المنظمات الإسلامية الأميركية تدين هجوم تكساس

الـ«إف بي آي» حققت مع أحد منفذي الهجوم بخصوص ميوله المتطرفة

نقل جثماني المسلحين اللذين تورطا في هجوم تكساس (أ.ب)
نقل جثماني المسلحين اللذين تورطا في هجوم تكساس (أ.ب)
TT

المنظمات الإسلامية الأميركية تدين هجوم تكساس

نقل جثماني المسلحين اللذين تورطا في هجوم تكساس (أ.ب)
نقل جثماني المسلحين اللذين تورطا في هجوم تكساس (أ.ب)

بينما نشرت صحيفة «دالاس مورننغ نيوز»، كبرى صحف دالاس (ولاية تكساس)، حيث هجم رجلان، ثم قتلا، على معرض لصور كاريكاتيرية عن النبي محمد، رأيا رئيسيا دافع عن حرية التعبير، سارعت المنظمات الإسلامية الأميركية وأدانت الهجوم. في نفس الوقت، تواصل الشرطة التحقيق في هوية الرجل الثاني، بعد أن أعلنت أن الرجل الأول هو التون سمبسون (31 عاما) الذي كان اتهم بتزوير وأكاذيب لها صلة بنشاطات إرهابية.
غير أن أجهزة إعلامية قالت إن الرجل الثاني هو نادر صوفي (34 عاما). وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إنها حصلت على وثائق توضح أن سمبسون كان وضع تحت المراقبة القضائية لثلاث سنوات، وذلك في عام 2011، بعد العثور على تسجيلات محادثات بينه وبين عميل يعمل لصالح مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي)، وفيها ناقشا السفر إلى الصومال للانضمام إلى «إخوانهم المتطرفين».
لكن، عجز الادعاء، عندما قدمت القضية إلى المحاكمة، عن إثبات أن سمبسون ارتكب جريمة لعلاقة بالإرهاب. رغم أنه ثبت أن سمبسون كذب على المحققين عندما نفى أنه ناقش فكرة الذهاب إلى الصومال. في نفس الوقت، قال والد سمبسون إن ابنه «اختار خيارا سيئا ببساطة».
وقال البيت الأبيض إن «الرئيس باراك أوباما يظل يتطلع على التحقيقات في الموضوع». وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش ارنست: «لا يمكن لأي شكل من أشكال التعبير عن الرأي أن يبرر أي عمل عنيف».
ونقلت مصادر إخبارية متعددة أن تنظيم داعش أكد على موجات الإذاعة الخاصة به أن اثنين من «جنود الخلافة» نفذا الهجوم. وبالنسبة للرجل الثاني، نادر صوفي، نقلت مصادر إخبارية عن بعض أصدقائه أنه كان عاش في باكستان لعدة سنوات. وأكدت شرطة «إف بي آي» أنه لم يكن تحت المراقبة.
وأمس، قالت افتتاحية صحيفة «دالاس مورننغ نيوز»، كبرى صحف دالاس: «استعملت باميلا غيلار (التي نظمت المعرض) حقها الدستوري، واقتربت من الخط الفاصل بين الإثارة الدينية والإساءة، تخصصت في الإساءة إلى الإسلام. ربما نتمنى لو عالجت الموضوع ببعض الاحترام. لكنه لم تفعل ذلك، وذلك حقها».
وأضافت الافتتاحية: «كما شاهدنا في الهجوم على صحيفة (شارلي إيبدو) في باريس، يجب أن نفرق بين المسلمين العنيفين والمسلمين المسالمين. يجب على الذين يدينون بالإسلام حقيقة أن يصمدوا أمام مجرد رسم كاريكاتيري. والذين يقرأون كتابهم المقدس يجدون آيات متكررة عن صبر المؤمنين أمام الإساءات». وكانت اشتباكات وقعت يوم الأحد الماضي، بين شرطة ومسلحين خارج معرض عن منافسات عن رسوم كرتونية للنبي محمد في ولاية تكساس. وأدت الاشتباكات في غارلاند، من ضواحي مدينة دالاس، إلى قتل الشرطة لرجلين مسلحين وصلا في سيارة إلى مكان المعرض، ثم بدآ يطلقان النار على الشرطة التي تحرس المعرض.
وبدأ المحققون يدققون في خلفيات المسلحين اللذين كانا يتشاركان السكن بحسب صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، بعد أن فتحا النار الأحد على معرض مثير للجدل لرسوم تصور النبي محمد.
وأردى شرطي المسلحين قبل تمكنهما من الدخول إلى المركز في غارلاند في ضواحي تكساس.
ولم يصدر تبن مؤكد للهجوم لكن عددا من وسائل الإعلام الأميركية تمكن من تحديد هويتي المسلحين، وهما التون سيمبسون البالغ 31 عاما ونادر صوفي البالغ 34 عاما.
وتشارك الرجلان السكن في فينكس، أريزونا، بحسب الصحيفة فيما بثت قناة «سي إن إن» صورا لمداهمة الـ«إف بي آي» للمكان.
ونظمت المعرض «فريدوم ديفنس انيشاتيف» (مبادرة الدفاع عن الحرية) المتطرفة، ورئاستها في نيويورك. ودعت إلى أن يرسم مشتركون رسومات كرتونية عن النبي محمد في قاعة كالويل. ووعدت بمنح جائزة 10 آلاف دولار للفائز الأول. وفي الشهر الماضي، بعد نقاش عن الموضوع، أعلن المسؤولون في غارلاند أنهم لا يقدرون على منع المعرض بسبب حرية التعبير.
وحسب صحيفة «دالاس مورننغ نيوز»، دفعت المنظمة لاستئجار 40 رجل أمن لحراسة ما سمي «محمد أرت أكسيبيت» (معرض فنون محمد). وكانت المنظمة نظمت، قبل شهرين، محاضرات في نفس المكان عن الإسلام، وقوبلت المحاضرات بمظاهرات مضادة.
وكانت باميلا غيلار، مديرة منظمة «مبادرة الدفاع عن الحرية»، قالت لوكالة «أسوشييتد برس» إن «الهدف من المعرض هو تأكيد أن الولايات المتحدة وطن حر لكل الأحرار». وليلة السبت، في مؤتمر ضاحية غارلاد، تحدثت غيلارد عن «أهمية حرية التعبير»، وعن «رفض الخنوع للذين يفرضون آراءهم علينا».
وتحدث في المؤتمر، أيضا، غيرت فايلدرز، اليميني الهولندي الذي اشتهر بإعلان عدائه للإسلام. وقدم شيكا بمبلغ 10 آلاف دولار للفائز الأول، بوش فوستاين. وفي وقت لاحق، غردت: «يوضح هذا الحادث مدى الحاجة لمثل هذا المعرض الذي أقمناه. تتعرض حرية التعبير لهجوم عنيف هنا في بلادنا». وغردت: «السؤال الآن هو: هل سوف نقف وندافع عنها؟ أو سنرضخ للعنف، والبلطجة، والوحشية؟».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.