أوستن لا يرى حشداً روسياً على حدود «الناتو»

«حيرة» أميركية وأوروبية من رسائل زيلينسكي حول مستقبل أي اتفاق مع بوتين

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يلتقي جنوداً في قاعدة أميركية ببلغاريا (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يلتقي جنوداً في قاعدة أميركية ببلغاريا (أ.ب)
TT

أوستن لا يرى حشداً روسياً على حدود «الناتو»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يلتقي جنوداً في قاعدة أميركية ببلغاريا (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يلتقي جنوداً في قاعدة أميركية ببلغاريا (أ.ب)

شدد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن على أن الغزو الروسي «الغاشم» لأوكرانيا، وحّد دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وأثار رد فعل أوروبياً جماعياً، مضيفاً أنه لا يرى حشداً كبيراً للقوات الروسية على حدود دول الحلف. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده أوستن في العاصمة البلغارية صوفيا، صباح السبت، مع رئيس وزراء بلغاريا كيريل بيتكوف، حيث أكد أن حلف «الناتو» متوافق على ضرورة دعم الشعب الأوكراني في الدفاع عن وطنه. وأضاف أوستن أنه يتوجب على دول «الناتو» التنسيق فيما بينها بشكل دوري من أجل تفادي توسع النزاع، ومواجهة أي مخاطر قد تطالها. وفيما وصف العملية العسكرية الروسية بالغزو الغاشم، وبأنها خلّفت خسائر بشرية ضخمة بين المدنيين، أكد أنه لا يوجد دليل على أن روسيا تحشد قوات كبيرة على حدود حلف «الناتو»، بسبب عدم قدرة قواتها على التقدم نتيجة للمقاومة التي تلقاها من الأوكرانيين.
- لا تقدم روسياً على الأرض
وكان أوستن كان أكد في وقت سابق، أن القوات الروسية لم تحقق أهدافها الموضوعة مسبقاً لعمليتها العسكرية على الأراضي الأوكرانية، لافتاً إلى صمود القوات الأوكرانية في النزاع. كما رأى أن الروس لم يستخدموا بشكل جيد معلوماتهم الاستخباراتية، وعانوا كثيراً من الثغرات. وأكدت تقارير استخبارية بريطانية وأميركية أن الحملة العسكرية الروسية تعاني من تعثرات كبيرة، وأن الجيش الروسي لم يتمكن حتى الآن من السيطرة على أي مدينة أوكرانية كبيرة، مع دخول الحرب أسبوعها الرابع.
من ناحية أخرى، أشار أوستن إلى عدم وجود معلومات محددة عن استقدام روسيا تعزيزات عسكرية جديدة لها، لإعادة تزخيم عمليتها العسكرية المتوقفة، وهو الأمر الذي أشار إليه مسؤول دفاعي كبير في البنتاغون، أول من أمس، قائلاً إن تحريك مثل هذه القوات من مناطق أخرى في روسيا، تنبغي مراقبته، لأنه يقدم صورة مستقبلية عن سير العملية العسكرية الروسية المتعثرة حتى الآن.
وكانت زيارة أوستن لبلغاريا في أعقاب حضوره اجتماع وزراء دفاع حلف «الناتو» في بروكسل، لمحاولة إقناعها مع دول أخرى كانت جزءاً من حلف «وارسو»، بتقديم مساعدات عسكرية ومعدات من الحقبة السوفياتية، على رأسها صواريخ «إس - 300» للدفاع الجوي وطائرات «ميغ» و«سوخوي»، التي يستخدمها الجيش الأوكراني، من أجل دعم قدراته العسكرية في مواجهة روسيا.
من ناحية أخرى، وجه أوستن شكره إلى بلغاريا لاستضافتها نحو 8 آلاف لاجئ أوكراني، فروا من مناطق القتال، فيما أكد رئيس الوزراء البلغاري بيتكوف عزم بلاده مساعدة النازحين، قائلاً إنه تم توجيه مساعداتنا الإنسانية والطبية لهم. واعتبر بيتكوف أن الأزمة مؤشر عمّا قد ينوي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فعله، لذا قررت بلاده تعزيز نظامها الدفاعي، في إشارة إلى مخاوف عدد من دول حلف «الناتو» في دول أوروبا الشرقية من أخطار توسيع روسيا نطاق حربها. ومنذ انطلاق العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير (شباط) الماضي، قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية دفاعية مكثفة مع شركائها وحلفائها، لمساعدة أوكرانيا في مواجهة القوات الروسية. وأعلن الرئيس الأميركي عن حزمة مساعدات مالية وإنسانية غير مسبوقة، كان أبرزها أيضاً موافقة مجلس الشيوخ الأميركي على مساعدات بقيمة 13 مليار دولار.
- حيرة أميركية وأوروبية
وفيما تحدثت تقارير غير مؤكدة عن تكبد القوات الروسية خسائر بشرية عالية، أجبرت الخسائر البشرية العالية في صفوف المدنيين الأوكرانيين، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على التفكير في تقديم تنازلات لروسيا، من أجل إنهاء النزاع، وهو ما يثير قلق القادة الغربيين بشأن طبيعة تلك التنازلات. وبحسب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» فإن العناصر المحددة لأي اتفاق سلام قد تناقشه كييف مع موسكو، لا تزال «لغزاً» يحير القادة الغربيين. وأشارت إلى أن الجولات السرية من الاجتماعات بين المفاوضين الروس والأوكرانيين، قد تحمل مفتاح إنهاء الصراع، لكنها قد تحمل أيضاً تداعيات أوسع نطاقاً على الأمن الأوروبي، اعتماداً على كيفية تسوية خلافاتهما، حيث يخشى الأميركيون والأوروبيون من أنه إذا تمكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من استخدام القوة العسكرية لفرض تغيير سياسي في أوكرانيا، فقد يشجعه ذلك على استخدام التكتيكات نفسها في أماكن أخرى. وتسببت الإشارات المختلطة لزيلينسكي في زيادة منسوب القلق الغربي بشأن مسار المفاوضات. ورغم سعي روسيا إلى إخضاع أوكرانيا من خلال القصف العسكري وتدمير المدن، ظل زيلينسكي متحدياً، قائلاً إن بلاده تريد السلام، ولكن ليس بأي ثمن. وقال: «أنا مستعد للحوار. لكن لسنا مستعدين للاستسلام». وأمس (السبت)، شدد مدير مكتبه أندريه يرماك على أن بلاده لن تتخلى أبداً عن استقلالها وسيادتها من أجل «حل وسط». ووصف أي تسوية لا تلتزم بهذا الشرط بـ«غير المقبولة، بل والمستحيلة». وتعهد زيلينسكي في وقت سابق من هذا الأسبوع، بمواصلة محاربة روسيا طالما كان ذلك ضرورياً. وكرر رسالته بعبارات أقوى يوم الثلاثاء، خلال استقباله رؤساء وزراء بولندا وجمهورية التشيك وسلوفينيا في كييف.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي مطلع على المفاوضات، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله إن «زيلينسكي لم يبدِ اهتماماً كبيراً بالتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض، وقال إن أوكرانيا بحاجة إلى مواصلة القتال حتى يغير بوتين مطالبه». ولكن في الوقت ذاته، فإن إشادة كبير المفاوضين الأوكرانيين ميخائيلو بودولياك، بالتقدم المحرز في المفاوضات مع روسيا، وقوله: «لدينا ثقة في التوصل إلى اتفاق قريباً»، أثارت إشارات متضاربة وارتباكاً لدى الأوروبيين، الذين يرون أن قدرتهم على التحرك محدودة، للتوفيق بين ما تريده روسيا وما قد تجده أوكرانيا مقبولاً، بحسب الصحيفة.
- رسائل مختلطة
ودعت موسكو إلى تجريد أوكرانيا بالكامل من السلاح وإلى اعتراف كييف بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014 كأراضٍ روسية، ومنطقتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين كدولتين مستقلتين. وقال مسؤولون أوكرانيون إن هذه المطالب غير مجدية لكنهم منفتحون على مناقشة مسألة الحياد وعلاقة البلاد بحلف شمال الأطلسي. وقال مسؤول أميركي للصحيفة: «إن الأوكرانيين يريدون القتال». لكن عندما طلب منه التعليق على بعض رسائل أوكرانيا المتفائلة بشأن التوصل إلى اتفاق، قال: «كنا في حيرة من أمرنا بشأن هذا أيضاً. لقد تلقينا رسائل مختلطة». وقال مسؤول ثانٍ في الإدارة الأميركية إن تصريحات أوكرانيا تشير إلى أن زيلينسكي وكبار مساعديه لم يتوصلوا إلى استنتاج قاطع بشأن ما يرغب فيه الشعب الأوكراني. وأضاف مسؤول أوروبي كبير: «إنهم لم يتوصلوا إلى قرار بعد». وتنقل الصحيفة عن مسؤولين مقربين من زيلينسكي قولهم إنه يتعرض لضغوط غير عادية للقبول بالتقدم في المفاوضات مع روسيا، حتى لو كان الواقع أقل تفاؤلاً». ويضيف أن «هناك أشخاصاً في أوكرانيا يقولون: لا نريد أن نسمع عن المحادثات، نريد أن نقاتل حتى النهاية». لكن آخرين يقولون: «على الأقل لنحاول التفاوض». وقالت الصحيفة إنه سيتعين على زيلينسكي إقناع شعبه بأي اتفاق سلام، وهي مهمة صعبة إذا اضطر إلى التنازل أكثر من اللازم». وستتطلب أي صفقة محتملة أيضاً موافقة الغرب، الذي سيحتاج إلى رفع العقوبات عن موسكو مقابل انسحابها من أوكرانيا. ويعارض بعض أعضاء حلف شمال الأطلسي في الجناح الشرقي أيضاً اتفاق سلام يتم فيه التنازل كثيراً للرئيس الروسي، خوفاً من الرسالة التي سيوجهها ذلك بشأن انتهاكات السيادة والقانون الدولي. وأعلن رئيس وفد التفاوض الروسي، فلاديمير ميدينسكي، الجمعة، أنه لمس «تقارباً» في المواقف بشأن مسألة وضع أوكرانيا المحايد وإحراز تقدم بشأن مسألة نزع سلاحها.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن ميدينسكي أن «مسألة وضع أوكرانيا المحايد وعدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي إحدى النقاط الرئيسية في المفاوضات، والنقطة التي شهدت أكبر تقارب في مواقف الطرفين». لكنه أشار إلى وجود «اختلافات» حول «الضمانات الأمنية» التي تطالب بها أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

