وجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس السبت، رسالة حادة إلى نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، وذلك بعد يوم من إشادة بوتين بـ«العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا، ووصفها بأنها مهمة «بطولية»، من قبل الجيش الروسي، خلال مسيرة وطنية، في ملعب «لوجنيكي» في موسكو، أمام عشرات الآلاف من الروس الذين كانوا يهتفون. وذكر زيلينسكي في رسالة فيديو أن عدد الأشخاص، الذي يبلغ 100 ألف، أمام الملعب، إلى جانب 95 ألفاً في الساحة نفسها، يتوافق تقريباً مع عدد الجنود الروس، الذين دخلوا أوكرانيا. وأضاف: «والآن، تخيلوا 14 ألف جثة في هذا الملعب، بالإضافة إلى عشرات الآلاف الآخرين من الجرحى والمشوهين»، في إشارة إلى التقديرات الأوكرانية والغربية بشأن الخسائر الروسية، منذ بدء الحرب. ودعا زيلينسكي مرة أخرى، إلى وضع نهاية فورية للصراع، مضيفاً: «يجب أن تنتهي الحرب، اقتراحات أوكرانيا على الطاولة»، طبقاً لصحيفة «أوكراينسكا برافدا».
وحذر الرئيس الأوكراني، موسكو، من عواقب تستمر «عدة أجيال» في حال واصلت هجومها على بلاده، معتبراً أن الوقت حان لها لمناقشة السلام «جدياً»، فيما أكدت القوات الروسية أنها دخلت مدينة ماريوبول المحاصرة منذ عدة أيام. وقال زيلينسكي في مقطع فيديو نشر على «فيسبوك»، وتم تصويره في شارع مقفر ليلاً، إن «مفاوضات حول السلام والأمن في أوكرانيا هي الفرصة الوحيدة لروسيا لتقليل الضرر الناجم عن أخطائها». وأضاف: «حان الوقت للالتقاء. حان وقت المناقشة. حان وقت استعادة وحدة الأراضي والعدالة لأوكرانيا»، محذراً من أنه «بخلاف ذلك فإن الخسائر التي ستتكبدها روسيا ستصل إلى حد يتطلب عدة أجيال لتتعافى منها».
وعرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مجدداً، لقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن موسكو رفضت حتى الآن هذه الفكرة. وقال زيلينسكي «لقد حان الوقت للتحدث»، وحث روسيا على أن تكون صادقة وجادة في المحادثات من أجل التوصل إلى حل سلمي، وإنهاء الحرب التي بدأتها روسيا ضد جارتها. وتابع زيلينسكي: «محادثات هادفة بشأن السلام والأمن لأوكرانيا، محادثات صادقة بدون تأخيرات، هي الفرصة الوحيدة لروسيا لكي تقلل الضرر الناجم عن أخطائها»، مضيفاً أنه إذا لم تتم إعادة تأكيد سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا فإن روسيا ستتكبد «خسائر كبيرة».
وقال رئيس برلمان أوكرانيا رسلان ستيفانشوك، في منشور على الموقع الإلكتروني للبرلمان، إن سيادة البلاد ووحدة أراضيها واستقلالها هي خطوط حمراء في المحادثات مع روسيا. وأضاف أن المحادثات تمضي في الاتجاه الصحيح.
وحذرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس، من استغلال روسيا لمحادثات السلام مع أوكرانيا كـ«ستار دخان» لصرف الانتباه عن قيام الكرملين بإعادة تجميع قواته لشن هجوم جديد. ونقلت وكالة الأنباء البريطانية «بي إيه ميديا» عن تروس قولها إن الأمر يرجع للرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، فيما يتعلق بتعامله مع محادثات السلام. ولكن في مقابلة مع صحيفة «ذا تايمز»، قالت إنها تخشى أن تكون المفاوضات، التي تردد أنها حققت بعض التقدم - بمثابة «ستار دخان» لإخفاء النيات الحقيقية. وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، لمؤتمر المحافظين الاسكوتلنديين، إنه تعهد بإرسال المزيد من الأسلحة الدفاعية إلى أوكرانيا بعد التحدث مع زيلينسكي يوم الجمعة. وقال إنه «مقتنع أكثر من أي وقت مضى» أن المغامرة العسكرية للرئيس الروسي ستفشل.
ومند بدء الغزو الروسي لأوكرانيا جرت جولات تفاوض عدة حضورياً بين كييف وموسكو، ويباشر وفدا البلدين الجولة الرابعة الاثنين عن بُعد.
وتحدث رئيس الوفد الروسي، مساء الجمعة، عن «تقارب» في المواقف بشأن مسألة وضع محايد لأوكرانيا على غرار وضع السويد والنمسا، وعن تقدم بشأن تجريد البلاد من السلاح، مشيراً في المقابل إلى «اختلافات» حول مسألة «الضمانات الأمنية» التي تطالب بها أوكرانيا. غير أن ميخايلو بودولياك مستشار زيلينسكي والعضو في الوفد الأوكراني قال، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية، إن «تصريحات الجانب الروسي ليست سوى مطالبهم بالأساس». وكتب في تغريدة: «موقفنا لم يتغير: وقف إطلاق نار وانسحاب القوات (الروسية) وضمانات أمنية قوية مع صيَغ ملموسة».
