واصلت القوات الروسية قصف المدن الأوكرانية أمس، وسط اتهامات وجهتها لها كييف باستهداف مدرسة تؤوي 400 شخص في مدينة ماريوبول المحاصرة، فيما أعلنت موسكو أنها استخدمت للمرة الثانية في أوكرانيا صواريخ أسرع من الصوت، هذه المرة لتدمير مخازن وقود للجيش الأوكراني بجنوب البلاد.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان، إنه «تم تدمير مخزون كبير من الوقود بصواريخ (كاليبر) التي تم إطلاقها من بحر قزوين، وكذلك صواريخ باليستية فرط صوتية أطلقها نظام (كينجال) من المجال الجوي لشبه جزيرة القرم». ولم تحدد تاريخ الضربة. وأضافت الوزارة أن الضربة وقعت في منطقة ميكولاييف لكنها لم تحدد تاريخها. وبحسب الوزارة، فإن هدف العملية كان «المصدر الرئيسي لإمداد المدرعات الأوكرانية بالوقود» والمنتشرة بجنوب البلاد.
وتنتمي صواريخ كينجال (خنجر بالروسية) الباليستية وصواريخ «زيركون» العابرة إلى جيل جديد من الأسلحة التي طورتها روسيا، ووصفها الرئيس فلاديمير بوتين بأنها «لا تقهر»، لأنه يفترض أن تتمكن من تجنب أنظمة دفاع العدو.
وكانت موسكو أعلنت السبت، أنها أطلقت صواريخ «كينجال» على أوكرانيا. وإذا تحقق الأمر فسيكون أول استخدام معروف في ظروف القتال الحقيقية لهذا النظام الذي تم اختباره لأول مرة في عام 2018. وأكدت وزارة الدفاع الروسية أمس، أن «صواريخ عالية الدقة» أطلقتها موسكو أصابت مركز تدريب للقوات الخاصة الأوكرانية في منطقة جيتومير على بعد 150 كيلومتراً غرب كييف. وقالت الوزارة الروسية إن «أكثر من 100 من القوات الخاصة (الأوكرانية) والمرتزقة الأجانب قتلوا» في الضربة.
وأكد متحدث باسم قيادة السلاح الجوي الأوكراني وقوع الهجوم بمنطقة إيفانو - فرانكيفسك الغربية، لكنه قال إن الجانب الأوكراني ليست لديه معلومات عن نوع الصواريخ المستخدمة. وتنتمي صواريخ «كينجال» (خنجر بالروسية) الباليستية وصواريخ «زيركون» العابرة إلى جيل جديد من الأسلحة التي طورتها روسيا ووصفها الرئيس فلاديمير بوتين بأنها «لا تقهر»، لأنه يفترض أن تتمكن من تجنب أنظمة دفاع العدو.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب أمس، إن حصار ماريوبول، الميناء الاستراتيجي في جنوب شرقي البلاد الذي قطعت عنه الاتصالات لأيام «سيسجل في التاريخ للمحاسبة لجرائم الحرب». وأشار أيضاً إلى مقتل آلاف الجنود الروس في الحرب.
وتسببت الحرب في أوكرانيا التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 24 فبراير (شباط)، لوقف توجه هذه الجمهورية السوفياتية السابقة نحو الغرب، بأكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ووصلت العلاقات بين روسيا والغرب إلى أدنى مستوياتها مثلما كانت خلال الحرب الباردة، ما ألحق ضرراً بالاقتصاد العالمي الذي لا يزال يتعافى من تداعيات انتشار فيروس كورونا.
وقال مجلس مدينة ماريوبول إن الجيش الروسي قصف مدرسة للفنون استخدمت ملجأ لنحو 400 شخص، مضيفاً أن مدنيين عالقون تحت الأنقاض. وقال المجلس المحلي في تطبيق المراسلة «تلغرام» أمس: «بالأمس، ألقى المحتلون الروس قنابل على مدرسة الفن رقم 12»، مضيفاً أن نحو 400 امرأة وطفل وكبار السن كانوا يحتمون هناك من القصف. وأضاف أن «مدنيين مسالمين لا يزالون تحت الأنقاض»، مشيراً إلى أن المبنى دمر. وقالت سلطات المدينة أيضاً إن بعض سكان ماريوبول أرغموا على الانتقال إلى روسيا وجردوا من جوازات سفرهم الأوكرانية.
وصرح بافلو كيريلينكو رئيس إدارة منطقة دونيتسك الإقليمية، بأن «المحتلين يرسلون سكان ماريوبول إلى معسكرات فرز ويفحصون هواتفهم ويصادرون وثائقهم الأوكرانية»، مضيفاً أنه تم ترحيل أكثر من ألف من سكان ماريوبول. وأضاف على «فيسبوك»: «أناشد المجتمع الدولي الضغط على روسيا وقائدها المجنون».
ولا تزال الأوضاع الإنسانية تتدهور في معظم الجنوب والشرق، حيث تواصل القوات الروسية تقدمها، وكذلك في الشمال بمحيط العاصمة كييف، وحذرت وكالات الإغاثة من أنها تواجه صعوبات في الوصول إلى مئات آلاف الأشخاص العالقين بسبب الغزو الروسي.
وقد فرّ عشرة ملايين شخص من منازلهم في أوكرانيا بسبب حرب روسيا «المدّمرة»، حسبما قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أمس.
وقالت إيرينا فيريشتشوك نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إن سبعة ممرات إنسانية فتحت أمس (الأحد)، لتمكين المدنيين من مغادرة جبهات القتال الأمامية. وأضافت أن أوكرانيا أجلت 190 ألف شخص إجمالاً من مثل هذه المناطق منذ أن غزت روسيا البلاد في 24 فبراير.
