حقائق حول أعرق عائلة ملكية أوروبية

الأميرة تشارلوت تأخذ مكان عمها الأمير هاري في سلم اعتلاء العرش البريطاني

الأربعة العظام في ولاية العرش: ولي العهد الأمير تشارلز، وابنه الأمير ويليام، والأمير جورج ابن الأمير ويليام، وشقيقته الأميرة تشارلوت (إ.ب.أ)
الأربعة العظام في ولاية العرش: ولي العهد الأمير تشارلز، وابنه الأمير ويليام، والأمير جورج ابن الأمير ويليام، وشقيقته الأميرة تشارلوت (إ.ب.أ)
TT

حقائق حول أعرق عائلة ملكية أوروبية

الأربعة العظام في ولاية العرش: ولي العهد الأمير تشارلز، وابنه الأمير ويليام، والأمير جورج ابن الأمير ويليام، وشقيقته الأميرة تشارلوت (إ.ب.أ)
الأربعة العظام في ولاية العرش: ولي العهد الأمير تشارلز، وابنه الأمير ويليام، والأمير جورج ابن الأمير ويليام، وشقيقته الأميرة تشارلوت (إ.ب.أ)

شوهد أمس الأمير ويليام، وهو يقود سيارة الـ«رينغ روفر» بنفسه، مع عائلته التي أصبحت مكونة من أربعة أشخاص، مع قدوم الأميرة الجديدة. وكان تجلس إلى جانبه زوجته دوقة كمبردج. وفي المقعد الخلفي كان يجلس الأمير جورج والأميرة تشارلوت. اتجهت السيارة إلى مقاطعة نورفولك حيث القصر الصيفي للعائلة. هذا الوضع الجديد، أي قدوم المولودة الملكية، فرض لائحة جديدة لولاية العرش البريطاني.
المولودة الملكية، التي ولدت صباح يوم السبت وأطلق عليها اسم تشارلوت إليزابيث، أزاحت بعض أبناء العائلة المالكة إلى مواقع أخرى في سلم ترتيب ولاية العرش البريطاني. أما هي فجاء ترتيبها الرابع فيه، بعد جدها ولي العهد الأمير تشارلز، وأبيها الأمير ويليام، وشقيقها الأمير الصغير جورج. واحتلت بذلك المركز الذي كان يحتله عمها الأمير هاري الذي أصبح الآن الخامس في الترتيب الجديد.
وفي وقت سابق يوم الاثنين، وهو يوم عطلة عامة في بريطانيا بمناسبة عيد العمال، جرى الاحتفال بمولد الأميرة الجديدة بإطلاق المدفعية الملكية تحية في حديقة هايد بارك في لندن وفي برج لندن إحياء لتقليد بالاحتفال بكل أمير وأميرة بغض النظر عن الترتيب في قائمة خلافة العرش. كما دقت أجراس كنيسة وستمنستر آبي حيث تزوج الأمير ويليام والدوقة كيت في عام 2011.
ولدت الأميرة تشارلوت في مستشفى سانت ماري بغرب لندن، وغادرت المستشفى مساء اليوم نفسه بعد ظهور إعلامي قصير.
الأمير ويليام وزوجته كاثرين دوقة كمبردج اختارا اسما لمولودتهما الجديدة لتكريم الأميرة الراحلة ديانا جدة الطفلة وجدة والدها الملكة إليزابيث. وكان مراقبو العائلة الملكية والمراهنون الذين وضعوا رهاناتهم منذ ولادة الطفلة يوم السبت ينتظرون بشغف هذا الخبر الذي أعلن في بيان الاثنين من مقر إقامة الوالدين في قصر كينسينغتون.
ويوم الثلاثاء، وصلت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية بالسيارة إلى قصر كينسينغتون في لندن لزيارة المولودة، الإضافة الأخيرة إلى شجرة العائلة. كما زار في اليوم السابق الجد الأمير تشارلز وزوجته كاميلا دوقة كورنويل المولودة الجديدة. أما الأمير هاري، عم المولودة، الذي أصبح ترتيبه الخامس في ولاية العرش، فهو حاليا في أستراليا ولم يكن من بين الزائرين، لكنه بعث برسالة قال فيها «هي جميلة بالتأكيد.. لا أطيق الانتظار حتى أراها».

* بعض الحقائق بشأن الخلافة للتاج البريطاني
* تنظم الخلافة على العرش البريطاني ليس فقط من خلال النسب وإنما من خلال مرسوم برلماني. وسلسلة الخلافة هي ترتيب لأفراد الأسرة المالكة لأولوية تولي العرش. أما قواعد الخلافة فتحددت وفقا للتطورات الدستورية التي توجت بقانون الحقوق الصادر عام 1689 والقانون الصادر عام 1701. ووضع البرلمان وفقا لقانون الحقوق وقانون التسوية شروطا متعددة يجب أن تتحقق في من يعتلي العرش.
الكاثوليك تحديدا مستبعدون من الخلافة على العرش، كما لا يسمح للملك أو الملكة بالزواج من أبناء هذه الملة، ويجبر أعضاء الأسرة المالكة الذين يتزوجون من كاثوليك على التخلي عن حقهم في العرش.
كما يجب أن يكون الملك متعاونا مع كنيسة إنجلترا، ويجب أن يقسم على الحفاظ على الكنيسة الأنجليكانية. كما يجب على الملك أن يعد بالحفاظ على الخلافة البروتستانتية. وتقرر الملكة أيا من أفراد أسرتها يحظى بالعضوية في العائلة المالكة، كما تقر من وقت لآخر تسلسل الخلافة. أبناء وأحفاد وأبناء أحفاد العاهل وكذلك أزواجهم أعضاء في الأسرة المالكة. ومن الممكن أيضا ضم أبناء الأعمام وأبناء الأخوال من الدرجة الأولى. ويضم الأطفال ببلوغهم سنا معينة أو بإنهائهم لتعليمهم.
لكن هذه الأمور تغيرت بتشريع برلماني خلال الدورة المنتهية، يسمح بالزواج من الكاثوليك، وكذلك يعطي الإناث نفس حقوق اعتلاء العرش التي يتمتع بها الذكور.
وكان مجلس العموم البريطاني قد مهد الطريق أمام قوانين جديدة لولاية العرش تسمح لأول مولودة أنثى بتولي عرش بريطانيا. وحصل مشروع قانون ولاية العرش، الذي يسمح أيضا بأن يتزوج ولي العهد من كاثوليكية، على الموافقة في قراءة ثالثة، وسيحال إلى مجلس اللوردات للخضوع لمزيد من التدقيق.
وكانت التغييرات، وقتها، تعني أنه إذا كان الطفل الأول لدوق ودوقة كمبردج فتاة فإنها يمكن أن تصبح ملكة حتى إذا كان لها أشقاء أصغر. وعلق حينها توم بريك، عضو مجلس العموم «أثر التغيير المقترح هو أنه إذا كان دوق ودوقة كمبردج سينجبان ابنة ثم ابنا فستسبق الابنة الابن في ترتيب الولاية. أنا فخور بأن هذا المشروع سيزيل وجهين من أوجه التمييز موجودين منذ وقت طويل، وسيعمل على تحديث وتأكيد موقع ملكيتنا الدستورية».
وبموجب القواعد الحالية فلن يتولى الأمير تشارلز العرش إلا بعد وفاة والدته الملكة إليزابيث الثانية.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)