الحوثيون يتعمدون افتعال أزمة غاز الطهي لمضاعفة معاناة السكان

رغم حصول مناطق سيطرتهم على 55 % من إجمالي الإنتاج المحلي

TT

الحوثيون يتعمدون افتعال أزمة غاز الطهي لمضاعفة معاناة السكان

أظهرت وثائق وزعها ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي أن الميليشيات الحوثية تتعمد افتعال أزمة غاز الطهي في مناطق سيطرتها لمضاعفة معاناة السكان، وهو الأمر الذي أكدته من جهة أخرى البيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة الشرعية.
وتسببت الأزمة التي افتعلتها الميليشيات في ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 100 في المائة، وذلك بالتزامن مع إخفائها شحنة سفينة غاز كاملة منذ أسبوعين بعد دخولها ميناء الحديدة، ومحاولاتها تحميل الجانب الحكومي مسؤولية الأزمة الخانقة التي يعيشها السكان في مناطق سيطرتها منذ أربعة أسابيع، حيث وصلت معها أسعار الوقود إلى مستويات غير مسبوقة.
ووفق كشف حركة السفن في ميناء الحديدة بتاريخ 2 مارس (آذار) الجاري، وصلت الباخرة «Gaz Energy» محملة بـ(9488) طنا من الغاز المنزلي، ودخلت رصيف الميناء للتفريغ في هذا التاريخ، في حين اضطرت الميليشيات إلى الاعتراف بهذه الشحنة في 13 من الشهر ذاته، وقالت إنها بدأت بإفراغ حمولتها تمهيدا لتوزيعها في الأسواق، إلا أن ناشطين يقولون إن أكثر من نصف هذه الشحنة سيتم تخزينها لبيعها في السوق السوداء مع حلول شهر رمضان المبارك.
إلى ذلك أكدت مراسلات شركة «صافر» للغاز والموجهة إلى وكلائها في كل المحافظات أنها لم تدخل أي تعديلات جديدة على منذ اعتماد السعر الجديد في 24 من الشهر الماضي، وأظهرت هذه الوثائق كذب ادعاءات ميليشيات الحوثي عن رفع أسعار الغاز، حيث إن سعر الأسطوانة في مناطق سيطرة الحكومة أو سيطرة الميليشيات هو 2.8 دولار، أي ما يعادل 3550 ريالا في مناطق الميليشيات، بينما هي تبيعه للمستهلك بمبلغ 6 آلاف ريال بشكل رسمي، فيما تباع في السوق السوداء بحوالي 14 ألف ريال.
من جهته أكد محسن بن وهيط مدير شركة «صافر» للغاز أن 55 ‎ في المائة من إنتاج الشركة ذهب إلى مناطق سيطرة الميليشيات، موضحا أنه خلال العام الماضي أنتجت الشركة نحو 26 ألفا و687 مقطورة غاز ووزعتها على جميع المحافظات بحسب الكثافة السكانية، حيث كان نصيب المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثي نحو 14 ألفا و739 مقطورة غاز، أي ما يعادل أكثر من 32 مليون أسطوانة وبنسبة تفوق 55 في المائة من إجمالي الإنتاج.
وبين بن وهيط أن هذه الأرقام تدحض افتراءات الحوثيين وتكذب مزاعمهم بعدم إمداد مناطق سيطرتهم بمادة الغاز، وتكشف حقيقة تلاعبهم بها واستغلالها لتحقيق الثراء الشخصي لقادتهم وبيعها في السوق السوداء التابعة لهم بأسعار باهظة.
المدير التنفيذي للشركة اليمنية وخلال تدشينه العمل، بالنظام الإلكتروني لحركة المقطورات وتعزيز مستوى الرقابة والشفافية على حركتها، ذكر أن سعر أسطوانة الغاز المنزلي لم يتغير، حيث يحتسب سعر الأسطوانة الواحدة إلى مناطق ميليشيات الحوثي بمبلغ 1700 ريال من العملة القديمة المتداولة في مناطق سيطرتها - أي ما يعادل 2.8 دولار أميركي، وهو نفس السعر المعمول به في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
ومنذ أسابيع تحاول الميليشيات تضليل السكان حول أسباب أزمة الوقود الخانقة التي تعيشها مناطق سيطرتها، حيث شلت الحركة في العاصمة صنعاء مع وصول سعر صفيحة البنزين عبوة 20 لترا إلى ما يعادل 70 دولارا.
إلا أن الميليشيات وبعد كشف زيف ادعاءاتها حيث تحتجز المئات من ناقلات الوقود القادمة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، عادت وأدخلت جزءا من تلك الناقلات لكنها رفعت سعر الصفيحة بنسبة وصلت إلى 43 ‎في المائة، ثم عادت لتتهم الحكومة بوقف إمدادات الغاز عنها، ولكن عند رد الجانب الحكومي بالوثائق على تلك الادعاءات عادت وأقرت بدخول سفينة محملة بالغاز إلى ميناء الحديدة منذ أسبوعين، وتتحدث عن قرب انتهاء أزمة الغاز.
وتتحكم ثلاث شركات يمتلكها قادة في الميليشيات بتجارة وتسويق الوقود في مناطق سيطرتها، وهي شركة «يمن لايف» المملوكة للمتحدث الرسمي باسم الميليشيات عبد السلام فليتة المعروف باسم محمد عبد السلام ويديرها أخوه، وشركة «أول بريمر» التي يمتلكها القيادي الحوثي دغسان محمد دغسان، وشركة «الذهب الأسود» التي يملكها القيادي الآخر علي قرشة، وجميعهم يتحدرون من محافظة صعدة مركز ولادة هذه الحركة الانقلابية.
في السياق نفسه، اتهم وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني الميليشيات بأنها «تواصل وضع العراقيل أمام تدفق المشتقات النفطية والغاز لمناطق سيطرتها، وتختلق الأكاذيب لتضليل المواطنين، وتبرير سياسات الإفقار والتجويع التي تنتهجها بحقهم، والتلاعب بالكميات وبيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية للإثراء وتمويل مجهودها الحربي».
وأكد الإرياني في تصريحات رسمية، حرص الحكومة على توفير الاحتياجات الأساسية لكافة المواطنين دون تفريق وفي مقدمها «النفط، والغاز»، وقال إن الميليشيات في المقابل تقوم باحتكار تجارتها وتستخدمها أدوات للإخضاع والابتزاز والحشد للجبهات، وبيعها بأسعار مضاعفة دون اكتراث بالوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي والمعاناة الإنسانية المتفاقمة.
وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي «بممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي الإرهابية لوقف الاحتكار والتلاعب بإمدادات النفط والغاز القادمة من المناطق المحررة، وعدم وضع العراقيل أمام تداولها ووصولها للمدنيين بالأسعار الطبيعية».



مصر: الاحتفاء الواسع بـ«6 أكتوبر» يتفاعل مع الاضطرابات الإقليمية

الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: الاحتفاء الواسع بـ«6 أكتوبر» يتفاعل مع الاضطرابات الإقليمية

الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

برغم مرور 51 عاماً على حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، تشهد مصر منذ أيام احتفالات واسعة بالنصر على إسرائيل، الذي تحلّ ذكراه بالتزامن مع مرور عام من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي امتدّت تداعياتها مؤخراً إلى لبنان، وسط مخاوف «عميقة» من زيادة حدة الاضطرابات الإقليمية.

وتصدّرت وسومات #انتصارات_أكتوبر_المجيدة و#النصر، و#الضربة_الجوية، وغيرها الترند في مصر، مع مشاركات لمَشاهد مصوَّرة من الحرب، واحتفاء بقادتها، وعلى رأسهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، تزامناً مع احتفالات رسمية وعروض عسكرية وفنية كبيرة، عدَّها خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، تحمل في طياتها رسائل «طمأنة وردع»، في ظل الاضطرابات الإقليمية الحالية.

السيسي يرأس اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالقيادة الاستراتيجية ويهنئ الشعب المصري بذكرى 6 أكتوبر (الرئاسة المصرية)

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في منشور عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، الأحد: «سيبقى نصر أكتوبر المجيد نقطة فارقة في تاريخ مصر المعاصر، ورمزاً لشموخها وعزتها»، وأضاف: «النصر أكّد أن التلاحم بين الشعب والقوات المسلحة هو الحصن المنيع الذي يصون الدولة المصرية طوال تاريخها».

