حوافز أميركية تحت مسمى «مكافآت من أجل العدالة» للإبلاغ عن الإرهابيين

واشنطن ترصد 20 مليون دولار مقابل تبادل استخبارات حول أربعة قيادات «داعشية»

حوافز أميركية تحت مسمى «مكافآت من أجل العدالة» للإبلاغ عن الإرهابيين
TT

حوافز أميركية تحت مسمى «مكافآت من أجل العدالة» للإبلاغ عن الإرهابيين

حوافز أميركية تحت مسمى «مكافآت من أجل العدالة» للإبلاغ عن الإرهابيين

سارعت واشنطن على إعلان مجموعة من المكافآت تبلغ قيمتها 20 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات استخباراتية عن أربعة قيادات بارزة في تنظيم "داعش" المتطرف، وذلك بعدما أعلن التنظيم الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم الأخير على مدينة دالاس بولاية تكساس. وهذه المرة الأولى التي يزعم فيها التنظيم مسؤوليته عن هجوم في الولايات المتحدة.
وتأتي هذه المكافآت المعلن عنها في إطار برنامج "مكافآت من أجل العدالة" التابع لوزارة الخارجية الأميركية. حيث يعرض هذا البرنامج مكافآت قد تصل قيمتها إلى 25 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي إلى تقديم المسؤولين عن هذه الهجمات إلى العدالة.
وبموجب هذا البرنامج، يحق لوزير الخارجية الأميركي أن يخصص مكافآت مقابل معلومات تؤدي إلى إلقاء القبض، أو إدانة كل من يخطط للقيام بأعمال إرهابية دولية أو يقوم بها، أو يحاول القيام بتلك الأعمال ضد أشخاص أميركيين أو ممتلكات أميركية.
ومن بين الأربعة المطلوبين حاليا طارق الحرزي الذي وصف بأنه المسؤول عن الانتحاريين في التنظيم، وأبو محمد العدناني الذي قيل إنه متحدث باسم "داعش".
وشملت المكافآت سبعة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن عبد الرحمن مصطفى القادولي؛ الذي وُصف بأنه مسؤول بارز في التنظيم.
وكان القادولي منتميا لفرع تنظيم "القاعدة" في العراق قبل انضمامه إلى "داعش".
ورصدت المكافآت أيضا خمسة ملايين دولار لمن يدلي عن ترخان تيمورازوفيتش باترشفيلي، الذي عُرِّف بأنه قائد ميداني في "داعش".
وكانت واشنطن قد أعلنت في وقت سابق عن مكافأة قيمتها عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.
وبعد أكثر من ثلاثة عقود على إطلاقه، لا يزال برنامج "المكافآت من أجل العدالة" أحد أهم الأدوات التي تستخدمها حكومة الولايات المتحدة في معركتها ضد الإرهاب الدولي.
ويذكر أن أميركا قامت منذ إطلاق البرنامج عام 1984، بدفع مبالغ تزيد قيمتها على 125 مليون دولار؛ وذلك لأكثر من 80 شخصا ممن قدموا معلومات كافية لاتخاذ إجراءات قانونية أدت إلى وضع إرهابيين في السجن أو أدت إلى منع أعمال إرهاب دولي في شتى أرجاء العالم.
ولعب البرنامج دورا كبيرا في اعتقال الإرهابي الدولي المدعو رمزي يوسف، الذي صدر الحكم بإدانته في حادث تفجير مبنى مركز التجارة العالمي (وورلد تريد سنتر) في سنة 1993.
ومع أن القانون الذي يحكم برنامج "المكافآت من أجل العدالة" يستهدف الإرهاب الموجه ضد المواطنين الأميركيين، إلا أن الولايات المتحدة تشارك في المعلومات مع دول أخرى يتعرض مواطنوها للخطر.
وقد ساعد البرنامج على تقديم معلومات ساهمت في منع هجمات إرهابية وحلّ قضايا مهمة.
وأدت معلومات قدمها مصدر إلى الاستدلال على موقع وجود عدي وقصي ابني الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. ونتج عن ذلك مقتلهما.
ومن قصص نجاح البرنامج الأخرى الوصول إلى إدغار نافار قائد الطابور المتحرك تيوفيلو فوريرو في حركة القوات المسلحة الثورية لكولومبيا؛ التي تبنت مسؤولية خطف ثلاثة رهائن أميركيين عندما سقطت طائرتهم في أدغال كولومبيا. وكجزء من عملية الخطف، قامت حركة القوات المسلحة الثورية لكولومبيا ومن معها بقتل اثنين آخرين من ركاب الطائرة. وفي 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2003، قُتل إدغار غوستافو نافارو (المعروف أيضا باسم إل موتشو)، في اشتباك بالأسلحة النارية مع الجيش الكولومبي. وأصبحت عملية قتل نافارو ممكنة نتيجة لمعلومات قدمها ثلاثة من المصادر، حفزهم على ذلك احتمال استلام مكافأة. وقادت المصادر الجنود الكولومبيين إلى معسكر الطابور المتحرك تيوفيلو فوريرو حيث جرت المواجهة.
وفي ابريل (نيسان) 2004، تلقى كل واحد من مصادر المعلومات مبلغ 300,000 دولار مقابل مساعدتهم في توفير معلومات أدت إلى قتل نافارو.
وتتركز أهمية البرنامج حاليا في عملية الانتقال السياسي في أفغانستان والحد من أعمال حركة طالبان المتطرفة هناك، بحسب بيان نشر على الموقع الالكتروني لوزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون".
وتشمل قائمة المكآفات المعروضة على موقع البرنامج الالكتروني مطلوبين متطرفين وعلى رأسهم زعيم "القاعدة" أيمن الظواهري، وتبلغ مكافأة الإخبار عنه 25 مليون دولار؛ وهي الأعلى على القائمة.
وحسب الموقع، فإن الإفادة بمعلومات عن الملا محمد عمر زعيم حركة طالبان، وياسين السوري أحد كبار مسؤولي تنظيم "القاعدة" المقيم في إيران، تصل إلى 10 ملايين دولار. أما زعيم "بوكو حرام" أبو بكر شيكاو فيتلقى من يخبر عنه مكافأة قد تصل إلى 7 ملايين دولار.
يذكر ان واشنطن تعرض مكافآت تصل إلى 3 ملايين دولار لمن يزود وزارة دفاع البلاد بمعلومات عن كل من سهير ديمير سين وزيرين ساريو وهما زعيمتان رئيستان لحزب "جبهة تحرير الشعب الثورية" بتركيا، استهدفتا مصالح الولايات المتحدة وأفرادا في الجيش الأميركي ومنشآت دبلوماسية منذ إنشائها في عام 1994.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.