أورسون وَلز في مئويته

أورسون وَلز في مئويته
TT

أورسون وَلز في مئويته

أورسون وَلز في مئويته

* مات أورسون وَلز، سنة 1985، وهو يتمنّى أن يستطيع إنجاز الفيلم الذي كان بدأ العمل عليه «الجانب الآخر من الريح» سنة 1970. كأفلام أخرى لهذا النابغة، واجه هذا المشروع مصاعب مالية جمّة أخرت إنجازه حتى عام 1975 قبل أن يتوقف العمل به تماما. الآن، وبمناسبة مرور مائة سنة على ولادة وَلز (6 مايو/ أيار، 1915) يتم تجهيز نسخة مكتملة من الفيلم الذي قاد بطولته آنذاك المخرج الراحل جون هيوستون مع المخرج الذي لا يزال بيننا بيتر بوغدانوفيتش.
* إتمام العمل تطلّب جمع مبلغ مليوني دولار من هواة السينما، طالما أن شركات الأفلام التي خيبت أمل وَلز آنذاك ما زالت لا تدري لماذا عليها أن تشارك اليوم. والجمهور كان حاضرا. المبلغ تم جمعه في 24 ساعة فقط، حسب صحيفة «ذا نيويورك تايمز».
* حياة أورسون وَلز كانت حزينة للغاية و«الجانب الآخر من الريح» يعبّـر عنها. هو تمويل فرنسي - إيراني (أيام الشاه) تعرقل تنفيذه كما تعرقل تنفيذ سواه من إخراجه، ومن بينها فيلمه الذي ربح جائزة «كان» سنة 1952 وتم تقديمه هناك تحت علم المغرب (رغم أن تمويله ورد من إيطاليا والولايات المتحدة أساسا). المال كان عقبة من البداية، وفي عام 1971 شهد الفيلم عثرته الأولى: مصلحة الضرائب الأميركية طالبت الفنان وَلز بدفع ضريبة عن التمويل الذي حصل عليه من فرنسا. هذا أخر العمل، ريثما يجمع وَلز المال المطلوب، حتى مطلع 1973.
* الفيلم يتمحور حول الروائي المعروف إرنست همنغواي الذي كان صديقا لوَلز، الذي انتحر سنة 1961. على نحو غير منطقي باشر وَلز التصوير قبل أن يقرر ما إذا كان يريد تمثيل دور همنغواي بنفسه أو إسناده إلى صديقه الآخر هيوستون. لذلك صوّر بعض المشاهد المفترض أن تحوي شخصية همنغواي من دون إظهاره ريثما يتم له الاختيار.
* هذا سيكون سببا في انزلاق المشروع لكنه ليس السبب الأساسي. وحسب مذكرات بيتر بوغدانوفيتش فإن هوليوود كانت تتحاشى الانخراط في أي مشروع موقع باسم وَلز. كتب: «الناس كانوا يحبون أن يقولوا إنهم تناولوا العشاء مع وَلز، لكن لا أحد منحه المال». وهذا ينسحب على العديد من المشاريع التي كانت بحوزته والتي صوّر بعضها واضطر للانكفاء عنها لاحقا.
* الفيلم المذكور ليس التحية الوحيدة المتوقعة لوَلز. إلى جانب أسابيع وأشهر في مؤسسات سينمائية وطنية في لندن وتورنتو ونيويورك، تم ترميم فيلم قام بتمثيله من دون إخراجه هو «الرجل الثالث» الذي حققه كارول ريد وشارك في بطولته جوزيف كوتون، ذاك الذي ظهر في فيلم وَلز الأول «المواطن كاين» سنة 1941.
* وَلز عندنا لم يحظ مطلقا باهتمام النقاد البواسل. لكن هذا ليس غريبا. الغريب أن المخرجين الراحلين لا يحظون بأي تقدير حقيقي. هل سمعت عن أسبوع لأفلام كمال الشيخ بعد رحيله أو حتى يوسف شاهين (باستثناء بعض العروض القليلة الخجولة)؟. متى حقق خيري بشارة ورأفت الميهي وعلي عبد الخالق (من بين آخرين) آخر أعمالهم؟ وبعد زوبعة الحزن والمقالات المتباكية، هل هناك من سيذكر الراحل (حديثا)
سعيد مرزوق؟



شاشة الناقد: سيرة حياة وهجرة

«غير قابل للتوقف» (ريلي غود هوم بيكتشرز)
«غير قابل للتوقف» (ريلي غود هوم بيكتشرز)
TT

شاشة الناقد: سيرة حياة وهجرة

«غير قابل للتوقف» (ريلي غود هوم بيكتشرز)
«غير قابل للتوقف» (ريلي غود هوم بيكتشرز)

UNTSTOPABLE ★★★☆

* سيرة حياة رياضي تكاد لا تُصدّق

* عروض مهرجان تورونتو | الولايات المتحدة، 2024

هناك «كليشيهات» متعدّدة في الأفلام الرياضية: مثل مشاهد لصعود الرياضي من العدم، العقبات التي تواجهه، المشاكل النفسية التي يعاني منها، شكوك البعض من أنه سينجز النجاح المرتقب وفي النهاية النجاح المرتقب يقع فعلاً و«البطل» ينجز ما حلم به.

