«النيل من مكانة الدولة المالية»... تهمة جديدة في القانون السوري

تشديد العقوبات المتعلقة بالنشر في المواقع الإلكترونية

TT

«النيل من مكانة الدولة المالية»... تهمة جديدة في القانون السوري

أفادت تسريبات بدمشق بإضافة مواد تتعلق بتشديد العقوبات على كل مَن أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو نشر على شبكة الإنترنت أخباراً تؤدي إلى زعزعة النقد وأسعار الصرف في النشرات الرسمية، إلى مشروع قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية الذي سيناقشه مجلس الشعب (البرلمان) في دمشق، الأسبوع المقبل، وتنص الإضافات على معاقبة مرتكبي جريمة «النيل من مكانة الدولة المالية» بالسجن المؤقت من 4 إلى 15 سنة وغرامة مالية من 5 إلى 10 ملايين ليرة سورية.
وكانت وزارة الاتصالات السورية قد أثارت جدلاً واسعاً لدى طرحها، نهاية العام الماضي 2021، مشروع تعديل قانون «مكافحة الجريمة المعلوماتية» رقم 17 لعام 2012 للمناقشة أمام مجلس الشعب.
ورأى كثير من السوريين في مشروع القانون المطروح «تكميماً للأفواه» لضبابية تسميات الجرائم مثل «النيل من هيبة الدولة» و«النيل من هيبة الموظف العام».
وكشفت صحيفة «الوطن» المحلية يوم الأربعاء عن أن اللجنة المشتركة والخاصة لمناقشة مشروع قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية أنهت مناقشتها للمشروع، الأسبوع الماضي، بعد تعديل العديد من المواد، وإضافة مواد أخرى لم ترد في نسخة مقترح وزارة الاتصالات.
وتتألف اللجنة المشتركة المكلفة بمناقشة مشروع القانون من لجنتي الإعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والشؤون التشريعية والدستورية في مجلس الشعب، وقد قامت بإضافة مادة تتعلق بـ«النيل من مكانة الدولة المالية» بالتوازي مع اضطراب الأسواق السورية وتدهور قيمة الليرة السورية على وقع الأحداث الأوكرانية.
وعمدت السلطات في دمشق ومنذ بدء الحرب في أوكرانية إلى تشديد القبضة الأمنية على السوق الموازية للصرافة، وجرى توقيف أبرز الصرافيين، مع زيادة تقييد حركة تداول الأموال بين المحافظات؛ فبعد قرار اتخذه المصرف المركزي برفع مبلغ السحب اليومي من مليونين ليرة إلى خمسة ملايين، صدر قرار مناقض له بتخفيض السحب اليومي إلى مائتي ألف، وذلك بهدف كبح تدهور قيمة الليرة التي هبطت خلال أسبوعين بنسبة 10 في المائة لتبلغ قيمة الليرة أمام الدولار الأميركي 3785 ليرة للشراء و3795 مبيع.
وتتكامل مادة «النيل من مكانة الدولة المالية» مع المادة المتعلقة بـ«النيل من هيبة الدولة» التي يتهم بها عادة المعارضين للنظام، وتجدد الجدل حول هذه المادة لدى إدراجها في مشروع قانون الجرائم الإلكترونية لضبابية توصيفها، وبدل توضيحها حافظت اللجنة على نص المشروع الذي اقترحته وزارة الاتصالات، مع رفع قيمة الغرامة المالية من مليونين إلى خمسة ملايين ليرة، وأصبحت المادة بعد الاتفاق عليها في اللجنة «يعاقب بالسجن المؤقت من ثلاث حتى خمس سنوات وبغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين ليرة سورية كل من قام بإحدى وسائل تقانة المعلومات بنشر أخبار كاذبة على الشبكة، من شأنها النيل من هيبة الدولة أو المساس بالوحدة الوطنية أو إثارة الرأي العام».
ومن المواد التي أضافتها اللجنة على مشروع القانون، الجرائم الواقعة على الدستور وتشمل كل من ينشر ما يسيء للدستور عبر الشبكة، ويعاقب بالسجن المؤقت من 7 إلى 10 سنوات. كما أضافت اللجنة مادة متعلقة بمكافحة المخدرات الرقمية والمؤثرات العقلية حيث يعاقب بالسجن المؤبد وبالغرامة من 5 إلى 10 ملايين ليرة كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً على الشبكة بقصد الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية. بحسب ما ذكرته جريدة «الوطن».
في المقابل، تم تخفيف عقوبة «جريمة القدح والتحقير» بحق الأشخاص، وكذلك بحق الموظف أثناء ممارسته عملاً عاماً، كما أنها فرقت بين النيل منه أثناء ممارسته لعمله العام، وخارج أداء عمله ودمج المادتين مع بعضهما، فأصبحت المادة بعد تعديلها من اللجنة أنه يعاقب بالحبس من 10 أيام إلى شهرين، وغرامة لا تتجاوز 200 ألف ليرة سورية كل من قام بإحدى وسائل تقانة المعلومات باقتراف القدح أو التحقير بأحد الناس بشكل علني على الشبكة، وتشدد العقوبة إلى ستة أشهر وغرامة 500 ألف ليرة إذا اقترف القدح أو التحقير بحق المكلف بعمل عام أثناء ممارسته لعمله أو بسببه.
بينما نص المشروع الذي وضعته وزارة الاتصالات ينص على أن «يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة 500 ألف ليرة إلى مليون ليرة كل من قام بإحدى وسائل تقنية المعلومات بنشر أمر على الشبكة ينال من شرف موظف عام أو كرامته في معرض ممارسته لوظيفته».
كما تم تشديد الغرامة المالية لـ«الجرائم المتعلقة بالاحتيال المعلوماتي»، لتصل إلى خمسة ملايين ليرة سورية، إذا وقع الاحتيال على جهة عامة أو مصرف أو مؤسسة مالية، بالإضافة إلى السجن المؤقت (من 5 إلى 7 سنوات).



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.