الاحتفالات بذكرى «6 أكتوبر» بدأت مبكراً مع حفل تخريج طلاب الكليات العسكرية، الخميس الماضي، الذي تضمّن عرضاً عسكرياً وفنياً «كبيراً ومبهراً»، عدّها مراقبون رسالة هامة، وتطرقت وسائل إعلام محلية عدة لرسائل الحفل، وفي برنامجه «على مسؤوليتي» على قناة «صدى البلد»، أشار الإعلامي أحمد موسى إلى تلك الرسائل، واحتفى بمقطع فيديو بثّ خلال الحفل يُظهر قوات الجيش المصري وهي تدمّر دبابات «ميركافا»، وطائرات «إف 35»، وقال إن هذا الفيديو «أرعب إسرائيل».

ونظمت القوات المسلحة المصرية معرضاً فنياً لإبداعات المحاربين القدماء، يستمر حتى الثالث عشر من شهر أكتوبر الحالي، بمقر «جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب» بالوفاء والأمل بمدينة نصر، كما نظمت هيئة البحوث العسكرية المعرض السنوي السابع عشر للثقافات العسكرية «ذاكرة أكتوبر 2024»، بـ«بانوراما حرب أكتوبر».

وبينما كثفت الفضائيات المصرية من عروضها الغنائية والسينمائية والدرامية التي تواكب ذكرى الحرب، حرص كبار رجال الدولة من وزراء ومسؤولين ومؤسسات رسمية على تهنئة الرئيس المصري احتفاءً بنصر «6 أكتوبر».

ولم يقتصر الاحتفال على الجانب الرسمي، بل امتد لوسائل الإعلام المحلية المقروءة والمسموعة والمرئية، عبر تقارير وأفلام تسجيلية وروائية تحتفي بالنصر، وببطولات قادة حرب «6 أكتوبر». وقالت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية المصرية، في أحد منشوراتها على «فيسبوك»: «نصر أكتوبر 1973... حرب أحدثت زلزالاً في إسرائيل».

وقال الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري، في منشور عبر حسابه على «إكس»: «ما أحوجنا اليوم إلى أن نستلهم روح أكتوبر، روح العزة والكرامة، لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه الوطن والأمة».

وشارك فنانون أيضاً في الاحتفاء، حيث كتبت الفنانة إنجي المقدّم، عبر حسابها على «إكس»: «في ذكرى نصر أكتوبر 1973، نحتفل بفخر ببطولات جيش مصر العظيم الذي أعاد للأمة كرامتها، واسترد أرضها، هذا اليوم سيظل رمزاً للإرادة والعزيمة التي صنعت المجد وحققت المستحيل».

وعدّ الخبير العسكري المصري اللواء سمير فرج هذا الاحتفاء الواسع بذكرى «نصر 6 أكتوبر»، بمثابة «رسالة طمأنة للشعب المصري»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاحتفاء الواسع يأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف في ظل استمرار الاضطرابات الإقليمية».

وأضاف: «كان لا بد من طمأنة المصريين بأن القوات المسلحة قادرة على الحماية والتطمين، وأيضاً توجيه رسالة للجيش بضرورة أن يكون مستعداً»، مشيراً إلى أن «الاحتفال هذا العام يحمل أيضاً رسالة لكل من يهمه الأمر خارج البلاد، مفادها أن مصر لديها جيش قوي، ولن تسمح لأحد أن يمسّ أرضها».

واتفق معه مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، العميد خالد عكاشة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الاحتفاء الرسمي الواسع أثبت جاهزية القوات المسلحة المصرية، وأنها تمتلك أحدث الأسلحة التي تتماشى مع العصر».

وأضاف: «الاحتفالات المصرية هذا العام حملت رسائل طمأنة للداخل المصري والمحيط العربي، وأكّدت أن القاهرة موجودة في قلب معادلة الاستقرار العربي والإقليمي».

من جانبه، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن الاحتفالات الرسمية بذكرى النصر جاءت «على النسق المعتاد متوافقةً مع الحدث التاريخي الجلل»، لكنها «توسّعت أكثر على المستوى الإعلامي محاوِلةً تحميل ذكرى النصر رسائل في ظل الاضطرابات الإقليمية بعد عام من حرب غزة التي لم يستطع أحد إيقافها حتى الآن»، وقال هريدي لـ«الشرق الأوسط»: «تم توظيف حرب أكتوبر هذا العام في ظل الاضطرابات الإقليمية».