وأشارت روسيا وأوكرانيا إلى حدوث قدر من التقدم الأسبوع الماضي في المحادثات الرامية لإيجاد صيغة سياسية تضمن لأوكرانيا حماية أمنية خارج حلف شمال الأطلسي. لكن أوكرانيا قالت إن وقف إطلاق النار فوراً وانسحاب القوات الروسية لا يزال ضرورياً، ويتهم كل طرف الآخر بالتلكؤ في المحادثات. وتعهد بوتين بمواصلة الغزو إلى حين نجاح أهدافه، ووعد عشرات الآلاف من الجماهير التي أخذت تلوح بالعلم الروسي في ملعب لكرة القدم في موسكو، الجمعة، بأن روسيا «ستنجز كل خططها بالكامل». قال كبير المفاوضين الروس، فلاديمير ميدينسكي، يوم الجمعة، إن روسيا وأوكرانيا اقتربتا من «القضية الرئيسية» المتمثلة في وضع أوكرانيا الحيادي وتخليها عن فكرة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولكن لا تزال هناك بعض النقاط التي يتعين حلها قبل أن يتمكن رئيسا البلدين من عقد اجتماع. ووفق تقديرات كبير المفاوضين الروس، فإن التقدم الذي تم إحرازه في المحادثات بخصوص مسألة نزع السلاح في أوكرانيا يشير إلى أن الطرفين «في نصف طريقهما تقريباً» في هذا الشأن، مشيراً إلى أنه ليس مخولاً بكشف أي تفاصيل محددة للعملية التفاوضية. ولا يزال الجانبان متباعدين بشأن إدارة منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، حيث توجد الجمهوريتان الانفصاليتان المعلنتان من جانب واحد. وعقد الاجتماع الأول للوفدين في 28 فبراير (شباط) في بيلاروس، فيما تجري المفاوضات حالياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس. وأطلع بوتين، المستشار الألماني أولاف شولتس، في مكالمة هاتفية، على آخر المستجدات بشأن المحادثات يوم الجمعة، وشكا من أن «الجانب الأوكراني يؤخر العملية بمقترحات جديدة غير واقعية». وخلال المكالمة، شكا بوتين كذلك من الهجمات الأوكرانية في شرق أوكرانيا، حسبما ذكر الكرملين في بيان له. وذكر الكرملين أنه خلال المكالمة الهاتفية التي جرت بمبادرة من شولتس، قال بوتين إن الجانب الروسي يبذل كافة الجهود لتجنب وقوع إصابات بين صفوف المدنيين. وأدلى بوتين بالتأكيدات نفسها في مكالمة هاتفية يوم الجمعة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ووفقاً لقصر الإليزيه، أعرب ماكرون عن قلقه البالغ إزاء الوضع في ماريوبول، المدينة الساحلية الواقعة في شرق أوكرانيا، التي تحاصرها القوات الروسية، وطالب مرة أخرى بوقف فوري لإطلاق النار. ووفقاً لموسكو، استهدفت قاذفات الصواريخ الأوكرانية مناطق سكنية في مدينتي دونيتسك وماكيفكا، مما أدى إلى «عدد كبير من الخسائر البشرية». وذكر الكرملين في بيان يوم الجمعة، أن العديد من الضحايا سقطوا خلال قصف أحياء سكنية في مدينتي دونتسيك وماكيفكا. وأضاف الكرملين في البيان، كما نقلت عنه «رويترز»: «هذه الجرائم تم تجاهلها في الغرب». وقال زيلينسكي، إن الممرات الإنسانية التي أقيمت في البلاد أتاحت لأكثر من 180 ألف أوكراني الهروب من المعارك، بينهم أكثر من 9 آلاف شخص من ماريوبول.
وتابع: «لكن المحتلين يواصلون منع المساعدات الإنسانية، خصوصاً في محيط المناطق الحساسة. إنه تكتيك معروف جداً (...) إنها جريمة حرب»، مؤكداً أن روسيا «ستحاسب على ذلك، مائة في المائة». ودعا عمدة كييف، فيتالي كليتشكو، الحلفاء الغربيين، لمواصلة إمداد أوكرانيا بالأسلحة في حربها ضد روسيا. وقال الملاكم المحترف السابق، في مقابلة مع صحيفة «كوريير ديلا سيرا»، أمس السبت، «من فضلكم، ادعمونا». وحث الحلفاء الأوروبيين وحلف شمال الأطلسي (ناتو) على إرسال أسلحة أساسية للدفاع عن المجال الجوي فوق كييف. وتابع كليتشكو (50 عاماً): «نحن قادرون على إغلاق مجالنا الجوي بأنفسنا. لكن نحتاج، بالتأكيد، إلى الحصول على الأسلحة المناسبة»، واستبعد الناتو مراراً فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى مواجهة عسكرية بين روسيا والغرب.
وأضاف: «لا تنسوا أننا ندافع عن بلدنا، لكننا في الوقت نفسه، ندافع عن القيم الأساسية للديمقراطية الأوروبية». وتابع، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية، «رسالتي واضحة: من فضلكم أوقفوا أي علاقة اقتصادية مع روسيا، نظراً لأن بوتين يستخدم كل يورو، لتعزيز جيشه، الذي يزحف نحونا».
زيلينسكي يطالب بوتين بـ {محادثات جادة}
الضغط الدبلوماسي يمنح بصيص أمل رغم استمرار الهجمات
زيلينسكي يطالب بوتين بـ {محادثات جادة}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة