغوط على البيت الأبيض في ملف إيران، كما يهددون بأن الرئيس المقبل، إذا كان جمهورياً، فسوف ينسحب من الاتفاق، على غرار ما فعل الرئيس السابق دونالد ترمب.