هيمنة نسائية على مشاريع «البحر الأحمر السينمائي»

هناء العمير: عملي مقتبس من «غواصو الأحقاف»... وفهمي فرحات: أتناول نهاية العالم

المخرجة هناء العمير -  المخرج فهمي فرحات
المخرجة هناء العمير - المخرج فهمي فرحات
TT

هيمنة نسائية على مشاريع «البحر الأحمر السينمائي»

المخرجة هناء العمير -  المخرج فهمي فرحات
المخرجة هناء العمير - المخرج فهمي فرحات

لائحة أعمال غنية بالقصص الشيقة والأسماء الواعدة، اختارها مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي للمشاركة في برنامج معمل البحر الأحمر لعام 2022، تضمنت 12 مشروعاً سينمائياً، نصفها مشاريع سعودية، مع حضور نسائي طاغٍ، إذ شكلت المرأة 50 في المائة في مجالات الإخراج والإنتاج والتأليف من مجمل هذه الأعمال.
وتحدث لـ«الشرق الأوسط» أصحاب مشاريع سينمائية مشاركة، حول قصص أعمالهم، متفقين على أن هذا الاختيار هو بمثابة الفرصة العظيمة التي تذلل لهم كل الصعوبات وتسهم في تطوير الأعمال التي يخططون لها، في برنامج تطوير وتدريب مكثّف بالتعاون مع تورينو فيلم لاب، وهو ما يرونه يدعم جهوداً كثيفة لتكون السعودية المركز السينمائي الأول في المنطقة.

هناء العمير: «غواصو الأحقاف»
تدور في واحة مُتخيلة
استوقفت رواية «غواصو الأحقاف» للكاتبة السعودية أمل الفاران، صدرت عام 2016 المخرجة السعودية هناء العمير، لتقتبس منها قصة فيلمها «مواسم الحب والحرب»، الذي ألفته بالشراكة مع الكاتبة والمنتجة سهى سمير، في عمل يأتي بعد سنتين من العمل الدؤوب، ليتم اختياره ضمن باقة المشاريع.
تقول العمير لـ«الشرق الأوسط»: هي «رواية رائعة جداً، تدور في واحة مُتخيلة، وتحكي قصة 3 قبائل، متناولة حقبة زمنية تتراوح بين منتصف العشرينيات من القرن الماضي». ورغم أن الرواية تقص الحكاية في واحة متخيلة فإن طبيعة الحياة وتفاصيلها تنتمي إلى الكثير من المناطق في السعودية خلال ذاك الوقت، كما تشير العمير.
يضاف لذلك تناول الرواية لحياة القبائل ما بين الأخذ بالثأر، إلى جانب صعوبة المعيشة آنذاك بالتزامن مع كوارث يعايشها أبطال العمل لتجمعهم سوياً، ثم تأتي مشاكل أخرى، ويسيطر فكر الانتقام والأخذ بالثأر عليهم، مما يُدمر حالات الحب بسبب هذه الخلافات، وتتابع العمير قائلة: «الرواية غنية بالكثير من المواضيع، وفيها كم كبير من التفاصيل الجميلة».

فهمي فرحات: «لعنة إرم»
يحمل الرعب والإثارة
المخرج فهمي فرحات الذي اختير عمله «يأجوج: لعنة إرم» يوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه ضمن نوعية أفلام نهاية العالم، التي تتحدث عن البشر وكيف يتعايشون في مثل هذه الظروف الصعبة، ويردف: «هو فيلم رعب وإثارة اجتماعي، أحداثه تدور حول مسافرين على متن حافلة سياحية، يتجهون لرؤية المنطقة الأثرية التي تم اكتشافها حديثاً تحت كثبان الربع الخالي (إرم ذات العماد)، وفي طريقهم يصطدمون بوباء يحوّل الناس إلى متوحشين من آكلي لحوم البشر».
ويشير فرحات إلى أن المسافرين ينقسمون هنا إلى 3 فئات، الفئة الأولى مؤمنة بأن ما حدث هو تطور لمرض كورونا ويجب الوقاية منه واتخاذ الإجراءات الصحية، والفئة الثانية ترى في ذلك عملا إرهابيا يستوجب الحرب، والفئة الثالثة تعتقد أن هذه من علامات يوم القيامة وظهور «يأجوج ومأجوج» كما جاء في الإرث الإسلامي.
يقول فرحات: «دمجنا بين الواقع والخيال في فيلم يتحدث عن المجتمع أكثر من تناوله للوحوش والزومبي». مفصحاً بأنه يتقدم للمرة الثانية بهذا العمل، حيث لم يكن بالجاهزية نفسها خلال العام الماضي، وبسؤاله عن أهمية اختيار عمله، يجيب: «هذه هي الفرصة التي نبحث عنها منذ سنوات طويلة، بأن تعطينا جهة كبيرة وقوية المجال لتطوير عملنا بالطريقة الصحيحة».

المشاريع المختارة
بقية المشاريع السعودية المشاركة تنوعت كذلك موضوعاتها، وجاءت بعناوين شيقة، منها «آخر أيام الصيفية» من تأليف وإخراج محمد الجبرين وإنتاج رغد باجبع، وعمل «عش الغربان» إخراج وتأليف فراس المشاري مع تقوى علي وإنتاج رزان الصغير. وعمل «القبس» من إخراج وتأليف لجين حسين مع عبد الرحمن حكيم وإنتاج عبد الرحمن حكيم، وعمل «تهويدة» من تأليف وإخراج عمر العميرات وإنتاج أسد الكريمي.
أما المشاريع العربية المشاركة، فتضمنت 6 مشاريع توزعت بين مصر والجزائر ولبنان، منها عمل «المستعمرة» (مصر، فرنسا) من تأليف وإخراج محمد رشاد وإنتاج هالة لطفي، وعمل «من الربع إلى الخميس في الجزائر العاصمة» (الجزائر، فرنسا) تأليف وإخراج صوفيا دجاما وإنتاج أوريلي تورك، وعمل «هابيل قابيل» (مصر، الولايات المتحدة، فرنسا) تأليف عمر موليك وإخراج دينا عامر وإنتاج كريم أمير.
إلى جانب عمل «دوغماس» (الجزائر، فرنسا) تأليف وإخراج صلاح إسعاد وإنتاج تقي الدين إسعاد، وعمل «حزب العلكة» (لبنان) تأليف راني نصر وإخراج سماح القاضي وإنتاج ميشيل أيوب، وأخيراً عمل «عائشة لا تستطيع الطيران بعد الآن» (مصر) تأليف وإخراج مراد مصطفى وإنتاج سوسن يوسف.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة اختيار المشاريع المشاركة ضمت: المديرة التنفيذية لتورينو فيلم لاب سافينا نيروتي، ومديرة الدراسات في معمل الأفلام الطويلة لتورينو فيلم لاب فيوليتا بافا، ومديرة معمل البحر الأحمر جمانة زاهد، والمديرة التنفيذية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شيفاني بانديا مالهوترا، ومدير البرنامج العربي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي أنطوان خليفة، ومدير البرنامج الدولي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي كليم أفتاب. في حين دعم جهود لجنة الاختيار كل من الكاتبة والمخرجة السعودية فايزة أمبة، والكاتب والناقد المصري محمد سيد، والممثل اللبناني المحاضر في جامعة نوتردام زياد صعيبي.


مقالات ذات صلة

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».