هذه وصفة «رامبو» وما قبله وبعده، وفيلم «لا يمكن إيقافه» لا يخلو منها. المميَز الوحيد هو أن هذا الرياضي هو المصارع الشاب أنطوني (جارل جيروم) الذي وُلد بساق واحدة. الكل، من مطلع الفيلم، لا يصدق أنه سينتصر في جولاته باستثناء والدته جودي (جنيفر لوبيز) التي تعلم كم عانى أنطوني في حياته وجهد لكي يدخل الحلبة رغم عاهته. بداية من أن زوج والدته (بوبي كاناڤالي) احتقره وأساء معاملته منذ كان أنطوني ولداً صغيراً.

تنضم صورة الأب (والفيلم مأخوذ عن كتاب وضعه أنطوني روبلز عن حياته) إلى صور متعددة لرياضيين عانوا من سطوة آبائهم من بينها «The Warrior» لكيڤن أوكونور عام 2011، و«The Iron Claw» لشون دوركن 2023. لكن بسبب هذه المتاعب يزداد إصرار أنطوني على التحدي والفوز في مبارياته متّبعاً أسلوباً خاصاً به يحوّل عاهته إلى ميزة. تأثيرها على المُشاهد هو مزيج من التأييد والخوف عليه (هكذا أيضاً موقف والدته). الممثل جيروم لم يقم بتأدية مشاهد الحلبة بل جيء بالرياضي روبلز ليؤدي تلك المَشاهد.

هذا هو الفيلم الأول لوليام غولدنبيرغ الذي اشتغل سابقاً وراء طاولة التوليف (المونتاج) وهو يدمج حكاية تراجيدية في أصلها ومواقفها الصّعبة بخيط من الرغبة في الوصول إلى الجمهور الواسع الذي سيجد أن بطولة روبلز تستحق المشاهدة.

ANYWHERE, ANYTIME ★★★

* دراما عن أفريقي آخر يعاني من ويلات الهجرة الأوروبية

* عروض مهرجاني ڤينيسيا وتورونتو | إيطاليا - 2024

المخرج ميلاد تنغشير إيراني المولد، ترك البلاد وهاجر إلى أوروبا ونجح في تحقيق بضعة أفلام مرّت تحت الرادار. فيلمه الجديد يختلف في أنه يستقطب اهتماماً لا بأس به حالياً.

بعض هذا الاهتمام ربما يعود إلى أن حبكة فيلمه تمشي بخط موازٍ مع ذلك الذي اعتمده المخرج الإيطالي الواقعي ڤيتوريو دي سيكا عندما حقق فيلمه الأشهر «سارقو الدرّاجات» في عام 1948. ذلك لأن دراجة بطل هذا الفيلم التي هي سبيل معيشته الوحيد سُرقت منه خلال العمل، كما سُرقت دراجة الأب في الفيلم السابق. لا ينتهي التشابه عند هذا الحد لأن الفيلمين يجولان في الأسلوب الواقعي رغم اختلاف الحكاية.

من «أي مكان، أي وقت» (ڤيڤو فيلمز)

بطل هذا الفيلم عيسى (إبراهيم سامبو) سنغالي مهاجر إلى إيطاليا بلا أوراق شرعية. يُطرد من عمل مؤقت لهذا السبب. يحاول صديقه مساعدته عبر شراء دراجة هوائية يستخدمها في تسليم الأطعمة حسب الطلب. هذا ما يؤدي بنا في الفيلم لحالة تشابه أخرى مع فيلم «قصة سليمان»، الذي تناولناه بتاريخ التاسع من الشهر الماضي. ذاك أيضاً كان عن أيام من حياة مهاجر أفريقي إلى فرنسا حققه بوريس لوبكينو بجدارة ونجاح في الإمساك بما يجعل من العمل إيقاعاً جيداً وأداءات معبّرة. أمران لا يحسنهما الفيلم الجديد.

عيسى يعمل في مهنة تسليم الأطعمة في تلك الشوارع المزدحمة، وقد تتوقع أن يقع له حادث ما خلالها لأن المخرج تنغشير يجيد رصد الحركة تاركاً المجال لوقوع أي شيء. الأمر الأول الذي يقع عاطفي حيث يتعرّف عيسى على فتاة أفريقية أيضاً (سوكيس إدماكيوتا) كخطوة أولى صوب حياة عاطفية. الأمر الثاني سرقة دراجته دافعاً بعيسى لمأزق حياة غير متوقع ويتقاطع مع آماله بأن يستطيع التغلب على مشاكله المادية والعاطفية.

هذا فيلم لديه نوايا جيدة معظمها يصل إلينا في الدقائق الأولى وبعضها يبقى، لكنه كان يحتاج إلى مناخ أثرى ومعالجة مختلفة أكثر حدة.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز