تركيا تبعد «إخوانياً» مصرياً خالف «تعليمات وقف التحريض»

يحمل جنسيتها... ومدرج على قوائم الإرهاب في بلاده

ياسر العمدة (وسائل إعلام مصرية)
ياسر العمدة (وسائل إعلام مصرية)
TT

تركيا تبعد «إخوانياً» مصرياً خالف «تعليمات وقف التحريض»

ياسر العمدة (وسائل إعلام مصرية)
ياسر العمدة (وسائل إعلام مصرية)

أبعدت تركيا مؤيداً لجماعة «الإخوان المسلمين» مدرجاً في مصر على قوائم الإرهاب يدعى ياسر العمدة، بسبب مخالفته تعليمات التوقف عن التحريض على الدولة المصرية ومؤسساتها عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ويحمل العمدة الجنسية التركية التي حصل عليها في وقت سابق، بعد صدور حكم بإدانته في مصر في قضية تنظيم «طلائع الحسم» الإرهابي. وأكد مغادرته إسطنبول إلى وجهة لم يحددها، بناء على طلب من السلطات أرجعه إلى «ضغوط مصرية»، على خلفية تحريضه على أعمال عنف ضد مؤسسات الدولة.
وعزا العمدة، في بث عبر صفحة «حركة الغلابة» التي يديرها عبر منصة «فيسبوك»، اختفاءه خلال الفترة الماضية إلى تلقيه «تحذيراً من رئاسة الجمهورية التركية» بوقف الظهور على مواقع التواصل والتحريض ضد الحكومة المصرية ومؤسسات الدولة، مشيراً إلى أنه رفض تحذيراً سابقاً من الرئاسة التركية في أكتوبر (تشرين الأول) 2020.
وحاول العمدة، لاحقاً، تصوير أمر خروجه من تركيا على أنه «قرار شخصي» وأن خروجه كان طوعياً، نافياً أن تكون الحكومة التركية طلبت منه مغادرة البلاد. وزعم أن قراره كان بهدف رفع الحرج عن تركيا التي يحمل جنسيتها. وكتب عبر صفحته على «فيسبوك»: «أنا لا إخواني ولا تركيا طردتني... أنا مصرى مستقل معارض... تركيا لم تطردنى لأن حكومتها لا تستطيع طرد مواطن تركي (في إشارة إلى حصوله على الجنسية التركية ضمن مئات من عناصر «الإخوان» والداعمين لهم الذين منحتهم تركيا جنسيتها)... أنا اخترت السفر من أجل إكمال رسالتي ورفع الحرج عن تركيا».
وكانت محكمة جنايات القاهرة أدرجت ياسر العمدة، ضمن 187 متهماً، على قوائم الإرهاب لإدانتهم في القضية المعروفة بـ«طلائع حسم»، وهو تنظيم مسلح تابع لـ«الإخوان» ارتكب عمليات عنف. ودعا العمدة عبر قنوات «الإخوان» في تركيا، إلى التظاهر والهجوم على قوات الجيش والشرطة بقنابل سماها «المبروكة»، وهي عبارة عن قنبلة مكونة من الأسمنت وبها مسامير وزجاج، لرميها على الطرق لشل حركة المرور الرئيسية ونشر الفوضى في البلاد.
وأعلنت وزارة الداخلية المصرية في بيان 2019 قيادة العمدة «تشكيلاً إخوانياً... يهدف إلى إحداث حالة من الفوضى بالبلاد من خلال القيام بأعمال تخريبية وقطع الطرق العامة وتعطيل حركة المرور ومحاولة نشر الفوضى وترويع المواطنين لتكدير السلم والأمن العام والإضرار بالمصالح القومية للبلاد». وأضافت أنه «عقد اجتماعات مع آخرين خارج البلاد وعبر الإنترنت للاتفاق على خطوات تنفيذ مخططهم على أن يتم تمويل ذلك المخطط من خارج البلاد عبر مجموعة من الكيانات الاقتصادية التابعة لجماعة الإخوان بالداخل».
وشهدت العلاقات المصرية - التركية مساعي للتقارب، بدأت من جانب أنقرة، بانطلاق جولة مشاورات في القاهرة في مايو (أيار) 2021 بين نائب وزير الخارجية السفير حمدي لوزا ونظيره التركي سادات أونال بعد تصريحات متتالية من مسؤولين أتراك برغبة أنقرة في إنهاء سنوات القطيعة مع مصر، تبعتها جولة أخرى في أنقرة في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وسبقت ذلك اتصالات عبر أجهزة الاستخبارات في البلدين واتخاذ السلطات التركية منذ 2020 خطوات لتقييد قنوات «الإخوان المسلمين» في إسطنبول. وأصدرت إليها تعليمات في فبراير (شباط) 2021، بوقف التحريض والبرامج التي تحوي مضموناً يتعلق بالشأن السياسي المصري.


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.