تركيا تجدد رفضها الانضمام للعقوبات على روسيا

أنقرة طلبت من موسكو المساعدة في إجلاء الأتراك من مسجد «السلطان سليمان»

TT

تركيا تجدد رفضها الانضمام للعقوبات على روسيا

جددت تركيا موقفها الرافض للعقوبات على روسيا وإغلاق مجالها الجوي أمامها بسبب تدخلها العسكري في أوكرانيا. وبحث الرئيس رجب طيب إردوغان في إسطنبول تطورات الأزمة مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن موقف أنقرة غير المؤيد للعقوبات الاقتصادية على روسيا سيظل كما هو ولن يتغير، وإنه موقف مبدئي وواضح منذ بداية الأزمة في أوكرانيا. وأضاف جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي في ختام منتدى أنطاليا الدبلوماسي أمس (الأحد): «قلنا إننا سننفذ المواد الخاصة باتفاقية مونترو عند اللزوم، عندما ننظر إلى اتفاقية مونترو لا يمكننا إغلاق المجال الجوي كما فعلت الدول الأوروبية، ونعتقد أن العقوبات لن تحل المشكلة».

مبادرات أخرى
ولفت جاويش أوغلو إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نظيره التركي رجب طيب إردوغان بأنه لا يعارض الاجتماع الثلاثي الذي عقد في أنطاليا (جنوب تركيا) الخميس الماضي، بينه وبين نظيريه وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا، مضيفاً أن المفاوضات الجادة مستمرة بين وزيري خارجية أوكرانيا وروسيا، وهناك مبادرات من جهات أخرى أيضاً، «ونحن دولة يثق بها الطرفان، على الرغم من وجود اختلافات بيننا، سواء كانت العضوية في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أو بسبب سياسة الحياد التي ننتهجها خلال الأزمة، لكن هناك إمكانية لاتفاق سلام شامل».
وأضاف: «نحن نرى أن الآراء بشأن بعض القضايا تتقارب، لكن يجب أولاً التوصل إلى وقف لإطلاق النار، من الضروري التفاوض بهدوء في بيئة صمت، وكما أسهمنا في بدء هذه العملية وشجعناها نريد أن يفضي هذا إلى سلام ووقف لإطلاق النار واتفاق». وأشار جاويش أوغلو إلى أن مسجد السلطان سليمان القانوني في مدينة ماريوبول الأوكرانية لم يتضرر من الحرب، وأن وزارة الخارجية التركية على اتصال بالمواطنين داخل المسجد، وأنهم طلبوا الدعم من وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لإجلاء الأتراك من هناك.
وأضاف: «لدينا مواطنون يقيمون في مناطق النزاع، وأكدنا وجوب فتح ممر إنساني لخروج المواطنين... لسوء الحظ لم نتوصل إلى طريقة فتح الممر حتى الآن، لدينا مواطنون في المسجد هناك، ونحن نتواصل معهم، وللأسف اختفت البنية التحتية للمدينة بالكامل، والهواتف الجوالة لا تعمل، إلا أنه لا يوجد ضرر للمسجد، وطلبنا من لافروف دعمنا للإجلاء، وبعد هذا الإجلاء نكون قد أجلينا أكثر من 90 في المائة من مواطنينا هناك».

مدينة ماريوبول
كانت السلطات الأوكرانية أعلنت، أول من أمس (السبت)، قصف الجيش الروسي مسجداً في مدينة ماريوبول المحاصرة، لجأ إليه 80 مدنياً بينهم أطفال ورعايا أتراك. وقالت منظمة «أطباء بلا حدود»، في وقت سابق، إن الوضع في المدينة الساحلية «ميؤوس منه»، وإن المدنيين يحاولون الفرار ويعانون من نقص المياه والتدفئة، وإن المواد الغذائية على وشك النفاد.
وأضاف جاويش أوغلو أن الصراع الجاري على مدينة ماريوبول (التابعة لجمهورية دونيتسك الشعبية، التي اعترفت بها روسيا مؤخراً، بينما تعدها كييف وأنقرة مدينة أوكرانية) عبارة عن حرب شوارع، وأن الجانب التركي يتواصل مع كل الأطراف لإجلاء المواطنين الأتراك من هناك.
وعند إعلان قيام جمهورية دونيتسك الشعبية في عام 2014، كانت ماريوبول، التي يبلغ عدد سكانها نحو 450 ألف نسمة، ثاني أكبر مركز سكني في هذه الجمهورية بعد عاصمتها دونيتسك. لكن في يونيو (حزيران) من العام ذاته، استعادت قوات الأمن الأوكرانية السيطرة على ماريوبول، وأصبحت ضواحيها الشرقية واحدة من أكثر أماكن الصراع سخونة في أوكرانيا.
في غضون ذلك، بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، على مأدبة غداء في إسطنبول أمس، تطورات الأزمة الروسية - الأوكرانية وتأثيراتها المحتملة على المنطقة. وجاء لقاء إردوغان وميتسوتاكيس كمحاولة جديدة لدفع جهود خفض التوتر وتحقيق التقارب بين الدولتين الجارين العضوين في الناتو في ظل الهجوم الروسي على أوكرانيا.

التوتر بين أنقرة وأثينا
وتصاعد التوتر بين أنقرة وأثينا في السنوات الماضية، وشهدت العلاقات ملفاً خلافياً جديداً معقداً يتعلق بالصراع على مواد الطاقة في شرق البحر المتوسط وترسيم الحدود البحرية في المنطقة. وبلغ التوتر ذروته في صيف عام 2020 عند محاولة تركيا القيام بأعمال تنقيب عن النفط والغاز في المياه المتنازع عليها شرق البحر المتوسط، غير أن استئناف المفاوضات الثنائية عام 2021 بضغوط من الاتحاد الأوروبي على تركيا ووساطة من جانب حلف الناتو، سمح بانفراج نسبي في العلاقات واستئناف جولات المباحثات الاستكشافية بين البلدين حول الملفات الخلافية المعلقة في بحر إيجة وشرق المتوسط.
وأبدى ميتسوتاكيس استعداده للمساهمة في الحوار «بطريقة بناءة، خصوصاً أن البلدين يبديان قلقهما إزاء التطورات الإقليمية». وقال خلال اجتماع مجلس الوزراء اليوناني الأربعاء الماضي: «بصفتنا شريكين في الناتو، مطلوب منا التحرك في ظل الظروف الحالية من أجل محاولة إبقاء منطقتنا بعيداً عن أي أزمة جيوسياسية أخرى والتنديد بانتهاك روسيا القانون الدولي». وأضاف: «إن كانت هناك خلافات بيننا، هذا لا يعني، خصوصاً في ظل الأوضاع الحالية، أنه لا ينبغي التحاور»، معرباً في الوقت نفسه عن «تطلعات محسوبة وواقعية» للقائه مع إردوغان.
والتقي ميتسوتاكيس، قبل لقاء إردوغان، بطريرك القسطنطينية المسكوني بارثلماوس الأول، الزعيم الروحي للأرثوذكس في العالم.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.