بوتين يشدد على ضم القرم... والكرملين يرفض قرار محكمة العدل

موسكو لا ترى فرصاً لـ«اتفاق سريع»

بوتين يشدد على ضم القرم... والكرملين يرفض قرار محكمة العدل
TT

بوتين يشدد على ضم القرم... والكرملين يرفض قرار محكمة العدل

بوتين يشدد على ضم القرم... والكرملين يرفض قرار محكمة العدل

تمسك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، بخطوات بلاده حيال أوكرانيا، وقال إن الأحداث الأخيرة أثبتت صواب القرار الذي اتخذته موسكو في عام 2014 حول ضم شبه جزيرة القرم. ومع تواصل المفاوضات الروسية الأوكرانية، بالتوازي مع استمرار العمليات العسكرية على الأراضي، اتجهت الأنظار مجدداً إلى احتمال عقد لقاء على المستوى الرئاسي يجمع بوتين مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأعلنت أنقرة استعدادها لاستضافة هذا اللقاء، لكن الكرملين لم يبد حماسة تجاه العرض وقلل من فرص التوصل إلى اتفاق سريع يتيح تنظيم لقاء قمة. في غضون ذلك، دعت أبوظبي إلى تسريع وتيرة الجهود لتخفيف المعاناة الإنسانية، وأعربت عن استعداد للإسهام في تخفيف التوتر وإطلاق آليات للتوصل إلى حل وسط ينهي الحرب.
وكان بوتين يتحدث، أمس في اجتماع مخصص لمعالجة مشكلات شبه جزيرة القرم على صعيدي البنى التحتية والوضع الاقتصادي المعيشي. وشدد على التمسك بمواقفه السابقة، وقال إن ثماني سنوات مرت منذ «عودة شبه جزيرة القرم إلى حضن روسيا أكدت صواب هذا القرار».
وقال لمسؤولي الإقليم المشاركين في الاجتماع: «نلتقي معكم قبيل ذكرى إعادة انضمام القرم إلى روسيا، ونتذكر جميعاً الشجاعة التي أظهرها سكان القرم وسيفاستوبول في ذلك الحين عندما شكلوا جداراً في طريق النازيين الجدد والراديكاليين الذين دبروا انقلاباً سلطوياً في كييف».
وشدد الرئيس الروسي على أن سكان القرم في تلك الفترة «توحدوا وانتصروا».
وزاد أن السنوات الأخيرة «أكدت أن هذا القرار كان صائباً. يكفي النظر إلى ما يجري حالياً في دونباس ويصبح كل شيء جلياً». وأقر بوتين بأن العقوبات غير المسبوقة التي فرضت على روسيا رداً على العملية العسكرية في أوكرانيا «سببت الكثير من المشاكل»، مشيراً إلى أنها في الوقت نفسه «توفر فرصاً جديدة كثيرة». وأوضح أنه «في هذه الظروف يمكن للشركات الروسية الكبرى، ومنها المصارف التي امتنعت حتى الآن عن ممارسة أنشطتها في القرم بغية تفادي العقوبات الغربية، أن تبدأ عملها، لم يعد هناك أي شيء للخوف منه».
إلى ذلك، أعلن الكرملين أن بوتين ناقش في مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، مستجدات الوضع في أوكرانيا. وأفاد في بيان بأن الطرفين تطرقا إلى «النواحي المختلفة لتطورات الوضع حول العملية العسكرية الروسية، وأطلع الرئيس الروسي إردوغان على سير المحادثات بين المفاوضين الروس والأوكرانيين». وكرر إردوغان خلال المكالمة استعداده لترتيب لقاء مباشر لرئيسي روسيا وأوكرانيا في أنقرة أو إسطنبول.
في الوقت ذاته، رجح وزير الخارجية الأوكراني، دميتري كوليبا، إمكانية عقد جولة جديدة من المحادثات مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف على الأراضي التركية.
وأكد كوليبا، أنه ناقش مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، أمس، إمكانية إجراء اتصالات جديدة بينه ولافروف، وزاد تشاووش أوغلو أوكرانيا أمس، بعد محادثات أجراها أول من أمس في موسكو مع لافروف، حيث أكد سعي أنقرة إلى الإسهام قدر الإمكان في وضع حد للأعمال القتالية في أوكرانيا.
وبدا أن كييف ترحب بتوسيع الدور التركي للوساطة خلافاً لموقف موسكو التي أكدت أنها «ترحب بكل جهود الوسطاء» لكنها لم تبد في الوقت ذاته حماسة للتجاوب مع العرض الذي قدمته أنقرة. وفي المقابل، أعرب ميخائيل بودولياك مستشار الرئاسة الأوكرانية، عن ثقة في إمكانية عقد اجتماع بين الرئيس الروسي ونظيره الأوكراني خلال الأسابيع المقبلة.
منطلقا من أن «تنسيق معاهدة سلام بين روسيا وأوكرانيا قد يستغرق مدة تتراوح بين عدة أيام وأسبوع ونصف الأسبوع»، حمل الموقف الروسي تحفظاً واضحاً حيال احتمال تحديد مواعيد نهائية لعقد قمة أو للتوصل إلى اتفاقات مع أوكرانيا. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن أي ترتيب لقاء على المستوى الرئاسي يجب أن يسبقه التوصل إلى اتفاقات كاملة لأن «الرئيسين يذهبان لتوقيع الاتفاق وليس لعقد مناقشات»، واستبعد احتمال أن تكون روسيا وأوكرانيا اقتربتا من توقيع اتفاق، مشيراً إلى أن «العمل على ذلك لا يزال جارياً».
في الوقت ذاته، أعلن بيسكوف، رفض بلاده قرار محكمة العدل الدولية التي دعت أول من أمس روسيا إلى وقف الحرب في أوكرانيا. وقال الناطق الرئاسي إن روسيا «لا يمكنها أن تتفق مع هذا القرار ولن تأخذه بعين الاعتبار في العملية العسكرية». وأوضح أن «لدى المحكمة الدولية مفهوم مثل موافقة الأطراف. لا يمكن أن يكون هناك اتفاق هنا. في هذه الحالة، هذا تطور لا يمكننا أخذه في الاعتبار».
ميدانياً، تواصلت أمس، عمليات القصف المركز على عدد من المناطق داخل المدن الأوكرانية المحاصرة، وفي محيطها. ومع عدم تسجيل تقدم للقوات الروسية في كييف وخاركيف وماريوبول لكن مواجهات متقطعة وقعت في محيط المدن الثلاث. وأفاد الناطق باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشينكوف، بأن القوات الروسية واصلت التقدم في المناطق المحيطة بدونيتسك ولوغانسك وخلال الساعات الـ24 الماضية تقدمت نحو 10 كيلومترات واستولت على بلدتي نوفومايورسكوي وبريتشيستوفكا.
وزاد أن الهجمات الجوية على المواقع العسكرية الأوكرانية تواصلت خلال اليوم الأخير، مشيراً إلى أن الطيران العسكري الروسي قصف 29 هدفاً عسكرياً أوكرانياً بينها ستة مستودعات ذخيرة و14 موقعاً لتخزين المعدات العسكرية.
في الأثناء، أفادت المجموعات المسلحة التابعة لـ«انفصاليي دونيتسك» بأن ثلاثة مدربين من الولايات المتحدة لقوا مصرعهم خلال اشتباكات حول بلدة مارينكا.
وأشارت إلى أنه خلال القتال، تم تدمير معقل الكتيبة الآلية الأولى من اللواء 54 من القوات المسلحة الأوكرانية. وخلال عملية التفتيش، تم العثور على عينات من أسلحة أجنبية، وكذلك «متعلقات شخصية لمدربين أميركيين شاركوا في الأعمال العدائية إلى جانب القوات القومية الأوكرانية».
ونشرت القوات الانفصالية أسماء المدربين الثلاثة الذين زعمت أنهم لقوا حتفهم. ووفقاً لها فإن القتلى هم النقيب مايكل هوكر والملازم لوجان شروم والملازم كروز توبلين، وزادت أنهم شاركوا في أعمال تدريبية في أوكرانيا منذ عام 2018، لكن لم يصدر أي تأكيد لهذه المعطيات من جانب وزارة الدفاع الروسية أو من جانب مصادر أخرى في أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

