نادين نجيم بلا تكلُّف «مع الشريان»

أعدّت له «الباستا» واستعادا أبرز المحطات

نادين نجيم تعدّ «الباستا» لداود الشريان
نادين نجيم تعدّ «الباستا» لداود الشريان
TT

نادين نجيم بلا تكلُّف «مع الشريان»

نادين نجيم تعدّ «الباستا» لداود الشريان
نادين نجيم تعدّ «الباستا» لداود الشريان

تطفو محبة عميقة بين نجمة من لبنان هي نادين نسيب نجيم وإعلامي من السعودية هو داود الشريان. يدق جرس الباب، فتسارع إلى استقباله بحفاوة، «والله اشتقنالك». يدخل حاملاً هدية يقول إنها مفاجأة. مضيفته بالأبيض الأنيق، ساحرة الإطلالة، تُبدي تجاهه كل احترام. حلقة أخرى من «مع الشريان»، تمرّ بلا تكلُّف.
تحضّر له القهوة المُرة، كما يحبها، وإلى جانبها قطع الشوكولاتة. يجلس محاورها كأنه في بيته. فهو يشعر بتقدير صاحبة الدار وحُسن ضيافتها. حتى إنه قبل أن يغادر، قال لها إنّ أداءها الدرامي ممتاز، لكن شخصيتها في المنزل هي المذهلة. إطراء على طريقته في قراءة الصداقات.
يحدّثها عن جمالها، وهو خليط بين اللبناني لجهة الأب والتونسي لجهة الأم، مع الميل للملامح المتوارثة من الخالة. خمسة أبناء في عائلة تولّت الأم إمساك شؤونها، بوجود أب منحها الثقة. تكاد نادين نجيم ترغب في إفلات الدمع، وهي تتأمل دولاب الزمن. ففي الحرب، حمت الأم أولادها بغياب الأب العالق أربعين يوماً في جونية. وفي انفجار المرفأ، كادت الابنة تُقتل، فإذا بالأم بعيدة بالمسافة، لكنها دائمة الخوف على صغيرتها، تهرع لنجدتها في القصف والعصف.
لم يكن حواراً صحافياً بقدر ما كان حديثاً حميمياً. ولم يجتمعا تحت سقف منزل ليتحدثا كغرباء. تحمل له مودة ويحمل لها محبة. وبين صداقتهما، تمرّ الأسئلة، فتخرج من قلب الشريان إلى قلب مَن تجلس أمامه بكامل حضورها. تُخبره عن أدوارها الأولى وتشاركه مصادفات حياتها، يوم ألحّ عليها الكاتب شكري أنيس فاخوري للعب دور البطولة، بعدما كان التمثيل خارج أولوياتها لإحساسها بالخجل والقلق من النتيجة.
يبحث الشريان عن لحظات عفوية تمنح الحلقة (إم بي سي) بساطة. يُذكّر نادين نجيم بابنة الـ19 عاماً وهي تحمل لقب «ملكة جمال لبنان» بعد منافسة محتدمة أمام كاميرا تلفزيون الواقع. 24/7. ويحمل إليها خليطاً من المشاعر. لم تكن تعرف عند أي مفترق ينتظرها نجاحها. خطر لها تعلّم الطب ومداواة عذابات المرضى، وشاء القدر ألا يُسهّل طريقها. وفكرت في أن تصبح ضابطة، بحكم التحاق كثيرين من عائلتها بالسلك العسكري، ومرة أخرى تدخّل فعرقل. نصيبها الضوء والشهرة، وأن تكون «الممثلة النجمة، لا النجمة الممثلة»، كما نصحها النجم السوري غسان مسعود، فأذعنت لنصيحته.
ترتدي «مريول» المطبخ وتعدّ الطعام للضيف. تعلم ما يفضل وترضي ذوقه: حرّ وثوم، والأخير «شغلة كبيرة»، أي صانع النكهات وسيد اللذائذ في الوجبات. وبينما تحرّك الطماطم مع الصلصة، وتُريح المعكرونة في الماء الساخن لتليين جمودها، يحدّثها الشريان في المشروعات المقبلة. يسألها إن كان «البزنس» المنتظر هو افتتاح مطعم. تضحك قبل النفي، «فإن فعلت سأكسب كيلوغرامات كثيرة. أحب الأكل».
هو أيضاً يشاركها حب المطبخ، مع حرصه على نظامه الصحي: زيت زيتون عوض زيوت القلي، وملح خاص. أكلته المفضلة، كل الأكلات. وأكلتها المفضلة، «الورق بعنب». يطمئن الشريان إلى أنها تحضّره مع الأرز واللحم، وحين يُلحّ الجوع، يسبقها إلى تناول الكعك المجفف. تستوي «الباستا» فينقضّان لالتهام المشهد الشهي.
تُخبره أنها تتفرّغ لمشروعها المتعلق بعالم المرأة وجمالها. لا ينسى أنها نجمة لديها محطات يحلو التوقف عندها. يعيدها إلى «صالون زهرة» ويتركها تتكلم عن الشخصية. تحب مآسيها الممزوجة بقهقهات عالية، وإصرارها على التجاوز، والأهم «شو فيها هالحياة؟ كلو رايح!». ويعيدها إلى «عشرين عشرين» بشخصيتَي «حياة» و«النقيب سما»، وإلى العلاقة بمنى واصف، يوم التقتها في «سمرا»، ثم «الهيبة»، فتختار من بين الأوصاف الكثيرة ما يشبهها: «مثقفة، ومحترمة، ومتواضعة، وتاريخ عريق».
بعد «الباستا»، يذكّرها بفتح الهدية. وبالفعل تتفاجأ. تشعر نادين نجيم بالأمان لوجود الفيتامينات في منزلها، خصوصاً لردع «كورونا»، فيأتي إليها الشريان بمجموعة من نكهات مختلفة. يكملان الحديث، فيسألها إن درست التمثيل حتى بلغت اليوم مرتبة النجومية.
منذ البداية، قررت أنها مهنة مُتعبة، فإما أن تأخذها على محمل الجد أو تبحث عن أخرى. لم تتلقَ التعليم الأكاديمي، فهي خرّيجة إدارة أعمال، أكملت دراستها بعد نيلها لقب جميلة جميلات لبنان. ولصقل النفس، استعانت بكتب أحضرتها من هوليوود، فقرأت وتثقفت. الموهبة متوهجة، الخبرة راحت تتراكم مع الوقت، وهي اليوم في الصدارة.
حديث هادئ، وإن كان الموضوع صاخباً كالزواج والطلاق. لا يجرّه الشريان إلى الفضيحة، ويُبعده عن الدوران حول ما يعني النجمة وعائلتها، لا جميع البشر. يأخذ العبرة فقط، فيسأل: «لو أردتِ الزواج ثانية، هل كانت المعايير لتتغيّر؟». لا تفكر مرتين: «طبعاً». وتشرح، مُبقية على الخصوصية، أنها تزوجت في السابعة والعشرين، ونظرة المرء تختلف مع التجارب والوقت، لذلك تحسبها اليوم بطريقة مغايرة. لا تسيء ولا تنبش قبور الماضي.
مؤلمة استعادة لحظات الدم وهو يغطي وجهها عصر ذلك الصيف، ونادين نجيم تروي بصلابة ما جرى. ظنّت أنها فقدت النظر، ورحمة الله دائماً أوسع. ترك لها عينين تريان عظمته في كل شيء.


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».