«بافتا» تعزز فرصة الأوسكار لـ«قوة الكلب» بعد فوزه بجائزة أفضل فيلم

‫قطف 240 جائزة حتى الآن والعدّاد جارٍ‬

المخرجة جين كامبيون
المخرجة جين كامبيون
TT

«بافتا» تعزز فرصة الأوسكار لـ«قوة الكلب» بعد فوزه بجائزة أفضل فيلم

المخرجة جين كامبيون
المخرجة جين كامبيون

بفوز المخرجة النيوزيلندية جين كامبيون يوم أول من أمس بجائزتي BAFTA لأفضل فيلم وأفضل مخرجة عن فيلمها Power of the Dog «قوّة الكلب»، اقتربت، أو بالأحرى، أطبقت، على الجائزة الكبرى الأخيرة المتوقعة بعد أيام وهي الأوسكار. فهي مرشّحة هناك في ثلاثة عشر قسماً من أقسام المسابقة الكبرى من بينها مسابقة أفضل فيلم وأفضل مخرجة وأفضل تمثيل رجالي أول ومساند وأفضل تمثيل نسائي مساند وأفضل سيناريو وأفضل تصوير.‬

«دون»: فاز بخمس جوائز بافتا

أوكرانيا في البافتا
لم يكن إعلان فوزها بجائزتي أفضل فيلم وأفضل مخرجة في جوائز الدورة الـ74 «أكاديمية الفيلم والتلفزيون البريطانية» مفاجئاً. فمنذ أن انطلق فيلمها في ركاب موسم الجوائز وهي تنتقل من فوز لآخر حتى جمعت حتى الآن 240 جائزة ولو أن غالبيّتها من مؤسسات غير مشهورة وجمعيات نقدية وبعض المهرجانات المختلفة. لكن ضمن الأبرز من هذه الجوائز أربعة التقطتها من «ذا غولدن غلوبز» وواحدة من «نقابة المخرجين الأميركية» وثلاثة من «حلقة نقاد لندن» وجائزتان من مهرجان سانتا باربرا وواحدة من مهرجان فينيسيا الذي انطلق الفيلم منه أساساً حينما تم عرضه في مسابقة دورة العام الماضي.

بنديكت كمبرباتش بطل «قوة الكلب» وزوجته في حفل بافتا (د.ب.أ)

أتت جائزة البافتا هذا العام بين مناسبتين متلاحقتين: يوم السبت الماضي كان موعد جين كامبيون وفيلمها مع جوائز «نقابة المخرجين الأميركية» وفي اليوم التالي لـ«بافتا» خرجت نتائج مسابقة «جمعية اختيار النقاد» (Critics Choice Association) معلنة فوز الفيلم بـجوائز أفضل فيلم وأفضل تصوير وأفضل مخرجة.
في كل مناسبة، شوهدت جين كامبيون وهي ترفع الجائزة بيدها اليمنى لفوق رأسها وبابتسامة عريضة تكشف عن أسنان بيضاء كبيرة. كانت، بدليل المُشاهَد من الفيديوهات على النت، تعيش أهم لحظات حياتها هذه الأيام. وفي مناسبة واحدة على الأقل انتقدت ما قاله الممثل سام إليوت قبل نحو أسبوع من إنه لا يعتبر «قوّة الكلب» فيلم وسترن لأنه لا يقدّم صورة حقيقية للغرب الأميركي وأن الفيلم نفسه مغالى في تقديره. جواب كامبيون كانت شتيمة أطلقتها من على منصة البافتا.
شتيمة أخرى، أكثر حدّة، وجهتها مقدّمة حفل «بافتا» رَبل ولسون عندما رفعت أصبعها الأوسط لبوتين الذي لم يكن حاضراً وعلى الأغلب لم يكن حتى متابعاً لكن التحية ستصله بلا ريب.

جوانا سكانلان فازت بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم «بعد الحب» (أ.ب)

حضور أوكرانيا في شتى المناسبات الحالية أمر مفروغ منه، ليس بعدد المرّات بل بما يعتقد بعض المقدّمين وبعض الفائزين إن إبداء الرأي في الأزمة الأوكرانية دور إيجابي لا بد منه. وبما أن هذه المناسبات تُقام في لندن ولوس أنجليس فإنه من المتوقع أن يقدم البعض على ذكر أوكرانيا ومأساتها تماماً كما أدلوا سابقاً بدلوهم في قضايا مختلفة مثل المساواة بين الجنسين ووباء «كورونا» وأزمات سياسية كان من بينها قرار دونالد ترمب إقامة ذلك الحاجز بين المكسيك والولايات المتحدة ومنع بعض المرشّحين الأجانب في تلك المناسبات من دخول البلاد.
وكان رئيس الـ«بافتا» كرشنندو ماجومدار ذكر في كلمة الافتتاح أن الدورة مهداة إلى «شعب أوكرانيا وإلى أولئك الذين يغطّون الحرب، وكثير منهم أعضاء البافتا». وخلال تقديم جائزة أفضل مخرج، قام الممثل أندي سركيس بتوجيه لوم إلى وزيرة الداخلية بريتي باتل لـ«تلكؤهها في الترحيب باللاجئين الأوكرانيين».

«صيف الصول» أفضل فيلم تسجيلي (إ.ب.أ)

مرشّحون خاسرون
بالعودة إلى الجوائز ذاتها، تثير هيمنة «قوة الكلب» على جوائز البافتا (وباقي جوائز السينما هذا العام) تساؤلات محقّة حول كيف تتوجه الأصوات لدعم مرشّحين معيّنين دون سواهم. سام إليوت لم يكن على خطأ حين ذكر أن هذا الفيلم ليس فيلم «وسترن» فعلياً، كما وصفه الإعلام، لأنه لا يعبّر عن روح الغرب الحقيقية ولا شخصياته كذلك. إلى ذلك، لاحظ الممثل، الذي ما زال يؤدي أدوار راعي البقر في مسلسلات تلفزيونية أميركية، أيضاً أن المخرجة لم يكن لديها دوافع مهمّة لكي تصوّر فيلمها في نيوزيلاندا، بينما الغرب الأميركي موجود في أميركا ذاتها. وانتقد التمثيل والشخصيات وذلك الإيحاء بعلاقة مثلية بين بطل الفيلم بندكت كمبرباتش والشاب كودي سميت - ماكفي.
ترجمة ذلك إلى معاينة للأفلام الأخرى التي نافست «قوّة الكلب» على جائزة أفضل فيلم تكشف عن أن «بلفاست» (Belfast) و«دون» (Dune) على الأقل كانا جديرين بالفوز لولا الهالة التي احتلها «قوة الكلب» سريعاً. الوضع يتضح أكثر، لصالح كامبيون، حين النظر إلى حقيقة فوز كامبيون بجائزة أفضل مخرجة.
المرشحون في هذا السباق كانوا ستة: البريطاني عليم خان (After Love) «بعد الحب» والياباني رايوسوكي هاماغوتشي عن (Drive My Car) «قد سيارتي» والفرنسيتان أدوري ديوان عن «يحدث» (Happening) وجوليا دوكورناو عن «تيتان» والأميركي بول توماس أندرسن. على اختلاف الاهتمامات، فإن «قوّة الكلب» حمل تنفيذاً أدق وأصعب من سواه.
لكن «قد سيارتي» عوّض خسارته في هذا الركن من سباق البافتا بفوزه بجائزة أفضل فيلم أجنبي متجاوزاً الفيلم الإيطالي «يد الله» لباولو سورنتينو والفيلم الإسباني «أمهات موازيات» لبدرو ألمودوفار والفرنسي «أم صغيرة» لسيلين شياما والنرويجي «أسوأ شخص في العالم» ليواكيم تراير.
من ناحيته، فاز الفيلم الخيالي - العلمي «دون» (لدنيس فلنييف) بخمس جوائز من أصل 11 ترشيحاً هي «أفضل موسيقى» (لهانز زيمر) وأفضل تصوير (كريغ فرايزر) وأفضل تصميم إنتاج (باتريس فرميت وسوزانا سيبوس) وأفضل مؤثرات (فريق من 4 فنيين) وأفضل صوت (فريق من 5 فنيين).
«بلفاست»، الذي هو من نوع السيرة الذاتية لمخرجه كنيث براناه رُشح لست جوائز لكنه اكتفى بواحدة (أفضل فيلم بريطاني) وذلك ضد تسعة أفلام أخرى من بينها «لا وقت للموت» و«آخر ليلة في سوهو» و«منزل غوتشي».
جائزة الفيلم التسجيلي ذهبت لـ«صيف الصول» (Summer of Soul) الذي دار حول حفل غناء أقيم في هارلم في الستينات جمع عدداً كبيراً من مغني «الصول» لكن وسائل الإعلام لم تكترث لتغطيته. نافسه بقوّة على هذه الجائزة فيلم Flee الذي دخل كذلك سباق الأنيميشن لكونه فيلماً تسجيلياً مرسوماً (كذلك فيه صور حيّة).
أما جائزة أفضل فيلم رسوم فذهبت إلى «إنكانتو» (Encanto) الذي يتحدث، وبنجاح فني لافت، عن فتاة كولمبية تكتشف أنها الوحيدة بين أفراد عائلتها التي لا تتمتع بقدرات خاصة وسحرية.

