تقدم المفاوضات يسابق التصعيد العسكري في أوكرانيا

قتلى في غارة روسية على قاعدة عسكرية فيها «أجانب»... والكرملين لا يستبعد قمة بوتين ـ زيلينسكي

نقل رجل إلى المستشفى بعد إصابته في الغارة الجوية التي استهدفت قاعدة «نوفويافوريسك» غرب أوكرانيا أمس (أ.ب)
نقل رجل إلى المستشفى بعد إصابته في الغارة الجوية التي استهدفت قاعدة «نوفويافوريسك» غرب أوكرانيا أمس (أ.ب)
TT

تقدم المفاوضات يسابق التصعيد العسكري في أوكرانيا

نقل رجل إلى المستشفى بعد إصابته في الغارة الجوية التي استهدفت قاعدة «نوفويافوريسك» غرب أوكرانيا أمس (أ.ب)
نقل رجل إلى المستشفى بعد إصابته في الغارة الجوية التي استهدفت قاعدة «نوفويافوريسك» غرب أوكرانيا أمس (أ.ب)

برزت أمس مؤشرات على تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات الروسية الأوكرانية، التي تواصلت خلال اليومين الأخيرين، عبر تقنية الفيديو كونفرنس. وتحدث الطرفان عن «تطور جدي» في مسار المفاوضات، التي تجري بالتزامن مع تشديد الضغط العسكري الروسي على عدد من المناطق الأوكرانية، وخصوصاً العاصمة كييف وماريوبول في جنوب البلاد. كما شهدت المجريات الميدانية أمس تطوراً ملحوظاً، مع استهداف معسكر في غرب أوكرانيا، قالت موسكو إنها قتلت فيه 180 من «المرتزقة الأجانب»، ودمرت شحنات عسكرية أرسلها الغرب لمساعدة أوكرانيا، بينما قالت كييف إن الأمر يتعلق بـ«مركز دولي لحفظ السلام والأمن يعمل فيه مدربون أجانب».
وحمل إعلان الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، عدم استبعاد ترتيب لقاء يجمع الرئيسين الروسي والأوكراني جديداً أمس، على الرغم من أنه ربط التوصل إلى اتفاق نهائي في هذا الشأن بمسار المفاوضات الثنائية الجارية حالياً. وقال بيسكوف إن «المحادثات بين الوفدين الروسي والأوكراني تتناول، بين أمور أخرى، الشروط التي قد تتيح عقد لقاء على المستوى الرئاسي، ومن السابق لأوانه الحديث عن النتائج حالياً، لكن هذا الموضوع يعمل عليه وفدا البلدين».
جاء ذلك تعليقاً على تصريح لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أشار إلى أنه خلال اتصال هاتفي أجراه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أبلغه الأخير أنه لا يعارض الاجتماع مع نظيره الأوكراني.
في الاتجاه ذاته، قال ميخائيل بودولياك، مستشار الرئاسة الأوكرانية، إن بلاده على اتصال مع إسرائيل وتركيا كي تعمل وسيطاً في تنظيم مفاوضات محتملة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وفلاديمير زيلينسكي.
وزاد أن البحث يتركز عن مكان من الممكن التفاوض فيه، حيث تتوفر ضمانات أمنية. والأمر الرئيسي هو أننا نعمل على صياغة مجموعة من الاتفاقيات التي ستأخذ في الاعتبار مواقف أوكرانيا. وعندما يتم الاتفاق على ذلك، سيصبح بمقدور الرئيسين الاجتماع والعمل على البنود النهائية لمعاهدة السلام.
وأعرب المسؤول الأوكراني عن أمله بأن «يجري اللقاء في المستقبل المنظور (...) الطريق إلى عقده لم يعد طويلاً»، مع أنه استدرك أن الحديث لا يدور عن «يومين أو 3 أيام، سيستغرق الأمر بعض الوقت. لكننا سنحاول تحقيق ذلك في أقرب وقت ممكن».
وبدا أن التقدم الذي تحدث عنه الطرفان الروسي والأوكراني في المفاوضات الثنائية دفع إلى تنشيط الحديث عن قمة محتملة لبوتين وزيلينسكي. وأكد عضو الوفد الروسي ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما الروسي، تحقيق «تقدم جدي في المفاوضات مع أوكرانيا، تحديداً في المجالين العسكري والإنساني».
وزاد أن التطور «قد يؤدي إلى موقف واحد للتوقيع على وثائق ثنائية سيكون لها دور مهم في تسوية الأزمة القائمة». وأكد عضو الوفد الروسي سعي موسكو إلى حل الأزمة الراهنة، مضيفاً أن «مصيرنا أن نبقى جيراناً مع أوكرانيا، وعلينا العيش بحسن جوار».
بدوره، أكد الرئيس الأوكراني على ارتياح لمستوى التقدم الحاصل في المفاوضات، وقال إن الطرفين انتقلا من «لغة الإنذارات إلى حديث جدي حول المسائل التي يمكن التوصل إلى تفاهمات بشأنها».
من جانب آخر، أشاد سلوتسكي بمواقف الدول العربية حيال الأزمة الحالية، وقال، في إطار تعليقه على زيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى موسكو، إن بلاده «تثمن بشكل عالٍ مواقف دول الخليج، وخصوصاً الإمارات والسعودية وقطر، إزاء العملية الروسية في أوكرانيا، وعدم انضمام هذه البلدان إلى مواقف عدائية لروسيا».
