أزواج هنود يصممون أطفالهم بمواصفات الجنس الأبيض

البشرة فاتحة والشعر أشقر والعيون خضراء أو زرقاء من بين الخصائص

تأتي الهند في المرتبة الثانية على العالم بعد المملكة المتحدة من حيث إنتاج أطفال الأنابيب
تأتي الهند في المرتبة الثانية على العالم بعد المملكة المتحدة من حيث إنتاج أطفال الأنابيب
TT

أزواج هنود يصممون أطفالهم بمواصفات الجنس الأبيض

تأتي الهند في المرتبة الثانية على العالم بعد المملكة المتحدة من حيث إنتاج أطفال الأنابيب
تأتي الهند في المرتبة الثانية على العالم بعد المملكة المتحدة من حيث إنتاج أطفال الأنابيب

البشرة الفاتحة، والشعر الأشقر، والعيون الخضراء أو الزرقاء هي من بين الخصائص التي يطلبها الأزواج الهنود مؤخرا في أطفالهم المحتملين.
تأتي البويضات والحيوانات المنوية من متبرعين من إسبانيا ودول شرق أوروبا. وتتكلف البويضة الواحدة ما بين ألف و5 آلاف دولار بناء على عوامل محددة مثل الصحة البدنية والخلفية التعليمية.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فهناك ما يقرب من 25 مليون زوج ممن يعانون من العقم في الهند وحدها والأرقام في تزايد مستمر. ويتجه معظمهم إلى تقنيات التلقيح الصناعي رغبة في الحمل. والأكثر من ذلك، فإن تلك التقنية تتيح لهم حرية (تصميم) المولود الجديد.
يسافر المتبرعون الشبان الجذابون من دول أوروبا الشرقية، من أوكرانيا وليتوانيا وجورجيا وأرمينيا وروسيا البيضاء، إلى الهند في بعض الأحيان بتأشيرات سياحية لأجل التبرع بالحيوانات المنوية أو البويضات استعدادا لتحمل إجراءات الخصوبة الطبية تحت التخدير في كاليفورنيا أو بوسطن لقاء 750 جنيها إسترلينيا مقابل كمية محددة، والتي تشحن فيما بعد إلى عيادات الخصوبة الهندية. لذلك، فالأجانب الزائرون للهند أو المقيمون فيها يجري استغلالهم للإنجاب، بالوكالة، لأطفال ذوي بشرة جلدية فاتحة وعيون ملونة.
تريد شوبنها دايال لوليدها أن يتمتع بأفضل بداية حياتية ممكنة. وبالنسبة لتلك الأم، التي لم تنجب بعد والبالغة 32 عاما، وتعمل مديرة تنفيذية في شركة من الشركات الكبرى في دلهي، وهي حامل الآن في شهرها السابع في جنين جاء من بويضة لامرأة أميركية والحيوانات المنوية لزوجها الهندي. تشعر دايال بتفاؤل كبير بأن طفلها سوف يولد ببشرة أشبه في لونها بلون «الحليب» الصافي.
بدأ النزوع الهندي إلى البشرة الشقراء خلال فترة الاستعمار الأجنبي للبلاد، حينما غزت الجيوش البرتغالية، والفرنسية، والهولندية، ثم الإنجليزية الهند. معظم هؤلاء كانوا يعتبرون الهنود قبيحي المنظر.
يرجع الهوس بالبشرة الشقراء بين الهنود بعدما أرادوا أن يكونوا أكثر قبولا في نظر حكامهم المستعمرين. وكانت هي نفس الفترة التي درس فيها الهنود في المدارس التي تخضع للإشراف البريطاني والبعثات الأوروبية، حيث بدأ الهنود في الإعجاب بالمستعمرين ذوي البشرة الفاتحة.
يقول الدكتور انوب غوبتا من مختبر أبحاث الإخصاب الصناعي في دلهي: «نتلقى نحو 10 - 15 طلبا يوميا لقاء الأطفال ذوي البشرة الشقراء. ويطلب الكثير من الأزواج أطفالا أكثر جمالا، وأفضل منظرا ولا يخشون من التقدم بطلب ذلك. ولتلبية تلك الطلبات، نحاول التواصل مع السياح الأجانب، حيث يعود عليهم الأمر بأرباح جيدة. كما أننا نجري كل الفحوصات الطبية اللازمة، حيث نكون على حذر من أن يكونوا من متعاطي المخدرات وقد يكون لهم الكثير من الشركاء»، حسبما أفاد الدكتور عبر الهاتف لمراسل «الشرق الأوسط».
تقول الطبيبة ريتا باكشي، وهي خبيرة التلقيح الصناعي وتدير المركز الدولي للخصوبة في دلهي (والمسجل لدى المجلس الهندي للأبحاث الطبية): «يطلب الأزواج الذين يأتون لأجل التلقيح الصناعي بويضة أو حيوان منوي من المتبرعين. وبمجرد تفسير الإجراء لهم فإنهم يبدءون في طلب بعض المواصفات للجنين - يجب على المتبرع أن يكون متعلما، وأشقر، وعيونه زرقاء».
تضيف الطبيبة باكشي قائلة «تتكلف بويضة المتبرع من الأصول المنغولية - القوقازية مبلغ 2500 - 3000 دولار. وتختلف التكلفة باختلاف المؤهلات العلمية، والطول، ولون العيون في بويضة المتبرع».
وعلى الرغم من الحظر الهندي المفروض على تصدير الخلايا التناسلية البشرية وفقا لتوجيهات المجلس الهندي للأبحاث الطبية فإنه ما من لوائح تحظر استيراد الحيوانات المنوية من الخارج.
يقول ديليب باتيل من مركز كريوس الدولي، وهو بنك للحيوانات المنوية ومقره الدنمارك ويمتلك فرعا في مومباي الهندية: «في الهند، تعتبر الحكومة الحيوانات المنوية سلعة من بين السلع الأخرى». غير أن مركز كريوس، رغم ذلك، لا يتعامل إلا مع العيادات والمستشفيات فقط، وليس مع المرضى. ويتابع باتيل فيقول «ترسل لنا العيادات الملف الطبي بالمواصفات للشخص الذي يبحثون عنه، والذي يتضمن لون الجلد، والعين، والشعر، ونوع الديانة، والمهنة. فنعمل على إيجاد العنصر المتطابق ثم نرسله إليهم».
وفقا لمؤسسة «ويز كيد يونغ بوس» ومقرها في دلهي، تقول فيفيك كوهلي وشاغاتجيت سينغ، إنهما «يقدمان تلك الخدمات لعدد صغير ولكنه متزايد من العملاء - بنسبة تبلغ 15 في المائة - والذين، لأسباب كثيرة، لا يرغبون في استخدام البويضات الهندية أو حتى إيجاد موطئ قدم لهم في الهند حتى يحصلوا على الطفل الذي طالبوا به».
بالنسبة لحالات اليأس الواضحة للأسرة المتكونة حديثا، فإن تلك الفئة التي يطلق عليها مسمى «الآباء المقصودين»، صارت أكثر إلحاحا في المواصفات التي يطالبون بها، والكثير منهم يطلبون أطفالا يخرجون من فئة جينية تزيد من إمكانية عدم الشبه مع الوالدين الأصليين وتكون ذات شعر أشقر وعيون ملونة (وأن يكون الطفل جذابا ورياضيا وذكيا من ضمن بنود الصفقة).
وضع كوهلي وسينغ وفقا لذلك بروتوكولا يعمل تقريبا على هذا المنوال: «بعد الفحص بعناية للأمراض الوراثية واختبارات الذكاء، فإن البويضات الأنثوية الجذابة للمتبرعات من دول مثل أوكرانيا وليتوانيا وجورجيا وأرمينيا وروسيا البيضاء، يجري الإعلان عنها في بيان منشور على الإنترنت يسهل على الآباء المحتملين تصفحه. وإذ إن البويضات البشرية لا يمكن تجميدها أو نقلها من دولة إلى أخرى، فإن أولئك المتبرعين يسافرون بأنفسهم إلى الهند، في ذروة الدورة الشهرية الأنثوية، حيث يجري استخراج البويضات وتخصيبها بالحيوانات المنوية للأب الهندي».
يحذر خبراء العقم، رغم ذلك، من أن الحصول على الطفل (المصمم) من الأمور العسيرة وذات التكاليف الباهظة. فهناك الكثير من الأوراق المطلوبة والتصديقات من الهيئات الحكومية على ذلك.
جاء صدقات صالح (هذا ليس الاسم الحقيقي) برفقة زوجته من الكويت باحثين عن متبرع ذي بشرة شقراء. ويقول صالح الذي جاء إلى دلهي لإجراء عملية التلقيح الصناعي هناك بعد تجربتين سابقتين فاشلتين «إننا نشعر بامتنان بالغ لأن توأمينا بيض مثل الحليب. ما من شك أن البشرة الشقراء لها قبول أفضل بكثير في كل المجتمعات فقد اخترنا المتبرع القوقازي لذلك». ولا يستطيع الزوجان الكويتيان الإنجاب بصورة طبيعية لفقدان صالح قدرته على الخصوبة إثر حادث تعرض له.
يعتبر الزوجان الكويتيان جزءا من عدد متزايد من سياح الخصوبة العالمية من الدول الغنية الذي يبحثون عن المواد الجينية ذات التكلفة المنخفضة لدى جميع الأطباء الهنود ذوي التدريب الراقي والناطقين بالإنجليزية.
تأتي الهند في المرتبة الثانية على العالم بعد المملكة المتحدة من حيث إنتاج «أطفال الأنابيب»، حيث جاءت أول مولودة هندية بتلك الوسيلة بعد 67 يوما فقط من أول مولود بريطاني بذات الوسيلة في عام 1978.
لم يرغب جيري ومايا، وهما زوجان لا أطفال من روسيا، في استخدام البويضات الأنثوية الهندية. لذلك، أرادا متبرعا ذا مظهر جيد، وبشرة شقراء، وشعر فاتح. وبمساعدة من إحدى الوكالات، عثرا على متبرعة من المملكة المتحدة ذات أصول روسية. وبدأت المتبرعة في تلقي حقن الهرمونات لتحفيز عدد البويضات لديها. ثم سافرت المتبرعة إلى دلهي وتبرعت بالبويضات لقاء تكلفة باهظة بلغت 5000 دولار أميركي، مما ساعد المتبرعة الشابة على تمويل دراستها الطبية في إحدى جامعات ليتوانيا الأوروبية.
مع ذلك، لا تعتبر كافة عيادات وأطباء الخصوبة مستعدين لتلبية كافة طلبات الأزواج من المتبرعين ذوي البشرة الشقراء. حيث تشير الطبيبة ناينا باتيل من مركز «اكانكشا» للتلقيح الصناعي في مدينة اناند بولاية غوغارات الهندية إلى حالة جاء الزوجان إليها طالبين طفلا بعيون زرقاء وكانوا في حاجة إلى متبرع أجنبي. ولقد رفضت الطبيبة ناينا الطلب حيث شعرت بعدم أخلاقيته، وقالت «أخبرتهما بأننا سوف نستمر في الإجراءات إذا ما بحثا عما يريدان على شبكة الإنترنت، والعثور على مثل ذلك المتبرع، والإتيان بالحيوانات المنوية إلى المركز. غير أنني لم أكن على استعداد للبحث نيابة عنها عن مثل ذلك المتبرع».
في نهاية الأمر، تشكل حالة الأطفال (المصممين) مجالا كبيرا في علوم الطب والبحث العلمي، ولكن تظل الكثير من التساؤلات الأخلاقية عالقة في انتظار التعامل معها. وحتى الآن، فإن الكثير من الجمعيات الطبية الكبرى، تتخذ مواقف متباينة حيال متى وأين يمكن السماح بإجراء أو تطبيق تلك الأساليب. ولكن عند وصول طفل جديد إلى هذا العالم، يلتزم المجتمع بمسؤولية تحديد ما إذا كانت تلك التقنيات المستخدمة ذات فائدة حقيقية وفعلية أو أنها تصب في غير صالح الطفل الرضيع.
تقول الطبيبة ناينا باتيل «إحدى مخاوفي تكمن في أننا إذا تركنا الآباء يعتقدون أنهم، في الواقع، يختارون ويتحكمون في نتائج طفلهم الوليد، فإننا نؤسس لدينامية كاملة من التوقعات الاستبدادية المحتملة حيال ما سوف يفعله أو يكونه الطفل الجديد».
لا يعتقد الجميع بأن تلك القضايا الأخلاقية تثير ما تثيره من مخاوف.
حيث يستطرد الدكتور غوبتا فيقول «في حين أنها آمنة، إلا أن المكاسب المتوقعة مع المزاعم الطبية لا بد من تقييمها بعناية، والأطفال (المصممون) قد لا يثيرون جدلا أخلاقيا جديدا، بعد كل شيء. ولا أعتقد بوجود شيء خاطئ في محاولة أن يكون أطفالنا أكثر ذكاء أو لطفا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».