لأول مرة منذ 50 عامًا.. الولايات المتحدة تجيز رحلات عبارات تجارية إلى كوبا

عملية التطبيع بين هافانا وواشنطن بدأت في سرية تامة قبل نحو عامين

لأول مرة منذ 50 عامًا.. الولايات المتحدة تجيز رحلات عبارات تجارية إلى كوبا
TT

لأول مرة منذ 50 عامًا.. الولايات المتحدة تجيز رحلات عبارات تجارية إلى كوبا

لأول مرة منذ 50 عامًا.. الولايات المتحدة تجيز رحلات عبارات تجارية إلى كوبا

سمحت الولايات المتحدة مساء أول من أمس بتسيير رحلات لعبارات تجارية إلى كوبا، وذلك للمرة الأولى منذ 50 عاما، مما يشكل خطوة كبرى جديدة نحو تحسين العلاقات بين البلدين.
ورفعت وزارة الخزانة حظرا كان ساريا منذ عقود، كما أعلنت أربع شركات على الأقل في فلوريدا أنها حصلت على تراخيص لنقل ركاب إلى الجزيرة الشيوعية فيما اعتبرته «حدثا تاريخيا».
ويأتي هذا التطور ليضاف إلى رحلات (التشارتر) رخيصة التكلفة، التي أجيزت حتى الآن من أجل مساعدة الكوبيين الأميركيين على زيارة أسرهم. كما سيسمح للعبارات بنقل مواد شحن إلى كوبا التي تبعد 150 كلم عن السواحل الجنوبية للولايات المتحدة. وفي هذا الإطار أكدت أربع شركات تلقي تراخيص من مكتب مراقبة الممتلكات الأجنبية في وزارة المالية المالية لتسيير عبارات بين البلدين.
وصرح جوزيف هينسون، رئيس شركة «أميركاز» لخدمات الشحن، التي يوجد مقرها في ميامي لوكالة الصحافة الفرنسية «إن قرار اليوم هو خطوة كبيرة إلى الأمام».
من جانبها، أعلنت شركة «هافانا فيري بارتنرز» من فورت لودردايل بفلوريدا أنها حصلت أيضا على ترخيص من وزارة الخزانة لتسيير رحلات بواسطة عبارات انطلاقا من أربعة مرافئ في فلوريدا، وقالت الشركة إن هذه الخطوة تعد «حدثا تاريخيا.. ونحن نشكر الرئيس باراك أوباما وممتنون لقيادته». كما أكدت شركتان أخريان هما «يونايتد كاريبيان لاينز» و«إيرلاين بروكرز» حصولهما على تراخيص.
الا أن هينسون أشار إلى أن الرحلة الأولى ستستغرق بعض الوقت لأنه لا يزال من الضروري الحصول على تراخيص أخرى من سلطات البلدين.
لكن لا بد أن يندرج الأميركيون الراغبون في زيارة كوبا ضمن واحدة من الفئات الـ12 المحددة ضمن اتفاق تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على كوبا، الذي أعلن عنه البيت الأبيض في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهي تشمل زيارة الأسر والمهام الحكومية الرسمية، والمشاريع الإنسانية، والتجمعات الرياضية.
وشهد عدد الأميركيين المتوجهين إلى كوبا زيادة في السنوات الأخيرة، رغم الحظر المفروض على الجزيرة، كما أن قسما كبيرا منهم يسافر عبر دول ثالثة. وفي إعلان منفصل لا علاقة له بقرار وزارة الخزانة الأميركية، أعلنت شركة «جيت بلو» الأميركية للطيران أول من أمس أنها ستبدأ رحلات «تشارتر» مباشرة إلى هافانا من نيويورك التي تحتل المرتبة الثانية بعد فلوريدا، من حيث عدد السكان المتحدرين من أصل كوبي. وكان أوباما ونظيره الكوبي راوول كاسترو قد أعلنا في 17 ديسمبر الماضي انفراجا بين البلدين، شمل رفع قيود على السفر وبعض المجالات التجارية كخطوة أولى لتطبيع العلاقات بينهما. كما عقد الرئيسان اجتماعا طيلة ساعة على هامش قمة الأميركيتين في أبريل (نيسان) الماضي.
وكانت العلاقات الدبلوماسية قد توقفت بين البلدين منذ 1961، لكنهما يقيمان منذ 1977 مكتبين لرعاية المصالح يعتبران بمثابة بعثتين دبلوماسيتين. وقد أصبحت كوبا مدرجة على اللائحة الأميركية السوداء، إلى جانب سوريا والسودان وإيران، بعد أن أدرجتها إدارة الرئيس الراحل رونالد ريغان بسبب دعمها الانفصاليين الباسك في منظمة إيتا، والمتمردين في حركة القوات المسلحة الثورية (فارك) في كولومبيا.
وإذا ما شطبت منها فقد تتمكن من جديد أن تطالب بتمويلات من هيئات دولية، وفتح سفارة في الولايات المتحدة، أو الوصول أيضا إلى النظام المصرفي الأميركي، وذلك من شأنه أن يمهد الطريق لرفع محتمل للحظر الاقتصادي المفروض على كوبا منذ عام 1962. وكانت عملية التطبيع التاريخية بين كوبا والولايات المتحدة قد بدأت في سرية تامة قبل نحو عامين ضمن مفاوضات سرية امتدت من ربيع 2013 إلى خريف 2014 برعاية الفاتيكان وكندا.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.