بروكسل: اجتماعات لإيجاد تسوية بشأن بنود اتفاق التجارة الحرة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي

تركز على آلية فض النزاعات بين المستثمرين والدولة

بروكسل: اجتماعات لإيجاد تسوية بشأن بنود اتفاق التجارة الحرة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي
TT

بروكسل: اجتماعات لإيجاد تسوية بشأن بنود اتفاق التجارة الحرة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي

بروكسل: اجتماعات لإيجاد تسوية بشأن بنود اتفاق التجارة الحرة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي

انعقد أمس في بروكسل المجلس الوزاري الأوروبي للشؤون الخارجية الذي خصص مناقشاته لملفات التجارة الخارجية، وشكل ملف آلية تسوية النزاعات بين المستثمرين والدولة في بنود اتفاق التجارة الحرة والشراكة الاستثمارية الذي تجرى مفاوضات بشأنه بين الجانبين منذ ما يقرب من عامين، موضوعا أساسيا في أجندة الاجتماعات، كما كان محورا لاجتماعات ونقاشات، شهدتها مؤسسات التكتل الأوروبي الموحد في بروكسل خلال الساعات القليلة الماضية سواء داخل المفوضية الأوروبية وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد، التي أعدت مقترحات جديدة حول هذا الصدد، أو في البرلمان الأوروبي وهو المؤسسة التشريعية العليا في التكتل الموحد الذي شهد مناظرة الأربعاء بين النواب ومفوضة التجارة الخارجية سيسليا مالمستروم التي زارت واشنطن قبل أيام قليلة للتباحث حول نفس الملف مع الكثير من المسؤولين في الإدارة الأميركية.
وعقب النقاشات التي جرت في البرلمان الأوروبي قالت كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية في البرلمان الأوروبي إنها لا تزال على موقفها من مسألة إدراج كيفية فض المنازعات بين الدولة والمستثمرين في الاتفاق المرتقب، وحول المقترحات الجديدة حول هذا الصدد، والتي قدمتها مالمستروم، قال البرلماني ديفيد مارتن عضو الكتلة المسؤول عن ملف التجارة الخارجية، إن المواطنين في أوروبا لديهم مخاوف حقيقية جراء هذا الأمر، وعلى الرغم من التغييرات الإيجابية التي جاءت في الورقة التي اقترحتها المفوضة مالمستروم فإنها لا تكفي لتبديد هذه المخاوف، وأضاف: «نحن بحاجة إلى قواعد أكثر وضوحا مع التركيز على الشفافية». وقال العضو بيرند لانغ رئيس لجنة التجارة الخارجية في البرلمان الأوروبي إن الورقة التي طرحتها المفوضية خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها لا تزال بعيدة بما فيه الكفاية عن استعادة ثقة الجمهور في هذه المسألة، وأضاف: «نحن رحبنا بالتحرك نحو محكمة دائمة للاستثمار ووجود القضاة المتفرغين وآلية الطعن الواضحة وهو حل أفضل بكثير من التحكيم الخاص ضمن مقترحات مبهمة سابقة ولكن مع ذلك لا تزال الورقة الجديدة غامضة وهناك مطالب أخرى يجب أن تضعها المفوضية في الاعتبار حتى تضمن دعم الكتلة الاشتراكية والديمقراطية للاتفاق في البرلمان الأوروبي».
ومن جانبها قالت المفوضة التجارية الأوروبية، سيسيليا مالستروم، إنها طورت أفكارا جديدة للمساعدة في إزالة عقبة رئيسية في المفاوضات مع الولايات المتحدة لتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة عبر المحيط الأطلسي. وناقشت مالستروم هذا الأمر في واشنطن قبل أيام قليلة مع نظيرها الأميركي ميشال فرومان ثم بعد ذلك مع البرلمان الأوروبي في بروكسل، وأضافت أن الأفكار تتعلق بما تسمى «تسوية نزاعات المستثمرين مع الدولة» التي وصفتها مالستروم بأنها «أكثر تعبير مرفوض في أوروبا حاليا». وتتعلق هذه القضية بآلية موجودة بالفعل في كل اتفاقيات تحرير التجارة في العالم، التي تتيح للمستثمرين الأجانب مقاضاة الحكومات في حال تعرضهم لأي خسائر نتيجة صدور قوانين جديدة تهدد قيمة أصولهم في تلك الدول.
واعترفت مالستروم في بيانها بأن بعض بنود آلية تسوية نزاع المستثمرين أصبحت «موضة قديمة» وتركز بشكل أساسي على مصالح الشركات. وتعهدت بأنها ستجعل بنود آلية تسوية نزاعات المستثمرين «أكثر شفافية وأكثر انفتاحا وأكثر محدودية»، مضيفة أنها تأمل أن تحل المقترحات أزمة آلية تسوية منازعات المستثمرين بما يتيح انتقال مفاوضات تحرير التجارة إلى موضوعات أخرى.