في سباق أفضل ممثل مساند ذهبت الجائزة الأولى لتروي كوتسور عن دوره في «كودا» (أ.ب)

ممثلون وممثلات
ما سبق يكشف عن ضراوة التنافس بين الأفلام وهو كذلك حال الذين تنافسوا على جوائز التمثيل.
قام الممثل الأفرو - أميركي دانيال كالييويا بتقديم جائزة أفضل ممثلة التي ذهبت للممثلة جوانا سكانلان عن دورها في «بعد الحب». قبله بدقائق قامت سلمى حايك بتسليم جائزة أفضل ممثل لوَل سميث عن دوره في «الملك رتشارد».
بالنسبة لـ«بافتا» أفضل ممثلة في دور أول كان التنافس على أشدّه بين ليدي غاغا (عن بطولتها لفيلم «ذا هاوس أوف غوتشي» وبين جوانا سكانلان. وبعض توقعات المتابعين البريطانيين فإن ألانا هاييم كانت بدورها على وشك الفوز.
في مجال التمثيل النسائي المساند، خرجت اللاتينية أريانا دَبوز بالجائزة عن دورها الاستعراضي الراقص «وست سايد ستوري»، وهي فازت بالجائزة عنوة عن أداء قوي من كاتريونا بالفي عن «بلفاست» وجيسي بكلي عن «ابنة مفقودة».
رجالياً، في قسم «أفضل ممثل» خسر ليوناردو ديكابريو الفرصة أمام ول سميث (عن «الملك رتشارد) إذ تم ترشيحه عن «لا تنظر لأعلى» (Don‪'‬t Look Up) علماً بأن ترشيحه جاء مصحوباً بتساؤلات كون ديكابريو يقود الفيلم إنما ضمن عدد آخر من النجوم مما جعله، في نظر المنتقدين، غير مؤهل للترشّح لهذه الجائزة. الخاسر الأكبر هنا هو بندكت كمبرباتش عن «قوة الكلب»، وهو بالفعل كان مظهرياً في أدائه أكثر من متفاعل عمقاً بدوره.‬
في سباق أفضل ممثل مساند ذهبت الجائزة الأولى لتروي كوتسور عن دوره في «كودا». الخاسر الأساسي هنا هو سياران هيندز عن «بلفاست» وكودي سميت - ماكفي عن «قوّة الكلب». هيندز هو - عملياً - أفضل الثلاثة.
اللافت في كل ذلك، أن الأسماء الواردة في سباق الـ«بافتا» نسخة متكررة (في معظمها) لتلك المرشّحة للأوسكار. والعديد ممن فازوا بالبافتا لديهم حظ كبير في أن يقطفوا النجاح ذاته في السابع والعشرين من الشهر الحالي عندما تُقام الدورة الـ94 للأوسكار.
هذا أيضاً ما سيحدث للأفلام، مثل «بلفاست» و«قوّة الكلب» و«الملك رتشارد» و«وست سايد ستوري»، من بين أخرى، كونها وردت هنا ووردت في ترشيحات الأوسكار.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».