البرلمان العراقي يرفض حل نفسه

بائع مسابح في سوق الباب الشرقي بالعاصمة العراقية يوم 18 مارس الحالي (أ.ف.ب)
بائع مسابح في سوق الباب الشرقي بالعاصمة العراقية يوم 18 مارس الحالي (أ.ف.ب)
TT

البرلمان العراقي يرفض حل نفسه

بائع مسابح في سوق الباب الشرقي بالعاصمة العراقية يوم 18 مارس الحالي (أ.ف.ب)
بائع مسابح في سوق الباب الشرقي بالعاصمة العراقية يوم 18 مارس الحالي (أ.ف.ب)

يواجه البرلمان العراقي موقفاً صعباً مع افتتاح دورته الحالية، وهي الخامسة منذ الانتخابات البرلمانية عام 2005. ففيما المطلوب منه، حسب السياقات الدستورية، انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه، فإنه يواجه «انسداداً سياسياً» يعرقل هذا المسار. فالبرلمان الذي كان قد نجح في انتخاب رئاسته التي تضم رئيساً سنياً ونائبين شيعيا وكرديا، لم يتمكن حتى الآن من انتخاب رئيس جديد للجمهورية رغم استنفاد المدد الدستورية. وستكون المهمة الأولى لرئيس الجمهورية المنتخب هي تكليف مرشح الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً لتشكيل حكومة دائمة بدلاً من حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي.
والعراقيل التي يواجهها البرلمان العراقي لا تتعلق، في الواقع، بخلل في أدائه بقدر ما تتمثل في طبيعة الصراعات بين الكتل السياسية التي يتكون منها البرلمان. فقد انقسمت الكتل السياسية إلى تحالفين غير مستقرين وهما «التحالف الثلاثي» بزعامة مقتدى الصدر ويضم «تحالف السيادة» السنّي و«الحزب الديمقراطي الكردستاني»، وتحالف «الإطار التنسيقي» الذي يضم «الاتحاد الوطني الكردستاني» وتحالف «عزم» السني. وتحاول الكتل المتنافسة التحشيد لجلسة البرلمان السبت المقبل المخصصة لانتخاب رئيس جديد للبلاد من بين 40 مرشحاً للمنصب. وفيما فشلت المفاوضات الثنائية بين هذه الكتل، فقد لوحظ أنها لجأت إلى النواب المستقلين بهدف استمالتهم لإكمال نصاب جلسة السبت التي تتطلب حضور ثلثي أعضاء البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية. وفشل الحزبان الكرديان، «الديمقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، و«لاتحاد الوطني الكردستاني»، برئاسة بافل طالباني، في التوصل إلى اتفاق يتيح تنازل طرف للطرف الآخر في المنافسة على منصب رئيس الجمهورية الذي هو من حصة المكوّن الكردي حسب العرف السائد، وهو ما يعني أنهما سيدخلان جلسة السبت متنافسين على المنصب.
وفي الوقت نفسه، فشلت أيضاً الكتلتان الشيعيتان، «التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي»، في توحيد البيت الشيعي، في ظل احتفاظ كل كتلة منهما بما تسميه «الثلث المعطل» الذي من شأنه تعطيل نصاب الجلسة. وعلى الرغم من المحاولة التي بذلها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، لجذب المستقلين إلى تحالفه لإكمال النصاب، فإن التحالف الآخر، أي «الإطار التنسيقي»، تحرك بدوره على خط المستقلين بهدف كسبهم إلى جانبه. وكان الصدر قد وعد المستقلين بمنحهم مساحة في السلطة في حال انضموا إلى حكومة «الأغلبية الوطنية» التي يتبناها، لكنه تراجع كما يبدو عن هذا الوعد تحت ضغط الانتقادات التي ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي وفي أوساط النخب السياسية. وفي هذا السياق، أكد الصدر في تغريدة على «تويتر»، أمس (الأربعاء)، أن الهدف من دعوة النواب المستقلين إلى الأغلبية ليس مرتبطاً بالمناصب والمغريات، قائلاً إنه سيرد الجميل لهم في الوقت المناسب.
وعلى الرغم من عدم اتفاق الكتل السياسية البرلمانية على مخرج يتيح انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإنها في الوقت نفسه، ورغم خلافاتها الحادة، تتفق على عدم حل البرلمان. ففي حال لم يتمكن البرلمان من انتخاب الرئيس خلال جلسة السبت، فإن الوقت لم يعد مفتوحاً أمامه لتمديد المهلة أكثر، خصوصاً في ضوء اشتراط المحكمة الاتحادية العليا أن ينتخب البرلمان رئيس الجمهورية خلال فترة وجيزة.
وعلى الرغم من أن البرلمان سيعقد جلسة أخرى في 29 مارس (آذار) الحالي، في حال فشلت جلسة يوم 26 منه، فإنه في حال لم يتحقق الاتفاق خلال الجلستين فإن هناك العديد من السيناريوهات التي باتت متداولة من بينها حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة. وكون الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال، فإنه لا يحق لرئيس الوزراء الحالي الطلب من رئيس الجمهورية حل البرلمان، وهو أمر تشترط المادة 64 من الدستور أن يتم بتصويت الأغلبية المطلقة لأعضاء البرلمان. وفي الوقت الذي يبدو فيه هذا الخيار مستبعداً، فإن الخيار الآخر هو قيام البرلمان نفسه بحل نفسه، وهو أمر يرفضه النواب أنفسهم. ومن الأسباب التي تقف خلف هذا الرفض إمكانية تغيير حجم الكتل التي حصلت على أصوات لم تكن تتوقعها، بالإضافة إلى أن النواب المستقلين ونواب المعارضة يخشون أنهم قد لا يحصلون في الانتخابات الجديدة على ما حصلوا عليه في الانتخابات الماضية في حال تم حل البرلمان.
وترى أوساط سياسية أن المحكمة الاتحادية يمكن أن تفاجئ البرلمان بقرار اضطراري يمكن أن تلجأ اليه وهو إبطال نتيجة الانتخابات، وهو ما يعني إبطال شرعية البرلمان وحلّه من الناحية العملية، مما يمهد حكماً لانتخابات جديدة مع بقاء الحكومة الحالية لتصريف الأعمال لحين إجراء الانتخابات.



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.