الغرب يعاقب بيونغ يانغ لدعمها موسكو في حرب أوكرانيا

الولايات المتحدة​ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في بيونغ يانغ في 19 يونيو الماضي (أ.ب)

الغرب يعاقب بيونغ يانغ لدعمها موسكو في حرب أوكرانيا

استهدفت واشنطن وعواصم غربية النشاطات المالية لكل من كوريا الشمالية وروسيا بعقوبات جديدة هدفهما تعطيل تعاونهما العسكري ودعم بيونغ يانغ لحرب روسيا في أوكرانيا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ازدياد القلق من أيّ دعم سياسي أو عسكري أو اقتصادي قد تقدّمه روسيا لبرنامج التسلّح غير القانوني لكوريا الشمالية (إ.ب.أ)

أميركا ودول أوروبية تندد بتوطيد العلاقات العسكرية بين موسكو وبيونغ يانغ

حذّرت الولايات المتحدة وحلفاؤها من أن الدعم «المباشر» الذي تقدّمه كوريا الشمالية لروسيا في أوكرانيا يشكّل «توسّعاً خطراً» للنزاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث خلال اجتماع موسع لمجلس وزارة الدفاع في موسكو الاثنين (أ.ب)

بوتين يحدد أولويات بلاده... مواصلة الحسم العسكري وتعزيز التحالفات في مواجهة أميركا

أوجز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، مجريات العام الحالي على خطوط المواجهة في أوكرانيا وعدّه «عاماً تاريخياً».

رائد جبر (موسكو)
أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.