سنوات السينما

وليام هَرْت في فيلم أوسكاره «قبلة المرأة العنكبوت»
وليام هَرْت في فيلم أوسكاره «قبلة المرأة العنكبوت»
TT

سنوات السينما

وليام هَرْت في فيلم أوسكاره «قبلة المرأة العنكبوت»
وليام هَرْت في فيلم أوسكاره «قبلة المرأة العنكبوت»

‫ويليام هَرْت ‬‬
(1950 - 2022)
محطّات ممثل مختلف

> وفاة ويليام هَرْت (William Hurt) في الأسبوع الماضي تنهي أربعة عقود من العمل في السينما سبقتها بضع سنوات من التمثيل فوق الخشبة المسرحية في نيويورك. موهبة رصينة لا تتكرر كثيراً وممثل يستطيع أن يخلق حالة تعاطف واهتمام بمجرد ظهوره. في 74 فيلماً قام بتمثيلها لم يخفق في ممارسة منتهى الالتزام بالحرفة، معتبراً أنّ الفن يأتي قبل عناصر مصاحبة مثل الشهرة والمال والرغبة في الوصول إلى أعلى القمم، كما ذكر في حديثه على أعتاب ظهوره سنة 2007 في فيلم شون بن Into the Wild
بعد بدايته المسرحية سنة 1977 (التي استمرّت شبه متواصلة حتى نهاية الثمانينات) ظهر هَرْت في أول أفلامه «حالات متبدّلة» الذي حققه البريطاني كين راسيل في الولايات المتحدة بعد إنجازات فنية رائعة في أفلام مثل «امرأة عاشقة» (1969) و«عشاق الموسيقى» (1971) و«مولر» (1974). تلك الأفلام أثارت حينها ردّات فعل إيجابية (في معظمها) كونها جريئة وتنضح بمخرج مندفع نحو التميّز متمتعاً بقدرات أكيدة.
«حالات متبدلة» أحدث ضجّة حينها لكن لأسباب أخرى. اعتذر عنه المخرج آرثر بن (لا علاقة مع شون بن) وقبل به راسل وأودع بطولته ويليام هَرْت، في دور طبيب نفسي شاب تصاحبه عقد من ذات نوع تخصصه تقوده إلى تجارب خطرة في مختبره حسبما ورد في رواية بدي تشايفسكي (المُستلهمة بدورها من دراسات وضعها جون س. ليلي. لكن تشايفسكي لم يكن معجباً بالفيلم، فسحب اسمه، مما عرّض الفيلم لأزمة لأنّ قانون «نقابة الكتّاب الأميركية» لا يمكن أن يسمح لفيلم بالظهور من دون ذكر اسم كاتبه لذلك استخدم اسم تشايفسكي الأصلي (سدني آرون) عوضاً.
هذا الفيلم كان منطلقاً للممثل هَرْت الذي تبعه على الفور بعدّة أعمال جيدة وبظهور مميّز على طول الخط. دلف بعد عام إلى فيلم «شاهد عيان» (للأسترالي بيتر وير) وفي 1981 أيضاً، قاد بطولة فيلم لورانس كاسدان «حرارة جسد» مع (المتوارية) كاثلين تيرنر. ما إن انتهى منه حتى عرض عليه المخرج كاسدان بطولة «القشعريرة الكبيرة» (The Big Chill) أمام غلين كلوز. بعده، «غوركي باركس» كان بانتظاره. أخرجه مايكل أبتد عن جرائم قتل تقع في موسكو. هذا كله قبل ولوج الممثل إلى «قبلة المرأة العنكبوت» للراحل هكتور بابنكو. عن هذا الفيلم نال هَرْت أوسكاره الوحيد ولو أنّه ترشّح مرتين بعد ذلك. الأولى عن «برودكاست نيوز» لجيمس بروكس (1988)، والثانية كأفضل ممثل مساند عن فيلم ديفيد كروننبيرغ «تاريخ العنف» (2205).
> أسلوب:
بقي ويليام هَرْت مطلب الباحثين عن ممثل يعكس شخصية مثقّفة بصرف النظر عما تقوم به. أسلوب هَرْت في تناول شخصياته العديدة التي قام بها هي البقاء لغزياً ومثار تعجب في الوقت ذاته. في «الراعي الصالح» (الذي أخرجه روبرت دينيرو سنة 2006)، يبقى هَرْت نموذجاً لهذا الأسلوب المتخفي تحت ثياب الاعتيادية. في فيلمه الأخير «ابنة الملك» (شون مكنمارا، 2022) ما زال من الممكن التعرّف على ممثل صاف ومخلص للشخصية كما لنفسه. بمقارنته مع الأسلوب الذي يتبناه شريكه في البطولة بيروسنان، هو الهادئ الذي يوصل المطلوب منه بسهولة مقابل بروسنان الذي عليه أن يترجمه لحركة.


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
TT

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).