افتتاح جزء من حصن بابليون بالقاهرة بعد ترميمه

يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي

افتتاح جزء من حصن بابليون بالقاهرة بعد ترميمه
TT

افتتاح جزء من حصن بابليون بالقاهرة بعد ترميمه

افتتاح جزء من حصن بابليون بالقاهرة بعد ترميمه

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، أمس، عن افتتاح جزء من مبنى حصن بابليون بمجمع الأديان بحي مصر القديمة، بالقاهرة، وذلك بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من أعمال ترميم الحصن الذي يرجع تاريخ إنشاؤه إلى القرن الثاني الميلادي.
وقال العميد هشام سمير، مساعد وزير السياحة والآثار للمشروعات والمشرف العام على مشروع القاهرة التاريخية، في بيان صحافي، إنه «تم افتتاح الجزء الواقع عند بوابة المتحف القبطي من حصن بابليون، بعد انتهاء المرحلة الأولى من مشروع الترميم، والتي شملت تنظيف جميع واجهات الحصن الخارجية والداخلية، وإزالة جميع الاتساخات، والأتربة، والبقع العالقة بالأحجار، وتطوير منظومة الإضاءة في جميع أجزاء الحصن الدائري، لإظهار الجمال المعماري للحصن والوظيفة الأصلية للمبنى»، مشيراً إلى أنه «تم توضيح شكل الأحجار، وترميم الأجزاء المتدهورة منها، وعمل الشبابيك الخاصة بالحصن بمشاركة معهد الحرف الأثرية بالمجلس الأعلى للآثار، ويجري حالياً استكمال المرحلة الثانية من أعمال الترميم، والتي تتضمن ترميم الجزء الجنوبي من الحصن، الموجود أسفل الكنيسة المعلقة، والمسمى ببوابة عمرو، تمهيداً لافتتاح الحصن بالكامل أمام الزوار».
ويعود تاريخ حصن بابليون إلى القرن الثاني الميلادي، عندما أمر الإمبراطور تراجان ببنائه، في عهد الاحتلال الروماني لمصر، وفي عصر الإمبراطور الروماني أركاديوس، في القرن الرابع الميلادي، تم ترميم الحصن وتوسعته، واستُخدمت أحجار المعابد المصرية الفرعونية في بناء الحصن، واستُكمل بالطوب الأحمر، حسبما ذكر موقع الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.
الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية، أكد «أهمية» الحصن التاريخية، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الحصن بُني في القرن الثاني الميلادي، واستمر بناؤه في القرنين الثالث والرابع الميلاديين، وعندما انتشرت المسيحية في مصر بُنيت عليه عدة كنائس مثل الكنيسة المعلقة وكنيسة أبو سرجة»، مشيراً إلى أن «الحصن به ما يعرف بباب مصر الذي دخل منه عمرو بن العاص مصر عند الفتح الإسلامي بمساعدة بطريرك مصر في ذلك الوقت، الذي تعاون مع ابن العاص للتخلص من حكم الرومان».
وأضاف الكسباني أن «الحصن يقع في منطقة مصر القديمة التي تعد أول تجمع للمسلمين والمسيحيين واليهود في مكان واحد دون تفرقة، والتي تُعرف حالياً بمجمع الأديان، فكان حصن بابليون مقراً للأقباط والمسلمين الذين استقروا في مصر».
وبُنيت الكنيسة المعلقة على أحد أبراج الحصن، وعلى باقي السور بُنيت كنائس: أبو سرجة، ومار جرجس، والعذراء قصرية الريحان، ودير مار جرجس للراهبات، والست بربارة، إضافةً إلى معبد يهودي، وعندما فتح عمرو بن العاص مصر عام 641 ميلادي، اختار موقعاً شمال حصن بابليون، وأقام فيه مدينة الفسطاط، لتكون عاصمة للبلاد.
في سياق منفصل، يستعد المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، لافتتاح قاعة النسيج، حيث يجري حالياً إعداد سيناريو العرض المتحفي الخاص بالمعروضات، ليحكي تاريخ صناعة النسيج، وأدواته على مر العصور المختلفة للحضارة المصرية، بدءاً من عصر ما قبل التاريخ. وقال مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف، وعضو لجنة سيناريو العرض، في بيان صحافي، إن «قاعة النسيج سوف تضم مجموعة متنوعة من القطع الأثرية الفريدة، التي كانت تُعرض في متحف النسيج بشارع المعز، والتي يتم إعادة عرضها بقاعة النسيج بالمتحف القومي للحضارة، باستخدام أحدث أساليب تقنيات العرض الحديثة، ونظام الإضاءة، وفتارين العرض الحديثة، إضافةً إلى شاشات لعرض مجموعة من الأفلام الوثائقية التي تحكي تاريخ النسيج المصري على مر العصور».
ومن بين المعروضات أردية من الكتان ترجع للعصور القديمة، بدايةً من العصر البطلمي مروراً بالعصر القبطي والإسلامي وحتى العصر الحديث، إضافةً إلى مجموعة من النسيج الوبري والأقمشة المختلفة، وأدوات الغزل والنسج القديم، ونموذج لورشة نسيج ترجع للدولة الوسطى، وتمثال لرئيس النساجين بالدولة القديمة، ومجموعة من التماثيل واللوحات التي تؤرخ الأزياء عبر العصور المختلفة بمصر القديمة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».