وفي العشرين من أبريل (نيسان) الماضي بالتزامن مع انطلاق الجولة التاسعة من المفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، والرامية للتوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة والشراكة الاستثمارية، أصدرت المفوضية الأوروبية ببروكسل، تقريرا حول فوائد هذه الاتفاقية، وما ستقدمه من إمكانات كبيرة للشركات الصغرى والمتوسطة. ووفقا للتقرير الذي قدمته سيسليا مالمستروم مفوضة شؤون التجارة الدولية، فإن الشركات الصغرى والمتوسطة هي العمود الفقري للاقتصاد الأوروبي، ولهذا السبب يعمل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من أجل اتفاقية طموحة تلبي اهتماماتهم. كما يتناول التقرير الإشارة إلى العقبات والمشكلات الموجودة التي يجب حلها وتشكل أيضا واحدة من القضايا المطروحة أمام المفاوضين خلال الأسبوع الحالي في نيويورك.
وقالت مالمستروم في تعليق لها على التقرير إن الشركات الصغرى والمتوسطة سوف تستفيد أكثر من خفض الروتين والحواجز غير الجمركية، «كما أننا نعمل على نفس الشيء في سوق الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فمن المهم جدا أن نفعل نفس الشيء في مفاوضاتنا حول التجارة الحرة».
أما إليزابيث بينكوفسكا مفوضة شؤون السوق الداخلية والصناعة والمشروعات الصغرى والمتوسطة، فقد علقت على التقرير بالقول إنه يعرض نتائج مسح جرى في العام الماضي على الشركات والمشروعات الصغرى والمتوسطة، وتناول التحديات التي يواجهونها في عمليات التصدير إلى الولايات المتحدة الأميركية، مع توفير أحدث البيانات، لإلقاء نظرة على حجم الصادرات التي تقوم بها الشركات الصغرى والمتوسطة في الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة الأميركية.
واستمرت الجولة التاسعة من المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، في نيويورك، خمسة أيام. وقال بيان للمفوضية إنه على هامش المفاوضات انعقد منتدى أصحاب المصلحة، وتم خلاله تبادل وجهات النظر بين المفاوضين وأصحاب المصلحة المهتمين بتفاصيل الاتفاق.
وجرت مناقشات خلال الأسبوع الماضي في البرلمان الأوروبي حول تعديلات مقترحة، بشأن مشروع قرار، حول تقييم التقدم المحرز في المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وقال البرلمان الأوروبي إن التعديلات المقترحة تبلغ 898 تعديلا على مشروع القرار، وتغطي المجالات المختلفة. وكانت أولى جلسات النقاش في جلسة للجنة التجارة الدولية، وتبع ذلك نقاشات في لجان الزراعة، والبيئة، والشؤون الدستورية والقانونية، والثقافة. وذلك في إطار التحضير لعملية تصويت مقررة في مايو (أيار) الحالي خلال جلسة عامة للبرلمان الأوروبي حول تقييم العملية التفاوضية بين واشنطن وبروكسل.
وكانت الجولة الثامنة من التفاوض بين الجانبين قد انعقدت في بروكسل فبراير (شباط) الماضي وانطلقت الجولة الأولى قبل 20 شهرا. ودعت القمة الأوروبية التي انعقدت ديسمبر (كانون الأول) الماضي في بروكسل إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل وطموح مع واشنطن في هذا الصدد قبل نهاية 2015.
وترى المفوضية الأوروبية أن اتفاقية شاملة للتجارة والاستثمار يمكن أن تزيد الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي بنسبة تتراوح مابين 0.27 في المائة و0.48 في المائة، والدخل القومي الإجمالي الأوروبي بنسبة تصل إلى 86 مليار يورو، وحسب الأرقام الصادرة عن الاتحاد الأوروبي سيؤدي هذا الاتفاق الطموح إلى تحقيق مكسب للأسرة الأوروبية كل عام سيصل إلى 545 يورو، وستعزز الاقتصاد الأوروبي بنسبة ما بين 0.5 في المائة و1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي أو 119 مليار يورو سنويا، وتقول المفوضية الأوروبية ببروكسل إن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين هي الأقوى في العالم وتشكل ما يقرب من نصف الناتج الإجمالي العالمي وقرابة ثلث التجارة العالمية وما يقرب من 2.7 مليار دولار من التدفقات التجارية يوميا، وهناك استثمار لـ3.7 تريليون دولار عبر الأطلسي، وهناك فرص عمل وروابط قوية بين الشركات ورجال الأعمال. وقالت أيضا إن إنجاز اتفاق التجارة الحرة والشراكة عبر الأطلسي سيطلق العنان لمزيد من الإمكانات مما يعني أخبارا جيدة للمواطنين من الجانبين بل وللاقتصاد العالمي ككل.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.