وتعد ماريوبول من المدن الأكثر تضرراً، لأنها تحتل موقعاً استراتيجياً مهماً. ويؤدي الاستيلاء عليها إلى ربط شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014، بالمناطق الانفصالية في شرق البلاد دونيتسك ولوغانسك اللتين انفصلتا في السنة نفسها، ويسيطر عليها انفصاليون مدعومون من موسكو. ويُعتقد أن هناك آلاف الأشخاص عالقون في المدينة، حيث قطعت الكهرباء والماء والغاز. وأعلنت موسكو السبت، أن قواتها خرقت دفاعات المدينة وباتت داخلها. والأربعاء الماضي، تعرض مسرح كان يؤوي ألف شخص لقصف ولا يزال هناك كثير من المفقودين تحت الأنقاض. وقالت تامارا كافونينكو (58 عاماً): «هذه لم تعد ماريوبول، هذه جهنم»، مضيفة: «الشوارع مليئة بجثث مدنيين».
وفي تسجيل الفيديو الذي ينشره يومياً، قال زيلينسكي إن حصار ماريوبول «عمل إرهابي سيتم تذكره حتى في القرن المقبل». وأشار الرئيس الأوكراني الذي لاقى إعجاباً كبيراً في العالم، لأنه بقي في العاصمة بمواجهة التقدم الروسي، إلى أن 14 ألف جندي روسي قد سقطوا في المعارك. وقال إن «عدد (الضحايا) سيواصل الارتفاع».
وأشارت آخر حصيلة قدمتها روسيا في مطلع مارس (آذار) إلى أن نحو 500 جندي قتلوا. وآخر حصيلة أوردتها أوكرانيا في 12 مارس (آذار) تشير إلى مقتل 1300 جندي أوكراني.
وأصبح زيلينسكي وهو ممثل سابق وكوميدي، أول قائد وطني يقوم بحملة إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي خلال حرب، وينشر تسجيلات فيديو يومية وصور السيلفي على مختلف المنصات. وقد ناشد زيلينكسي الذي نشأ في شرق أوكرانيا، في شريط فيديو بث مباشرة، النواب بالولايات المتحدة وأوروبا مساعدة بلاده.
وأبدى الجيش الأوكراني مقاومة شرسة غير متوقعة أدت إلى إبطاء تقدم روسيا، ما أوقف قواتها خارج العاصمة كييف وعدة مدن أخرى وجعل خطوط الإمداد في موسكو عرضة للهجمات الأوكرانية.
وفي مستشفى الأطفال أخماتديت بكييف، قالت طبيبة الأطفال سفيتلانا أونيسكو إنها وزملاؤها «يعيشون في المستشفى» بعد اندلاع الحرب. وأضافت: «نهاراً وليلاً وصباحاً ومساء، نهرع لمساعدة الأطفال، وهذا أمر رهيب وصعب فعلاً».
وفي شمال البلاد، تحدث فلاديسلاف أتروشنكو رئيس بلدية تشيرنيهيف عن «كارثة إنسانية مطلقة» في مدينته. وقال للتلفزيون إن «القصف المدفعي العشوائي على الأحياء السكنية مستمر ويؤدي إلى مقتل عشرات المدنيين من أطفال ونساء». وأضاف: «لا كهرباء ولا تدفئة ولا ماء والبنية التحتية للمدينة مدمرة بالكامل». وتابع أتروشنكو في مستشفى أصيب بالقصف، أن «المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية يرقدون في الممرات بدرجة حرارة تبلغ عشر درجات مئوية».
وأكدت وزارة الدفاع البريطانية في بيان، أن روسيا «فشلت في السيطرة على المجال الجوي وتعتمد بشكل كبير على أسلحة بعيدة المدى يتم إطلاقها من مواقع الأمان النسبي للمجال الجوي الروسي لضرب أهداف في أوكرانيا». وقالت إن روسيا «زادت قصفها العشوائي للمناطق الحضرية، ما أدى إلى دمار شامل وأعداد كبرى من الإصابات المدنية»، بعد تقدم محدود في السيطرة على عدة مدن في شرق أوكرانيا. وأضافت أن روسيا يرجح أن تواصل القيام بذلك «للحد من خسائرها على حساب سقوط ضحايا مدنيين إضافيين». والتقى المفاوضون الروس والأوكرانيون عدة مرات لكن دون تحقيق نتيجة.
وتريد روسيا من أوكرانيا أن تنزع أسلحتها وتفك كل تحالفاتها الغربية، خصوصاً العدول عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي أو التقارب مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما ترفضه كييف. وتسببت الحرب الروسية في موجة عقوبات غير مسبوقة على موسكو وضد بوتين وأوساطه وشركات روسية. وسارعت شركات غربية من شركات نفط إلى المطاعم التي تقدم وجبات سريعة، إلى الانسحاب من روسيا أو وقف عملياتها فيها، وتم تجميد أصول البنك المركزي في الخارج وقطعت كثيراً من المصارف الروسية عن شبكة سويفت للتعاملات المالية بين المصارف. وخلّفت الحرب أضراراً على الاقتصاد العالمي، فيما لا يزال يتعافى من الوباء.
كييف تتهم موسكو باستهداف مدرسة تؤوي مئات المدنيين
احتدام القتال في ماريوبول... وروسيا تؤكد استخدام صواريخ فرط الصوت لـ«تدمير مخازن وقود»
كييف تتهم موسكو باستهداف مدرسة تؤوي مئات المدنيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة