طبيعة الحرب وخصائصها... أوكرانيا نموذجاً

طبيعة الحرب وخصائصها... أوكرانيا نموذجاً
TT

طبيعة الحرب وخصائصها... أوكرانيا نموذجاً

طبيعة الحرب وخصائصها... أوكرانيا نموذجاً

لم تتغير طبيعة الحرب منذ الأزل. فهي تخاض لأهداف سياسية. من هنا كان قول كلوزفيتز إن الحرب هي السياسة بوسائل أخرى. المتغير الوحيد هو في خصائص الحرب، السياسية والاجتماعية والاقتصادية. الأمر الذي يأخذنا إلى نظرية «الدائرة والسهم». تقول الدائرة إن كل شيء في الحياة يتكرر، ضمناً الحرب. أما السهم، فهو الوقت والتحولات، وهو الذي يعطي الحرب الخصائص المذكورة أعلاه.
تتكون خصائص الحرب عادةً من نتاج الابتكارات الإنسانية، مثل التكنولوجيا وصناعة الثروة، كما الأفكار الاستراتيجية والجيوسياسية، التي ينتجها عصر معين. على سبيل المثال، اعتمدت أميركا استراتيجية الاحتواء للاتحاد السوفياتي بناء على نظريات عدة منها: نظرية الهارتلاند لهالفورد ماكندر، أو نظرية سبايكمان حول الريملاند، أو حتى نظرية جورج كينان.
لكل حرب منظومة أسلحة تتفوق فيها دولة ما على غيرها من الدول. لكن عادة لا تكفي منظومة السلاح لتحقيق الأهداف. لذلك وحسب الكاتب ستيفن بيدل، المهم هو في «الكيف» وليس الـ«الكم». أي كيف تستعمل هذه الأسلحة؟ من ضمن أي عقيدة عسكرية؟ ولأي أهداف سياسية قابلة للتحقيق؟ وفي أي ظروف محلية وإقليمية ودولية؟
غزا شعب الفايكينغ محيطه حتى وصل إلى أوكرانيا الحالية. حتى أن أصل كلمة روسيا هو من بلاد الفايكينغ، التي تعني «الرجل الذي يجدف». اعتمد الفايكينغ على المركب وسيلة للانتقال. وعلى بوصلة الشمس للإبحار، وعلى السمك المقدد لوجيستيا.
بعد الحرب العالمية الأولى وحرب الخنادق. اعتقد الفرنسيون أن الحرب المقبلة ستكون على شاكلة حرب الخنادق، أي دفاعية بامتياز. فبنوا «خط ماجينو» الدفاعي.
أتت المفاجأة الاستراتيجية عندما تجاوز الألمان «خط ماجينو» عبر المناورة، باعتماد مبدأ الحرب الخاطفة (Blitzkrieg) ارتكزت منظومة الأسلحة الألمانية على مثلث: الدبابة للخرق والصدم، الطائرة لفتح الطريق من الجو، واللاسلكي الذي أعطى الليونة وحرية المناورة.
أين أوكرانيا من مبدأ منظومة السلاح؟
في البدء كانت الحرب. أرادها الرئيس فلاديمير بوتين سريعة خاطفة. خاضها بعقلية الماضي، التي تقول بتفوق روسيا التاريخي على أوكرانيا بكل الأبعاد.
تمنع الجيش الأوكراني عن القتال التقليدي وتراجع إلى المدن وهي كثيرة.
تعثر الجيش الروسي لعدة أسباب، بينها: عدم الليونة والقدرة على التأقلم مع المتغيرات العسكرية المفاجئة التي ظهرت على ساحة المعركة، وتركيبة الوحدات الروسية المقاتلة والتي تكثر فيها الآليات والقوة النارية على حساب عديد العسكر المشاة المقاتل. وبذلك تظهر المشكلة اللوجيستية، كما مشكلة حماية القوى أثناء الانتقال بسبب النقص في العديد. الأمر الذي سهل عمل القوات الأوكرانية التي كمنت حيث يمكنها لتأخير التقدم الروسي.
كيف يمكن قراءة المؤشرات التي تعكس منظومة السلاح الأوكرانية؟
الجواب بسيط جدا. يكفي أن ننظر إلى نوعية المساعدات الغربية والأميركية للجيش الأوكراني. أو ما هو الممكن والمسموح، وما هو المتعذر:
• لا طائرات نفاثة حتى الآن، ولا مناطق حظر جوي.
• سلاح مضاد للدروع متقدم جدا (صواريخ جافلين).
• سلاح مضاد للطيران خاصة ضد الطوافات والطائرات الحربية التي تحلق على علو منخفض (ستينغر).
• الشيء الجديد في المساعدات الأميركية الأخيرة هي المسيرات الانتحارية التكتيكية (Switchblade).
في التحليل:
• بعد أكثر من أسبوعين من الحرب، والتعثر الروسي، تشكلت منظومة السلاح الأوكرانية الناجحة (مضاد للدروع+مضاد للطائرات+مسيرات). وعادة لا يتم التغيير إذا كانت المنظومة ناجحة. قد يتم التعديل والتأقلم لكن حسب أرض المعركة.
• ستبقى الحرب حول المدن، بين الهجمات الروسية والهجمات العكسية الأوكرانية، السلوك المعتمد حتى تكتمل التحضيرات الروسية للهجوم الأخير، وهذا أمر غير محتمل قريباً.
• وإذا حصل الأمر، فقد يتبع الجيش الروسي سياسة «الأرض المحروقة» للتعويض بالعتاد والعديد.
في الختام، تقول نظرية «الدائرة والسهم»، إن هناك حروباً لا يمكن الانتصار فيها أو حتى قياس النجاح. فمن يريد كل شيء، قد لا يحصل على شيء خاصةً إذا كان قد حضر وسائله بما توفر.
المعادلة الفاشلة: كل شيء (Maximalist) كأهداف، مع (Minimal) تحضير.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، بينما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.