وكان الناطق باسم الخارجية القطرية، ماجد بن محمد الأنصاري، أعلن في بيان أن «الزيارة تأتي في مرحلة حرجة، نظراً للظروف التي يعيشها العالم نتيجة التصعيد في أوكرانيا»، مؤكداً سعي الدوحة إلى دعم الجهود الدولية الرامية إلى تهيئة الظروف اللازمة لبلوغ حل سلمي للأزمة، وزاد أن وزير الخارجية القطري الذي وصل إلى موسكو أمس يسعى إلى التأكيد على أن «الحل السلمي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة»، مع الدعوة إلى «ضرورة تضافر الجهود لحل الأزمة بشكل عاجل، وفق ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي».
وجاءت زيارة آل ثاني إلى موسكو بعد اتصالات هاتفية أجراها مع لافروف ووزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا.
على صعيد آخر، استعدت موسكو لمواجهة تخلفها المحتمل عن سداد جانب من الديون الخارجية المستحقة هذا الشهر، وأعلن وزير المال الروسي أنطون سيلوانوف أن حجم احتياطي الذهب والنقد الأجنبي للبنك المركزي الروسي، الذي تم تجميده بسبب العقوبات الغربية، يبلغ نحو 300 مليار دولار.
وقال سيلوانوف إن هذا الرقم يعادل «نحو نصف الاحتياطيات التي كانت بحوزتنا. لدينا إجمالي احتياطيات تبلغ نحو 640 مليار دولار، ونحو 300 مليار منها الآن في حالة لا يمكننا استخدامها».
رغم ذلك، أكد سيلوانوف أن روسيا لن تتخلى عن التزامات ديونها السيادية، لكنها تنوي سدادها بالروبل حتى تتراجع الدول الغربية عن تجميد احتياطياتها من الذهب والعملات الأجنبية، مشيراً إلى أن هذا أمر «عادل تماماً» في الظروف الحالية.
وأشار الوزير إلى أن الغرب يضغط على الصين للحدّ من وصول روسيا إلى احتياطياتها من اليوان، معرباً عن اعتقاده بأن «شراكتنا مع الصين ستظل تسمح لنا بالحفاظ على التعاون الذي حققناه، وتطويره في الظروف التي تغلق فيها الأسواق الغربية بوجهنا».
وترى مؤسسات غربية أن إعلان موسكو عزمها تسديد الديون بالروبل سوف يعني تخلفاً عن السداد، ما يضع تبعات جدية على الاقتصاد الروسي.
ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس في إيجاز يومي حصيلة العمليات العسكرية، وقالت إنها «حيّدت» منذ بداية الحرب 3687 منشأة عسكرية أوكرانية عن الخدمة، ودمرت نحو 100 طائرة و128 مسيرة.
وقال الناطق باسم «الدفاع الروسية»، إيغور كوناشينكوف، إن الأهداف المدمرة تشمل 99 طائرة، و128 طائرة مسيرة، و1194 دبابة وعربة قتال مصفحة أخرى، و121 راجمة صواريخ، و443 قطعة من المدفعية الميدانية ومدافع الهاون، و991 قطعة من المركبات العسكرية الخاصة.
وزاد أن وحدات من القوات المسلحة الروسية تقدمت لمسافة تصل إلى 14 كيلومتراً في الساعات الـ24 الماضية، وسيّطرت جراء العمليات الهجومية على المناطق الجنوبية من بلدات بلاغوداتويه وفلاديميروفكا وبافلوفكا ونيكولسكويه في دونباس.
وأشارت الدفاع الروسية إلى أن وحدات من قوات لوغانسك واصلت عملياتها الهجومية، وحاصرت بلدة بوروفسكي بشكل كامل وتحصنت في الضواحي الشمالية لبلدة بوباسنايا، كما أغلقت مداخل مدينة سيفيرودونيتسك من الشرق والجنوب.
لكن الأبرز أمس، كان إعلان وزارة الدفاع الروسية أنها استهدفت قاعدة عسكرية للتدريب في غرب أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى، وقال الناطق العسكري: «في صباح يوم 13 مارس (آذار)، هاجمت أسلحة طويلة المدى عالية الدقة مراكز تدريب القوات المسلحة الأوكرانية في قرية ستاريتشي وفي ساحة التدريب العسكرية في يافوروفسكي، وفي هذه المنشآت، نشر نظام كييف نقطة للتدريب والتنسيق القتالي للمرتزقة الأجانب قبل إرسالهم إلى مناطق القتال ضد العسكريين الروس، وكذلك هناك قاعدة تخزين للأسلحة والمعدات العسكرية القادمة من دول أجنبية». وأوضح أن العملية أسفرت عن قتل 180 «مرتزقاً أجنبياً» وتدمير شحنة كبيرة من الأسلحة التي أرسلها الغرب إلى الأوكرانيين. وتعهد المسؤول العسكري أن موسكو «سوف تستمر في تحييد المرتزقة الأجانب الذين وصلوا إلى الأراضي الأوكرانية».
من جانبها، قدّمت كييف روايتها للغارة بقولها إن «روسيا هاجمت المركز الدولي لحفظ السلام والأمن حيث يعمل مدربون أجانب هناك»، من دون أن يحدد ما إذا كانوا حاضرين وقت الضربات.
وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف: «هذا هجوم إرهابي جديد ضد السلام والأمن قرب حدود الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. يجب أن نتحرك لوقف هذا. أغلقوا الأجواء!». مكرراً دعوة كييف لإنشاء منطقة حظر طيران، وهو طلب رفضه حلف شمال الأطلسي خشية توسع نطاق النزاع. وبحسب حصيلة محدثة، أعلنها حاكم المنطقة مكسيم كوزيتسكي، قُتل جراء الضربات 35 شخصاً وأصيب 134 آخرون.
بموازاة ذلك، تواصل القوات الروسيّة قصف الجنوب الأوكراني حيث سقط 9 قتلى في ميكولاييف، فيما تأمل مدينة ماريوبول المحاصرة في وصول قافلة مساعدات إنسانيّة أمس.


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».