العالم نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

عبر جعل التهديد النووي عادياً، وإعلانه اعتزامه تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، نجح بوتين في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

قال موقع «بولتيكو» إن كبار المسؤولين الأوروبيين المجتمعين في هاليفاكس للأمن الدولي قلقون بشأن الأشخاص في الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا خبراء أوكرانيون يتفقدون الأضرار في موقع الهجوم الصاروخي الذي ضرب وسط خاركيف شمال شرقي أوكرانيا في 25 نوفمبر 2024 وسط الغزو الروسي للبلاد (إ.ب.أ) play-circle 01:26

روسيا تعلن إسقاط 8 «صواريخ باليستية» أطلقتها أوكرانيا

قالت موسكو إن دفاعاتها الجوية أسقطت 8 صواريخ باليستية أطلقتها أوكرانيا وسط تصاعد التوتر مع استخدام كييف صواريخ بعيدة المدى زودها بها الغرب ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا مدنيون أوكرانيون يرتدون زياً عسكرياً خلال تدريبات عسكرية نظمها الجيش الأوكراني في كييف (أ.ف.ب)

القوات الروسية تعتقل رجلاً بريطانياً يقاتل مع أوكرانيا في كورسك

قال مصدر أمني لوكالة الإعلام الروسية إن القوات الروسية ألقت القبض على بريطاني يقاتل مع الجيش الأوكراني في منطقة كورسك.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المرشح لمنصب الرئيس كالين جورجيسكو يتحدّث لوسائل الإعلام في بوخارست (أ.ب)

مرشح مُوالٍ لروسيا يتصدّر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أثار مرشح مؤيّد لروسيا مفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية برومانيا، بحصوله على نتيجة متقاربة مع تلك التي حقّقها رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

قال الكرملين، اليوم الأحد، إن روسيا يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته الإدارة الأميركية، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

وأضاف الكرملين في بيان، أن الولايات المتحدة تتخذ «خطوات متهورة» بشكل مزداد، مما يثير توترات بشأن الصراع في أوكرانيا.

ولوح الكرملين بأن «العقيدة النووية المحدثة لروسيا بمثابة إشارة إلى الغرب».

وفي وقت لاحق اليوم، حذّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف الولايات المتحدة من أن روسيا ستزود أعداء أميركا بتقنيات نووية إذا أقدمت واشنطن على تزويد كييف بأسلحة نووية. ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء عن مدفيديف قوله «صاروخ أوريشنيك قادر على إلحاق أضرار بالغة بالعواصم الغربية خلال دقائق، ومن الأفضل لأوروبا التوقف عن الدعم العسكري لأوكرانيا».

وخففت روسيا الأسبوع الماضي، من القيود المفروضة على العقيدة النووية، ليصبح من الممكن اعتبار أي هجوم تقليدي بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية، هجوماً مشتركاً على روسيا.

وتعقيباً على ذلك، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة لا ترى «أيّ سبب» لتعديل عقيدتها النووية.

وقالت كارين جان - بيار: «إنه الخطاب غير المسؤول نفسه الذي نسمعه من جانب روسيا منذ عامين»، بعدما زادت موسكو من احتمال لجوئها إلى السلاح النووي.