واشنطن ولندن تنهيان «حرب الرسوم»

شركات أميركية لا تتوقع إبرام اتفاق للتبادل الحرّ قريباً

الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي (يمين) ووزيرة التجارة البريطانية آن ماري تريفيليان أثناء مؤتمر صحافي أول من أمس (أ.ف.ب)
الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي (يمين) ووزيرة التجارة البريطانية آن ماري تريفيليان أثناء مؤتمر صحافي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن ولندن تنهيان «حرب الرسوم»

الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي (يمين) ووزيرة التجارة البريطانية آن ماري تريفيليان أثناء مؤتمر صحافي أول من أمس (أ.ف.ب)
الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي (يمين) ووزيرة التجارة البريطانية آن ماري تريفيليان أثناء مؤتمر صحافي أول من أمس (أ.ف.ب)

أنهت الولايات المتحدة مساء يوم الثلاثاء نزاعاً طويلاً مع بريطانيا، بشأن الرسوم الجمركية الأميركية على الصلب والألمنيوم، وقالت إن الحليفين سيعملان عن كثب لمواجهة الطاقة الفائضة في السوق من اقتصادات لا تعمل بآلياتها مثل الصين.
وقالت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو، والممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي، في بيان مشترك، إن الاتفاق سيسمح بدخول كميات مستدامة من الصلب والألمنيوم البريطاني إلى السوق الأميركية، دون تطبيق رسوم البند 232.
وبالإضافة إلى تحديد متطلبات الصهر والصب الخاصة بالألمنيوم، يشترط الاتفاق على أي شركة صلب بريطانية مملوكة لكيان صيني تدقيق سجلاتها المالية، لتقييم أي تأثير من حكومة الصين، ثم إطلاع الولايات المتحدة على النتائج. ويزيل الاتفاق أيضاً رسوماً انتقامية كانت بريطانيا قد فرضتها على واردات الدراجات النارية والويسكي، ومنتجات أخرى من الولايات المتحدة.
وعلى هامش المباحثات، قالت وزيرة التجارة البريطانية آن ماري تريفيليان، للصحافيين، الثلاثاء، إن مسؤولين تجاريين كباراً من الولايات المتحدة وبريطانيا أنهوا يومين من المحادثات بشأن إقامة علاقات تجارية أعمق وأكثر شمولاً بين البلدين، وسيجتمعون مجدداً في اسكوتلندا في أبريل (نيسان).
وسُئلت الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي عما إذا كان البلدان الحليفان قد يستأنفان مفاوضات رسمية بشأن اتفاقية للتجارة الحرة، فقالت إنها لن تستبق النتيجة؛ لكنها أضافت أن مثل هذه الاتفاقات هي «أدوات من صميم القرن العشرين»، وإن من المهم البحث عن حلول مبتكرة وإبداعية بالنظر إلى التحديات الجديدة.
وعلى عكس التفاؤل الحكومي الرسمي، قالت مسؤولة في منظمة أرباب العمل الأميركية الرئيسية، الثلاثاء، إن تعزيز العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لن يجري خلال أمد قصير عبر معاهدة ثنائية للتبادل الحر، يريد رئيس الوزراء البريطاني إبرامها.
وقالت مارجوري تشورلينز، نائبة رئيس الشؤون الأوروبية في غرفة التجارة الأميركية خلال مؤتمر صحافي: «هناك رغبة مشتركة في إيجاد سبل لتحسين العلاقات. لا أعتقد أن ذلك سيحصل من خلال اتفاقية للتبادل الحر؛ أقله ليس في وقت قريب». وأضافت: «على العكس، أعتقد أن الرسالة التي تم تناقلها بوضوح كانت رغبة في إيجاد سبل مبتكرة لتحسين العلاقة في حال لم تتم العودة (إلى طاولة المفاوضات). بالتالي لا أرى التوصل قريباً إلى اتفاقية للتبادل الحر».
كانت اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة إحدى الأولويات الرئيسية للبريطانيين بعد «بريكست». ولكن إذا كانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب (2017- 2021) على استعداد للدخول في اتفاقية ثنائية مع لندن، وأجرت حتى سلسلة مفاوضات، فإن إدارة جو بايدن لم تحرك العملية، ولا تبدو على عجلة من أمرها لاستئنافها. وبالإضافة إلى ذلك، اشترطت الولايات المتحدة أي اتفاق محتمل بالامتثال الصارم لاتفاقية السلام في آيرلندا الشمالية.



تحسن نشاط الأعمال في منطقة اليورو

منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
TT

تحسن نشاط الأعمال في منطقة اليورو

منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)

شهد نشاط الأعمال في منطقة اليورو تحسناً ملحوظاً هذا الشهر، فقد عاد قطاع الخدمات المهيمن إلى النمو، مما ساهم في تعويض الانكماش المستمر في قطاع التصنيع.

وارتفع «مؤشر مديري المشتريات المركب الأولي» لمنطقة اليورو، الذي تُعِدّه «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 49.5 في ديسمبر (كانون الأول) الحالي من 48.3 في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رغم أنه بقي دون مستوى الـ50 الذي يفصل بين النمو والانكماش. وكان استطلاع أجرته «رويترز» قد توقع انخفاضاً إلى 48.2.

وقال سايروس دي لا روبيا، كبير خبراء الاقتصاد في بنك «هامبورغ التجاري»: «نهاية العام جاءت أكثر تفاؤلاً مما كان متوقعاً بشكل عام. عاد نشاط قطاع الخدمات إلى منطقة النمو، مع تسارع ملحوظ في التوسع، مشابه للتوسع الذي شهدناه في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين».

وارتفع مؤشر قطاع الخدمات إلى 51.4 من 49.5، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى استقرار الوضع عند مستويات نوفمبر الماضي. ومع ذلك، فقد أظهرت البيانات أن الشركات لا تتوقع تحسناً سريعاً في النشاط؛ إذ حافظت على استقرار أعداد الموظفين بشكل عام، فقد تراجع مؤشر التوظيف في قطاع الخدمات إلى 50.1 من 51.0.

في المقابل، استقر مؤشر مديري المشتريات في قطاع التصنيع، الذي ظل دون 50 منذ منتصف عام 2022، عند 45.2 في نوفمبر، وهو أقل بقليل من توقعات الاستطلاع البالغة 45.3. كما تراجع مؤشر الناتج، الذي يغذي «مؤشر مديري المشتريات المركب»، إلى 44.5 من 45.1.

وأضاف دي لا روبيا: «لا يزال الوضع في قطاع التصنيع متدهوراً، فقد انخفض الناتج بوتيرة أسرع في ديسمبر الحالي مقارنة بأي وقت سابق من هذا العام، كما تراجعت الطلبات الواردة أيضاً».

وفي إشارة إلى استمرار تدهور الوضع، تواصل تراجع الطلب على السلع المصنعة في منطقة اليورو، فقد انخفض مؤشر الطلبات الجديدة إلى 43.0 من 43.4.

ومع ذلك، أظهرت البيانات تحسناً في التفاؤل العام، حيث ارتفع «مؤشر التوقعات المستقبلية المركب» إلى أعلى مستوى له في 4 أشهر، مسجلاً 57.8 مقارنة بـ56.1 في الشهر السابق.

وفي فرنسا، انكمش قطاع الخدمات بشكل أكبر في ديسمبر، رغم تباطؤ وتيرة الانكماش، وفقاً لمسح تجاري أجرته «ستاندرد آند بورز غلوبال». وارتفع «مؤشر نشاط الأعمال لقطاع الخدمات» التابع لمؤسسة «إتش سي أو بي» إلى 48.2 في ديسمبر من 46.9 في نوفمبر الذي سبقه، متجاوزاً بذلك توقعات المحللين التي كانت تشير إلى 46.7.

كما شهد القطاع الخاص الفرنسي الأوسع تحسناً طفيفاً، حيث ارتفع «مؤشر الناتج المركب لقطاع إدارة المشتريات» إلى 46.7 من 45.9، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى 45.9. ومع ذلك، تراجع نشاط التصنيع إلى أدنى مستوى له في 55 شهراً عند 39.6 مقارنة بـ41.1 في الشهر السابق.

وفي هذا السياق، قال طارق كمال شودري، الخبير الاقتصادي في بنك «هامبورغ التجاري»: «يظل قطاع الخدمات في حالة من الغموض، وباستثناء مدة قصيرة خلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس، فقد واجه مقدمو الخدمات صعوبة في تحقيق زخم للنمو».

وأشار المشاركون في الاستطلاع إلى أن عدم الاستقرار السياسي، وضعف ظروف الطلب، كانا من أبرز التحديات التي ساهمت في انخفاض حاد بالتوظيف. وبيّن الاستطلاع أنه رغم التحسن الطفيف في ثقة الأعمال، فإن التوقعات لا تزال ضعيفة في ظل استمرار حالة عدم اليقين السياسي.

أما في ألمانيا، فقد تراجع التباطؤ الاقتصادي بشكل طفيف في ديسمبر، لكن نشاط الأعمال ظل في حالة انكماش للشهر السادس على التوالي. وارتفع «مؤشر مديري المشتريات الألماني المركب»، الذي أعدته «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 47.8 من 47.2 في نوفمبر، رغم أنه ظل في منطقة الانكماش. وكان المحللون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا قراءة تبلغ 47.8.

كما ارتفع مؤشر نشاط الأعمال لقطاع الخدمات في ألمانيا إلى 51 خلال ديسمبر من 49.3 في نوفمبر، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى 49.4. وفي هذا السياق، قال دي لا روبيا: «يمثل هذا التحسن في قطاع الخدمات توازناً جيداً مع تراجع الناتج الصناعي السريع، مما يبعث بعض الأمل في أن الناتج المحلي الإجمالي قد لا يكون قد انكمش في الربع الأخير من العام».

وكانت ألمانيا قد تفادت الركود الفني في الربع الثالث، لكن الحكومة تتوقع انكماش الناتج بنسبة 0.2 في المائة عام 2024 عموماً، مما يجعلها متخلفة عن بقية الاقتصادات العالمية الكبرى. وعانى الاقتصاد الألماني من تأثيرات ازدياد المنافسة من الخارج وضعف الطلب وتباطؤ الصناعة. بالإضافة إلى ذلك، أدى الخلاف حول الموازنة إلى إسقاط الائتلاف الثلاثي في البلاد، مما ترك أكبر اقتصاد في أوروبا في حالة من الغموض السياسي حتى الانتخابات المبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وقال دي لا روبيا: «لم يقدم قطاع التصنيع أي مفاجآت إيجابية في العطلات. هذا ليس مفاجئاً بالنظر إلى الأخبار السلبية المستمرة حول الشركات التي تخطط لإعادة الهيكلة».

كما تدهور مؤشر التصنيع قليلاً، حيث انخفض إلى 42.5 من 43 في الشهر السابق، وظل بعيداً عن مستوى النمو. وكان المحللون يتوقعون زيادة طفيفة إلى 43.3.